57 عامًا على عيد الجلاء.. الكفاحُ مُستمرٌّ لطرد الغزاة الجدد
المسيرة: محمد ناصر حتروش
يحيي اليمنيون سنويًّا الذكرى الـ 57 لعيد الجلاء الـ 30 من نوفمبر، ذكرى طردِ آخر جندي بريطاني من جنوب اليمن.
وتعد هذه الذكرى محطة يستلهم منها اليمنيون الدروس والعِبَر من تضحيات الأجداد العظماء ودورهم النضالي في مواجهة الاحتلال وطرده من البلاد وتحقيق الاستقلال.
وفي يوم الرابع عشر من أُكتوبر 1963م أشعل أحرار اليمن الثورة ضد الاستعمار البريطاني من جبال ردفان بقيادة الشهيد راجح غالب لبوزة، لتكلل بعد أربعة أعوام من الكفاح المسلح والنضال بالنجاح الكبير والانتصار التاريخي المتمثل في جلاء آخر بريطاني من عدن، لتعلن على إثرها قيام جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبيّة.
وفي كلمته الأخيرة حول آخر مستجدات العدوان على غزة، اعتبر السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي -يحفظه الله- ذكرى 30 نوفمبر محطةً من محطات التاريخ المشرق لشعبنا في عيد الجلاء ودحـر المحتلّ البريطاني عن بلدنا الـ 30 من نوفمبر.
وقال: إن هذه الذكرى تعد “محطةً تُذكِّرُ شعبَنا العزيز بأهميّة التحَرّك وحتمية الموقف وحتمية الانتصار وفيها الكثير من الدروس المهمة”.
مخطّط تآمري لاستهداف البلد:
وفي السياق، يؤكّـد محافظ عدن طارق مصطفى سلام، أن “الشعب اليمني يعتبر عيد الثلاثين من نوفمبر المجيدة محطةً لاستلهام الدروس والعبر من تضحيات الأجداد الذين كافحوا وناضلوا وضحوا بالغالي والنفيس في سبيل تحرير البلد من الاستعمار البريطاني”.
ويوضح أن “الشعب اليمني منذ قديم الزمن وحتى اللحظة يراكم الخبرات والتجارب في مواجهة الغزاة والمحتلّين”، مبينًا أن اليمن سُمِّيَ بمقبرة الغزاة والمحتلّين وذلك لدور الشعب اليمني العظيم والكبير في مواجهة الغزاة وتلقينهم الدروس، منوِّهًا إلى أن “المحتلّ الجديد المسيطر على الجنوب هو امتداد للاحتلال القديم”، ومؤكّـدًا أن الشعبَ اليمني سيواصلُ نضالَه حتى دحر الغزاة الجدد.
ويشير سلام إلى أن الأجدادَ استطاعوا هزيمة الاستعمار البريطاني تلك الإمبراطورية العظمى التي لا تغيب عنها الشمس، ومن ذلك التاريخ وهو يراكم خبراته في مواجهة المحتلّ القديم والجديد، لافتًا إلى أن الجيل اليوم هو امتداد للجيل القديم الذي استطاع إركاع الإمبراطورية الكبرى التي كانت لا تغيب عنها الشمس وأرغمتها على الرحيل من البلد.
ويشدّد بأنه مهما اختلفت المسميات والمصطلحات التي يستخدمها الاحتلال الجديد إلا أن الهدف يظل واحدًا، وهو احتلال البلد ونهب ثرواته ومقدراته.
ويذكر سلام أن الشعب اليمني في الجنوب لا يستطيع إحياءَ عيد الـ30 من نوفمبر المجيدة؛ بسَببِ للإجراءات القمعية التي يمارسها المحتلّون الجدد وأدواتهم في المنطقة، موضحًا أن المحتلّين الجدد -ممثلين بالنظام السعوديّ والإماراتي ومن خلفهم أمريكا و”إسرائيل” وبريطانيا- يسعون لتمرير مخطّطاتهم التدميرية للبلد من خلال أدواتهم الداخلية.
ويلفت إلى أن الغزاة يمارسون سياسة استنزاف القوى الوطنية، من خلال مشاريعهم الطائفية والعنصرية التي يشعلون فتيلها في كافة المحافظات المحتلّة.
ويشير إلى أن الشعب اليمني يخوض اليوم معركة الوعي في مواجهة الاحتلال وَالتي سينتصر فيها حتمًا، مشدّدًا بأنه مهما طال أمد الاحتلال فَــإنَّ مصيره الحتمي هي الهزيمة والمغادرة وأنه لا يمكن التحرّر من الاستعمار إلا بالكفاح المسلح والنضال.
مخطّط تآمري على البلد:
بدوره يؤكّـد الناشط السياسي الدكتور مشعل الردفاني، أن “عيد الثلاثين من نوفمبر هو تتويج لثورة 14 أُكتوبر وتضحيات الثوار الأحرار الذين كافحوا وناضلوا وقدموا تضحيات جسام في سبيل الدفاع عن الوطن وطرد الاحتلال”.
ويوضح في تصريح خاص لـ “المسيرة” أنه “في الذكرى المجيدة لعيد الثلاثين من نوفمبر المجيد يستذكر اليمنيون كيف اصطف الأجداد من مختلف المحافظات اليمنية شمالًا وجنوبًا وشكّلوا جبهةً قويةً لمواجهة الاستعمار البريطاني، حَيثُ أثمرت في طرد الاحتلال وتحقيق الاستقلال”.
ويبيّن الردفاني أن “الحراك الثوري استمر لأربعة أعوام متواصلة مقدمًا أروع البطولات في المواجهة والتضحيات ليرغم الاستعمار على الرحيل ومغادرة البلد بعد أن استمر عدوانه مئة وتسعة وعشرين عامًا”.
يذكر أنه وعلى الرغم من استمرار الاستعمار البريطاني طيلة هذه المدة، متحكمًا بمقدرات الوطن، جاثمًا على كافة الشعب اليمني إلا أن الكفاح المسلح والنضال بوجه الاستعمار أثمر خلال مدة وجيزة جِـدًّا، وأسهم في إنهاء الاحتلال.
ويشير الردفاني إلى أن “اليمنيين سيمضون على درب أجدادهم في مواجهة الاحتلال الجديد للجنوب، وَأن الأطماع الاستعمارية في نهب خيرات البلد، والتحكم بمقدراته دفعت الغزاة لاحتلال الجنوب بذرائع وطرائق وحجج واهية، جاعلين من مرتزِقة الداخل بيدقًا بأيادي الغزاة الأجانب”.
ويدعو الردفاني كافة الشعب اليمني إلى التوحد وتوجيه بوصله العداء صوب الغزاة المحتلّين لجنوب البلد والذين جعلوا من المحافظات المحتلّة مسرحًا لمخطّطاتهم التآمرية.
ويعاني أبناء المحافظات المحتلّة من غلاء في المستوى المعيشي بفعل الانهيار الاقتصادي، إضافة إلى غياب الخدمات الحكومية وانعدام الأمن؛ الأمر الذي جعل الكثيرين من الأحرار يطالبون برحيل الاحتلال الإماراتي والسعوديّ واللذين يتعمدان في نشر الفوضى الخلاقة؛ بهَدفِ ديمومة الاحتلال.
من جهته كتب الناشط الإعلامي حميد رزق قائلًا: “عيد 30 نوفمبر جدير بالإجلال والإكبار وهو ذكرى الصمود والفداء والبذل والتضحية سعيًا للحرية وطلبًا للاستقلال”.
وأضاف: “نحن معنيون بدراسة ثورة 14 من أُكتوبر والـ30 من نوفمبر والاستفادة من مكاسبها في ظل معركتنا الوطنية الكبرى ضد الاستعمار الجديد”.
بدورها اعتبرت الناشطة بشرى السقاف، “30 نوفمبر نقطة تحول في مفهوم الهُــوِيَّة الوطنية الجامعة لليمنيين”.
وأكّـدت في منشور لها على مِنصة “إكس” أن عيد 30 نوفمبر “بداية للاعتماد على الذات والسيادة الوطنية التي ناضلت؛ مِن أجلِها ثورة 14 أُكتوبر، ليكون اليمن حُرًّا وكريمًا، يمنح الحق للمواطن في وطنه، ويبني ويعمر ويشيد وقد تخلَّص من الاستبداد والاستعمار البغيضين”.
ويبقى عيد الثلاثين من نوفمبر المجيد نبراسًا للأحرار والثوار وشاهدًا تاريخيًّا على أن اليمن لا يقبل بالغزاة المحتلّين مهما طال الزمن أَو قَصُرَ.