الـ 30 من نوفمبر.. حريةٌ واستقلال

خديجـة المرّي

إنجاز كبير، تحقّق لشعب عظيم، بعد كفاحٍ ونضالٍ مارسه اليمنيون، وبعد مواجهة عدوٍّ يسعى لبلد حر بالإذلال والتمزيق، ولكنهُ فشل بالتأكيد؛ وأصبحت اليمن نقطة تحول في تاريخها ورقمًا صعبًا لكل الأعداء والمُتغطرسين.

سيظل الـ30 من نوفمبر يومًا مشهودًا وخالدًا في أنصع صفحات التاريخ اليمني الحديث، وسيظل اسمُهُ محفورًا في حنايا ذاكرة هذا الشعب العظيم؛ لارتباطه بحدثٍ عظيم شهدهُ مُعظم أبناء شعبنا العزيز، وهو خروجُ آخر جندي بريطاني من جنوب اليمن، وإسقاط وإفشال مشروع الجنوب العربي، وإفشال المؤامرات والتدخلات الأجنبية في الشعب اليمني.

عانى أبناء اليمن في الجنوب مُعاناةً صعبة؛ بسَببِ الاحتلال البريطاني لشعبهم الذي كان يُمارس كُـلّ أساليب البغي والقمع والتعذيب، كما استخدم كُـلّ وسائل السيطرة على بعضٍ من المحافظات الجنوبية واستخدم سياسَة “فرّق تسد” حيثُ قاموا بتقسيم أراضيه بدايةً باحتلال جنوبه، إلى سلطنات صغيرة كان عددها تحديدًا 21 سلطنة، وعينوا عليها العديد من المشايخ والسلاطين والزُعماء، كانت بريطانيا تطمع في احتلال جنوب اليمن وتحلم في بقائه والسيطرة على ميناء عدن؛ نظرًا لما تتمتع به اليمن من موقعها الاستراتيجي، ومكانتها وسمعتها الخَاصَّة بها، ناهيك عن سعيها لتغير اسم جنوب اليمن بعد استقلاله إلى الجنوب العربي، وذلك؛ بهَدفِ تغير هُــوِيَّته وأصالته وحتى لا تتحقّق وحدته، ويبقى بلدًا لهُ كرامته وحريته.

لكنها فشِلت مساعيها وخابت آمالها، ولم تُحقّق أي هدفٍ من أهدافها المزعومة، وبفضل الله عز وجل وفضل الرجال الثوار، وكفاح ونضال الأبطال، وتضحيات العُظماء الذين قاموا بإشعال ثورة 14 أُكتوبر1963م من جبال ردفان، وهَبُّوا هبة رجل واحد وعملوا على تحرير الجنوب من الاحتلال البريطاني، وأنهوا السلطنات، ومن ثم تحَرّكوا ليجبروا المحتلّ البريطاني على الهزيمة والإذلال، ليرحلَ مهزومًا فاشلًا مُعلنًا هزيمته والانكسار، ومولّيًا الأدبار.

واليوم وبعد نصف قرن من طرد الاستعمار البريطاني سولت لهُ نفسه بالعودة مجدّدًا مع النظام السعوديّ ودويلة الإمارات للتمركز والتحكم في بعضٍ الأجزاء من المحافظات الجنوبية؛ ليسيطروا على شواطئها ومُعظم أراضيها، ويقوموا بإنشاء القواعد العسكرية على جزرها، وينهبون خيراتها وثرواتها؛ تحت مسمّى إعادة الشراعية المزعومة على أمل أن يجدوا مبرّراً لذلك، يعتقدون بأنهم سَيُعيدون اليمن إلى أوضاعه السابقة ويحقّقون ما يُريدون، ومن يدعون الوطنية من العملاء هم اليوم أنفسهم من يرتمون في أحضان الملكية والرجعية.

ورغم ما تعرض له الشعب من قصفٍ وقتلٍ وحصار، وما شهدته البلاد من حروبٍ طاحنة، ومؤامرات عدائية، إلا إنهُ ما زال شعبًا قويًّا بقوته إيمانه، مُتمسك بحريته، ما زال شعبًا مُتماسكًا ولا أحد يجرؤ على تفريقه، ولا أحد قادر على نزع هُــوِيَّته الإيمانية، فاليمن سيبقى جسدًا واحدًا، لن يستطيع أحد فصل جزءٍ منه أَو تقسيمه، ولا أحد قادر على انتزاع شيئًا من حقوقه وممتلكاته، فكما كانت اليمن مقبرة الغزاة في الماضي ستكون مقبرة الغزاة في الحاضر، وكلّ من يُفكر في غزوها فليعلم بأنه سَيُقبر في ترابها، أو سيرحل مهزومًا فاشلًا مُتخبطًا كما أتى إليها، وأن كُـلّ الأعداء والعُملاء والخونة مصيرهم إلى زوال وخسران.

إن ذكرى الـ30 من نوفمبر المجيد ذكرى تُعبر عن صمود الشعب اليمني وثبات رجاله الأوفياء وهي ذكرى لن تنطفئ شُعلتها، وسيلمع قريبًا بإذن الله بريقها، ولن يُمحى اسمُها أَو يُنتسى ذكرهُا.

سَيعيش وطننا الغالي حُرًّا شامخًا مستقلًّا، عزيزًا أبيًّا يأبى الظلمَ والطغيان، قاهرًا أعدائه في كُـلّ زمان ومكان، وسنعمل على تطهير كُـلّ شبرٍ فيه ونحيا أعزاء كرماء فيه، ونُردّد دومًا في سماء أراضيه “لن ترى الدُنيا على أرضي وصيًّا”.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com