ألا إن حزبَ الله هم الغالبون
دينا الرميمة
ثمة كلمات تحفر بالذاكرة وعودًا تتحقّق على وقع انتصارات نراها تتجدد مع كُـلّ معركة تبني لأصحابها مجدًا لا يُقهَر وإن تداعت عليه كُـلّ أسلحة القتل والسياسة فلا يزداد إلا توهجاً وأجراس نصر تعلق في كُـلّ حرب وَمعركة.
على ذات خطاب وصف السيد حسن نصر الله، دولة الكيان الصهيوني بقوله: “والله إنها أوهن من بيت العنكبوت” قبل عقدين وأربع سنين، ومن ذاكرةِ الألفينِ وخطابِ بيتِ العنكبوت إلى وقائعِ الألفينِ وثلاثةٍ وعشرينَ وحتى اليوم وذاكرة الصـهـاينةِ المسكونةِ باليومِ الموعودِ، حقيقةٌ تؤرّقُ الصهــاينةَ الذين يقفون اليوم أمام حُكمٍ مشظًّى واقتصاد يتداعى ومؤرخينَ باتوا يُفصحونَ عن الخرابِ القادمِ لا محالة، وما سيفُ القدسِ المسلول وسهمُ الصـهاينةِ المكسور إلَّا خيرُ دليل لمن ما زال يؤمن بأن جيشهم الجيش الذي لا يُقهَرُ؛ فقد قهر وانهزم.
فمنذ الألفين وإلى اليوم لم نر له نشوة نصر إلَّا وانتكس بعدها بهزيمة ساحقة، كما في ثأر الأحرار و(طُـوفَان الأقصى) والوعدين الصادقين والقادم ينبئ أن حتمية الزوال باتت قريبة لا محالة، طالما وهناك مقاومة بنت نفسها من وجود الاحتلال وصنعت سلاحها من وجع أرض أنهكها الخِذلانُ والصمت عن تغيير هُــوِيَّتها العربية بالعبرية؛ ما جعل لها طوفانًا أعاد للذاكرة فلسطين بمدنها العريقة ومآسيها التي تجرعتها وحيدة دون معين ولا راثي يرثي بتر أجزاءٍ منها.
ومن غزة فلسطين التي لا جبال فيها ولا هضاب إلى جنوب لبنان بتضاريسه العصية على الاحتلال وشبانها الذين أخذوا منها عنفوان الطبيعة فاستلوا أول نصر عربي على “إسرائيل” جعل القدس قبلة صلاة ووعداً بالتحرير رأيناه في طوفان غزة، وحدة ساحات مع اليمن والعراق على مدى شهرين وعام طوفان ورصاصة في قلب الاحتلال جعلته يجثو على ركبتيه واضطرته لتوسيع نيران حربه إلى الضاحية؛ بهَدفِ جعلها خاوية من أهلها ومحو أثر مقاومتها والقضاء على الخطر المحدق عليه منها.
وربما أنهم تمكّنوا من اختراقها بقوة التكنولوجيا التي بها اغتالوا قيادات من الصف الأول وصنعوا دماراً كَبيرًا على الأرض، ظنوا أنهم دمّـروا قدرات الحزب وعليه خرج ناتن ياهو بعد طول اختباء ليعلن عن معركة برية ستصنع شرقَ أوسطَ جديدًا يكون هو سيده وتعيد مستوطني الشمال إلى بيوتهم، غير أنه اصطدم بقوة أرض جُبلت على صنع النصر بمقاومة أشعلت النيران وصفارات الإنذار في تل أبيب ونهاريا وحيفا وغوش دان لأول مرة في تأريخ الاحتلال وجنائز لا تتوقف داخل كيان غاضب من هذه الحرب التي انهكت قوى جيشه واستنزفته ما جعل نتن ياهو يذهب مكرهًا لتوقيع اتّفاق وقف إطلاق النار مع لبنان، نصر صنعه الميدان ورجاله ومن خلفهم شعب كان حاضراً لرفد المقاومة بسيول من الدعم المعنوي بعد الدعم بالدم، وصبر حقّق نصرًا أكيدًا تنبأ به سيد الشهداء والمقاومة -سلام الله عليه- أنه سيأتي نتيجة لتحملهم للمسؤولية والصمود والصبر واحتساب ما يقدم من الدم والتضحيات في عين الله وفي سبيل الله ليعودوا إلى بيوتهم بهامات مرفوعة، وعودة إلى الأرض التي حطمت أوهام ناتن ياهو واستقبلت أهلها حاملين شارات النصر ورايات حزب بقى صامدًا حتى الرصاصة الأخيرة على الرغم من جروحه الغائرة وأوجاع رممتها مشاهد النصر وصراخ الصهاينة الغاضبين من طوفان العائدين إلى الحدود منذ لحظات وقف إطلاق النار الأولى، في حين هم لا يزال صدى صوت نصر الله يتردّد في آذانهم «لن تعودوا» ولن يعودوا إلا بوقف الحرب على غزة ورضوخ نتن ياهو لشروط حماس كما رضخ لشروط حزب الله.