رجالُ الله هم الغالبون

كوثر العزي

للحزب رجال، وللرجال غايات، وللغايات أهداف سامية يكللها نصر أَو استشهاد، للحزب أبطال وأسود في قواميس دروبهم المفعمة بالعزة والعنفوان لا يوجد مصطلح للاستسلام أَو الحياد ولا انتكاسة رايات أَو طأطأة رؤوس، لحركة المقاومة قصص تحكى على منابر التضحيات، وروايات مجد توثقها خسائر مبهمة بعجز يعتلي الغدة السرطانية “إسرائيل”، لأبناء الأمين تاريخ مشرف يعتلي قمم الجهاد كيف لا وهم سادة المجاهدين وناصري المظلومين وخصم كُـلّ ظالم.

مُنذ أمد بعيد جِـدًّا ولليوم هذا، والخطط اليهودية ترسم بكل حقد، والعقول تفكر باستمرار دون كلل أَو ملل، والشر يكشر بالأنياب السامة تبحثُ عن موقع لتغرسها فتفتك وتجعلها صريعة، لبنان محط الأنظار يريدونها ذليلة منصاعة تحت الأقدام، مقيدة بقيود الاحتلال، والله أعزها بحزبه الغالب ليبعثر أوهام الأوغاد ويبعثر جمع الجرذان، ويبدد ما رُسم على الأوراق، وينصر الشعب والدولة، ويُحرق مخطّطات الأقزام، ليس بالغريب ولا بالجديد أن حزب الله اليوم يرفع الرايات عاليًا لتعانق المجد والانتصار، نصر تموز للعام “٢٠٠٦م” هو نقطة تحوّل تاريخية ما بين نشأة “إسرائيل” ونهايتها تتأرجح منكسرة ومحطة مركزية وتغير مسار واضح فهناك انكسر وعد بلفور واندثر.

ففي ٨ أُكتوبر ٢٠٢٣م، وبعد يوم واحد من انطلاق عملية (طُـوفَان الأقصى) في غزة، أطلق حزب الله اللبناني حينها هجمات صاروخية موجهة وقذائف مدفعية على المواقع التي تحتلها “إسرائيل” في مزارع “شبعا”، إسناداً للمقاومة الفلسطينية وانتصاراً، حينها تبادلت “إسرائيل” والمقاومة اللبنانية والفلسطينية في لبنان إطلاق النار منذ الثامن من أُكتوبر ومن هنا أعلنها حزب الله ورسميًّا دخول المعركة في اليوم الثاني، حَيثُ أصدر بيان قائلًا فيه: إن قراره فتح جبهة الإسناد في الـ8 من أُكتوبر/تشرين الأول “لدعم الشعب الفلسطيني ومقاومته الشريفة هو قرار إلى ‏جانب الحق والعدل والإنسانية التامة”.

ومنذ ٢٣ سبتمبر/أيلول الماضي، وسّعت “إسرائيل” نطاق العدوان الذي ترتكبه في غزة منذ ٧ أُكتوبر ٢٠٢٣م، لتشمل حينها جل مناطق لبنان وتضعها في بنك الأهداف، بما فيها العاصمة بيروت، عبر غارات جوية غير مسبوقة عنفاً وكثافة، كما بدأت بالتوغل البري في جنوب لبنان محاولة التسلل للعمق اللبناني لإضعاف المقاومة، ضاربة عرض الحائط بالتحذيرات الدولية والقرارات الأممية، توسعت الدائرة في المعركة البرية وباتت مواجهات عسكرية في إطار العدوان الإسرائيلي على لبنان، حَيثُ تتجلى الخطط والاستراتيجيات والتكتيكات الحربية المتبادلة بين حزب الله وجيش الاحتلال الإسرائيلي، على قاعدة محاولة التوغل البري من قبل الكيان مقابل تصدي حزب الله ونصب الكمائن والتفجير لتجعلهم ما بين قتيل وجريح.

وشهدت القرى الحدودية الجنوبية في الأيّام الأخيرة محاولات تقدم من قِبَل جيش الاحتلال الإسرائيلي على عدة محاور فما كان من ذلك العدوّ إلا أن جن جنونه وخسر المعركة أمام حزب الله بينما كان النتن يسعى للسيطرة على الشرق الأوسط، ليحدث حينها نزاعات في الدولة اللقيطة وزعزعة ملفتة، ناهيك عن المظاهرات اليهودية لمطالبة الحكومة بإيقاف الحرب وإعادة المعتقلين الإسرائيليين لا سِـيَّـما بعد أن فقدوا الأمن.

خط الانحدار الإسرائيلي مرتبط بالمأزق الأمني الوجودي في ربوع المستوطنات اليهودية والذي رافق الكيان الصهيوني منذ نشأته، فالأمن فيه مرتبط بالوجود، ففقدان الأمن؛ بسَببِ الحروب المتكرّرة وإقبال العدوّ على عدة محاور حربية مع جميع فصائل المحور المقاوم، وعملياتها المُستمرّة، يجعلان الكيان الصهيوني حينها أكثر الدول خطرًا على اليهود في العالم، وهذا يُناقض الرواية الصهيونية بأنَّ “إسرائيل” ملاذ آمن ليهود العالم، ويقوّض أَسَاس المشروع الصهيوني القائم على الأمن الذي يجلب الهجرة للاستيطان في “أرض الميعاد”.

الوصول إلى وعد الآخرة وتحرير فلسطين من الهيمنة اليهودية يحتاج إلى مشروع تحرير يضع عجلات الفعل المقاوم على مسار قطار القدر الإلهي والتضحيات الجسمية التي يقدمها المحور من أراوح طاهرة مسافرة نحو محطة وعد الآخرة لتزف لنا الأرواح نبأ الانتصارات، من دون تواكل يعوق الفعل أَو تهوّر يُحبط الفعل رغم قذارة ذلك العدوّ واللجوء لأبشع الأفعال العدائية كالمعركة السيبرانية التي رسمت للشعب اللبناني عامة دون التفريق.

كلّ ما نحتاجه في هذ الدرب هو وعي مع بصيرة والتحَرّك الجاد والصبر، يحتاج أَيْـضًا إلى قوة تكمل معادلة الإيمان والوعي كشرط للنصر والتذكر دائمًا أننا تحت تهيئة الله متوكلون عليه بما تحمله من معاني الفاعلية والتأثير، وإلى بناء وحدة وطنية وعربية وإسلامية بوصلتها فلسطين وقبلتها القدس، وقضيتها التحرّر، آن لنا أن يجمع كُـلّ الثوار المؤمنين بمشروع المقاومة والتحرير الرسمي لشبه الجزيرة العربية وطرد المحتلّ من بقاع أرضنا الطاهرة.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com