الغلاء يتصاعد والعجزُ المالي يتفاقم والسمعة الاقتصادية تزدادُ سوءًا.. الصفعات تتجدّد وسخٌط يهدّد “نتنياهو”
المسيرة: نوح جلّاس
يتواصلُ مسلسلُ الأزمات الاقتصادية اليومية داخل كيان الاحتلال الصهيوني على الرغم الهدوء في الجبهة الشمالية مع حزب الله؛ ما يؤكّـد أن فاعلية عمليات القوات المسلحة اليمنية والمقاومة العراقية، ستظل تلاحق اقتصاد العدوّ وقبله أمنه لفترات طويلة، إضافة إلى التأثيرات الكبيرة التي أحدثتها عمليات حزب الله، وهو الأمر الذي يثبت توقعات استمرار التدهور الاقتصادي الإسرائيلي لسنوات عديدة قادمة حتى بعد وقف العدوان على غزة.
وفي جديد النزيف الاقتصادي للعدو، كشفت وسائلُ إعلام صهيونية أن “الإسرائيليين” باتوا يعانون من أزمات اقتصادية، وسط توقعات بزيادة الفقر في أوساط “الغاصبين”؛ بسَببِ استمرار العدوان على غزة، وتداعياته المباشرة والمرتبطة.
غلاء وعجز وفقر.. شبحٌ ثلاثيٌّ لحكومة العدوّ:
وبحسب ما نشره إعلام العدوّ، لبيانات صادرة عما يسمى “مركز الإحصاء الإسرائيلي”، فقد سجل مؤشرُ الأسعار للمستهلك ارتفاعًا جديدًا وصل إلى نحو 28 %، فيما ارتفع معدل إيجار الوحدات السكنية إلى 61 %، وهو الأمر الذي من شأنه رفع حالة السخط في صفوف الغاصبين، ضد حكومة المجرم نتنياهو وسياسته الاقتصادية المدمّـرة التي فشلت في احتواء تداعيات استمرار الإجرام في غزة.
وعلى الرغم من حالة الكساد الكبيرة في قطاع العقارات، إلا أن بيانات الإحصاء الإسرائيلية سجلت ارتفاع مؤشر أسعار الوحدات السكنية بشكل غير مسبوق وصل لنحو 164 %؛ ما يكشف حالة التناقضات والاضطرابات المتباينة في الداخل الصهيوني.
وعلى خطٍّ موازٍ، يواصل العجز المالي لدى حكومة العدوّ ارتفاعه رغم تضاؤل الإنفاق على الجبهة الشمالية التي كانت تستغرق 135 مليون دولار يوميًّا؛ ما يشير أن الضربات التي تلقاها العدوّ أمنيًّا واقتصاديًّا قد تسبب له نزيفًا متواصلًا نظرًا لتدمير بنيته الاقتصادية المتمثلة في الاستثمارات العملاقة التي هربت والشركات الدولية التي سحبت أصولها، إضافة إلى الشلل الذي أصاب معظم قطاعاته الحيوية بفعل الحصار اليمني البحري والتهديدات التي تطال مدن فلسطين المحتلّة على وقع تصاعد عمليات المقاومة العراقية والقوات المسلحة اليمنية.
وأوضحت وسائل إعلام العدوّ أن العجز بلغ عن الشهر المنصرم 4,4 % على الرغم من إعلان ما يسمى وزير المالية الصهيوني المتطرف “بتسئيليل سموتريتش” أن نسبة العجز لن تتجاوز الـ4 % فقط، لاستناده على تقليص نفقات الجبهة الشمالية، غير أن توقعاته لم تكن دقيقة بفعل توسع التداعيات الناجمة عن الصفعات التي تعرض لها العدوّ وما يزال يتعرض لها.
واستنادًا على المعطيات، تشير توقعات نشرتها صحيفة “هآرتس” العبرية، إلى أن العجز التراكمي خلال العام 2024 قد يصل إلى 5 %، وهو الأمر الذي سيجعل تصنيف العدوّ الائتماني منخفضاً مع دخول العام القادم 2025.
وفي سياق متصل، تطرقت وسائل إعلام العدوّ الصهيوني إلى تزايد أعداد السكان المغتصبين الذين يعيشون تحت خط الفقر، بعد لجوء حكومة العدوّ لسياسات تقشفية قلصت النفقات على عديد القطاعات الخدمية، بما فيها الضمان الاجتماعي لكبار السن والحد الأدنى من الأجور؛ بهَدفِ تغطية العجز في جانب الإنفاق العسكري، وهذا ما من شأنه تعزيز عوامل السخط والانفجار الداخلي الذي قد يودي بحكومة المجرم نتنياهو، خُصُوصًا مع تزايد الاحتقان الذي يفرضه ذوو الأسرى الذين يندّدون باستمرار عراقيل نتنياهو وحكومته عن تنفيذ صفقة تبادل مع المقاومة الفلسطينية.
وبما أن آخر نسبة للذين يعيشون تحت خط الفقر كانت تمثّل 20 % أواخر العام المنصرم، فَــإنَّ هناك توقعات بارتفاع هذه النسبة إلى أرقام كبيرة وكارثية؛ نظرًا للوضع الاقتصادي المتردي الذي كابده الكيان الصهيوني منذ بدء العام الجاري، وقد أشَارَت مجلة معاريف العبرية إلى أن أرقام القاطنين تحت خط الفقر ارتفعت بشكل لافت.
الأمر كذلك بالنسبة للذين يعانون من انعدام الأمن الغذائي، حَيثُ سجل العام الماضي ما نسبته 30 % من تعداد السكان المعانين، في حين أن العام الجاري كان أكثر سوءًا على العدوّ، حَيثُ فاقمت القوات المسلحة اليمنية حصارها البحري على العدوّ الصهيوني وأنتج ذلك أزمات متعددة، خُصُوصًا في الجانب التمويني، فضلاً عن أزمة النقل الجوي التي ضاعفت معاناة العدوّ تموينيًّا واقتصاديًّا.
وبالنظر لهذه المعطيات، تحذّر وسائل إعلام العدوّ الصهيوني من اقتراب الكيان الصهيوني ليكون مسجلًا بين الأطراف الفقيرة على الرغم من سُمعته الاقتصادية التي ظل يفاخر بها طيلة عقود مضت، قبل عملية (طوفان الأقصى) التي قلبت الطاولة رأسًا على عقب.
احتقانٌ وسخطٌ يعزّز عواملَ إسقاط حكومة نتنياهو:
وفي سياق متصل، أشَارَت صحيفة “معاريف” العبرية أن هناك استطلاعا تم إجراؤه في أوساط “المستوطنين” لقياس مدى الرضا عن أداء حكومة المجرم نتنياهو في ظل تدهور الأوضاع في فلسطين المحتلّة.
وأكّـدت الصحيفة العبرية أن الاستطلاع أظهر سخطًا كَبيرًا وانعدامًا للثقة في حكومة المجرم نتنياهو؛ نظرًا للمعاناة الاقتصادية التي يواجهها المغتصبون، بالإضافة إلى انعدام الأمن بعد أن تحولت كُـلُّ المدن الفلسطينية المحتلّة إلى أهداف لصواريخ المجاهدين في اليمن والعراق وفلسطين وغيرها، والتي أجبرت العدوّ على تفعيل صفارات الإنذار غالبية الأوقات، ما يضاعف حجم المضايقات في الداخل المحتلّ ويفاقم السخط ضد حكومة العدوّ.
وأوضحت أن الاستطلاع عبر عن عدم ثقة “المستوطنين” أَيْـضًا في الشرطة الصهيونية، في إشارة إلى التهديدات الكبيرة التي تحيط بـ”المستوطنين” جراء العمليات البطولية التي ينفذها الفلسطينيون في المدن المحتلّة، والتي تتنوع بين الطعن والدهس وإطلاق النار وغيرها، والتي بدورها تجعل كُـلّ المحتلّين في دائرة الخطر والتهديد.
إلى ذلك نشرت صحيفة “يديعوت أحرونوت” تقريرًا، كتبه المتخصِّصُ بالشؤون الاقتصادية بالصحيفة “غاد ليئور” حذر فيه من كوارثَ اقتصادية مستقبلية تضاعف التهديدات للمركز المالي والاقتصادي للعدو.
واستعرض التقرير جملة من الانهيارات، منها بيانات البورصة في “تل أبيب”، وأداء كبرى شركاتها، وتقارير ميزان المدفوعات، وبيانات العجز المتزايد في موازنة “الحكومة” وارتفاع وتيرة هروب المستثمرين، النفق الاقتصادي المظلم الذي يمر به العدوّ.
“إسرائيل” باتت سيئة السُّمعة الاقتصادية حتى في نظر الحلفاء:
وقال التقرير: إن “النتيجة الأكثر كارثية لسياسة حكومة اليمين على اقتصاد “إسرائيل” تتمثل في تزعزع مركزها لدى صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، والمفوضية الأُورُوبية، وأكبر البنوك في العالم، وشركات التصنيف الائتماني”، في إشارة إلى أن سمعة العدوّ الاقتصادية المنهارة قد صارت ظاهرة للعيان، حتى لدى الحلفاء الأمريكيين والبريطانيين الذين أشار إليهم التقرير بقوله إنهم يقيمون “رقصة الشياطين” على أنقاض الأزمات التي يعاني منها كيان العدوّ الصهيوني.
ولفت التقرير إلى أن “كبار الاقتصاديين حول العالم، يجلسون ويحدقون مندهشين لما تشهده حليفتَهم الأولى في الشرق الأوسط”.
وتطرق التقرير إلى جملة من السياسات الحمقاء التي تمارسها حكومة المجرم نتنياهو، والتي تضاعف التهديدات على اقتصاد العدوّ إلى جانب التهديدات الأُخرى الأمنية والعسكرية الناجمة عن عمليات المقاومة وجبهات الإسناد، حَيثُ أوضح أن “دوافع قلق كبار الاقتصاديين حول العالم من تدهور سُمعة “إسرائيل” الاقتصادية ليست مفاجئة، بل إنها تعود لعامين تقريبًا حين بدأ الانقلاب القانوني، واليوم يتجدد من خلال خطوات قمعية تتخذها حكومة اليمين مثل إغلاق هيئة البث، وتوسيع حصانة أعضاء الكنيست، وإعطاء الشرطة الإذن بإلقاء قنابل الصوت على المتظاهرين، وتجنب تعيين رئيس دائم للمحكمة العليا، واستهداف المستشارين القانونيين المستقلين، والسماح لرئيس الوزراء بالرقابة على تعيينات مفوض الخدمة المدنية”.
وحذر تقرير “يديعوت أحرونوت” من تداعيات “معدلات تدهور الاقتصاد الإسرائيلي تمثلت في ثلاثة تخفيضات حصلت له في التصنيف الائتماني، للمرة الأولى على الإطلاق، في الأشهر التسعة الماضية، مع العلم أن القضاء على النظام السياسي في الدولة اليهودية الوحيدة قد يؤدي لتخفيض حاسم في مركزها الاقتصادي العالمي بداية عام 2025، مما سيجعلها قريبة جِـدًّا من دول العالم الثالث المتخلفة”، في حين أن هذه العبارات تعزز التوقعات التي تشير إلى ارتفاع نسبة الفقر داخل الأراضي الفلسطينية المحتلّة بشكل غير مسبوق.
واختتم التقرير بالقول: إن “عندما يستيقظ الإسرائيليون من سُباتهم الشتوي المبكر الكئيب، سيجدون أن تصنيفَهم الائتماني قد تم تخفيضُه، ووقف الاستثمار في الدولة سيقودها كَثيرًا للإفلاس، مع فرض أسعار فائدة ضخمة على قروضها، وتخفيضات ضريبية متعددة، وارتفاع البطالة، ودفع العديد من سكانها لما دون خط الفقر”.
وختامًا، وبعيدًا عن سلسلة الأزمات الطويلة التي يعاني منها العدوّ الصهيوني، إلا أن الأرقام على الأرض تشير إلى غليان داخلي، سواء في صفوف “المستوطنين” أَو في صفوف جنود وضباط العدوّ الصهيوني أَو المراقبين الاقتصاديين؛ ما يشير إلى أن سياسات حكومة المجرم نتنياهو قد تَجُرُّها للإسقاط والمحاكمة، سواء أوقفت الحرب الإجرامية على غزة أَو لم تقف، فقد أرست ضرباتُ المجاهدين في فلسطين وفي جبهات الإسناد، مسارات متعددة ومتجددة تنتهي عند إنهاء عربدة نتنياهو وحكومته، نحو إزالة هذا الكيان المؤقَّت.