الفتحُ الموعود
ونيسة مقبل
إن الأحداث التي تجري في لبنان والشرق الأوسط اليوم هي أحداث شبيهة بأحداث حدثت في الماضي البعيد والقريب.
فيما مضى عاتب المسلمون الإمام الحسن “عَلَيْـهِ السَّلَامُ”؛ لأنه أقام الصلح مع معاوية رغم كثرة المسلمين المبايعين للإمام، لكن العبرة ليست بالكثرة وإنما بوحـدة عقيدة الجيش.
ومن قبله كان موقف رسول الله -صَلَّى اللهُ عَـلَيْـهِ وَعَـلَى آلِـــهِ وَسَلَّـمَ- قبل فتح مكة حينما منعت قريش رسول الله ومن معه من أداء مراسم الحج ونقضوا العهود التي تمت بين قريش والمسلمين حينها أنزل الله سورة التوبة وبشر رسوله بالفتح والنصر، ولكن المسلمين لم يفهموا قرار رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- اشتد غضب المسلمين وقتها كيف لا يقاتلهم وهم على أهبة الاستعداد للقتال ولكن مشيئة الله فوق كُـلّ شيء، لقد أراد لهم ربي نصراً بدون خسائر وفتحاً بدون حرب، سبحان الله يفعل ما يشاء؟!
كذلك لبنان اليوم أصبحت مواقع التواصل جميعها تغرد كالببغاء بكلمات متشابهة ومتكرّرة وهي أن لبنان أقامت الاتّفاق لوقف الحرب وَتركت غزة في العدوان فقد خذلتها.
بدون حياء أو خجل تتكلم عن الخذلان، فلسطين ليست مسؤولية حزب الله فقط هي مسؤولية كُـلّ عربي مسلم حر في العالم العربي الإسلامي ونداء الإنسانية لكل إنسان لديه كرامة وعزة ونخوة.
وماذا فعلتم تجاه ندائها؟ 70 عامًا وأكثر وهي تغتصب أرضها وتقتل أبناءها فهل من مجيب؟
ولبنان واليمن قد سطّرا أجمل الملاحم في نصرة فلسطين وغزة، وأعطوا العالم درسًا في التكافل والتعاون في حماية مقدسات الأُمَّــة العربية الإسلامية.
حزب الله قدم الكثير والكثير من قادتهم العظماء لأجل غزة، رجال صدقوا الله ما عاهدوه، رجال كُـلّ واحد منهم بمِئة من ذكور اليوم الذين لا هَمَّ لهم سوى الأكل والشرب وقضاء حوائجهم.
وأما سيد الشهداء في زمن الجاهلية الأُخرى (السيد حسن نصر الله) فظفره بآلاف من ولاة أمر المسلمين الذين لا هَمَّ لهم سوى طبع الكروت وتجهيز الصالات للضيوف واستقطاب الفنانين والجماهير في أراضيهم فتارة يقيمون حفلات غناء وتارة حفلات رقص مع الكاسيات العاريات وَأبطال الفساد الأخلاقي.
وقف الحرب في لبنان ليس خسارة لغزة بل هو نصر لها ولكل المسلمين، وزرع أمل بقرب الفتح الموعود.
الاتّفاق ليس خسارة وإنما تمكين وقوة لكي يعيد حزب الله قوته، أما فلسطين فالنصر بيد العرب والمسلمين كافة، متى ما توحد العرب وأصبحوا قبضة واحدة في وجه العدوان وقتها يكون النصر أسهل من شرب الماء، ولكن كُـلّ ذلك لن يحصل قبل غربلة العالم العربي من المنافقين الذين امتلك قلوبهم حب الدنيا، عندما يظهر كُـلّ منافق حقيقته ويبقى عباد الرحمن الذين ليس في قلوبهم غل وقتها فقط يتحد العرب والمسلمون؛ لأَنَّ أهدافهم أصبحت رضا الله ونصرة دينه، والله متم نور ولو كره الكافرون.
والنصر قادم، هذا وعد الله، والفتح قريب بإذن الله، وكم من مصيبة ظاهرها عذاب وباطنها رحمة، وكم من عسر هو بداية يسر قال تعالى: “فَسَنُيَسِّرُهُ لليسرى”.
ولولا حصار قريش لرسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- في شعب مكة ما كان الإسلام اليوم راية ترفرف في مشارق الأرض ومغاربها.
فهو تعذيب الكفار لرسول الله في ظاهر الأمر ليثنوّه عن الدعوة الإسلامية ولكن مشيئة الله فوق كُـلّ شيء جعله فتحًا للمسلمين وزيادة أعدادهم والتفافهم حول سيد البشرية “محمد” -صَلَّى اللهُ عَـلَيْـهِ وَعَـلَى آلِـــهِ وَسَلَّـمَ- فسبحان الله قد يكون هذا النصر والتمكين لحزب الله في لبنان هو بداية الفتح الموعود والنصر الإلهي لغزة ولفلسطين كاملة بإذن الله.