السابع من ديسمبر خلال 9 أعوام.. 15 شهيدًا وتدميرٌ للأعيان المدنية والبنى التحتية في جرائم حرب لغارات العدوان على اليمن
المسيرة | منصور البكالي:
واصل العدوانُ السعوديّ الأمريكي، في مثلِ هذا اليوم 7 ديسمبر خلالَ الأعوام: 2016م، و2018م، و2021م، ارتكاب جرائم الحرب والإبادة الجماعية، بغاراتِه الوحشيةِ على المنازل وقوارب الصيد والورش والبنى التحتية، والأعيان المدنية، بمحافظات صعدة والحديدة وصنعاء.
ما أسفر عن 15 شهيدًا، بينهم أطفال، ونساء، وصيادون ومسافرون، وحرمان عشرات الأسر من معيليها، ومصادر رزقها، وترويع النساء والأطفال، وموجة نزوح، ومضاعفة المعاناة، وتفاقم الأوضاع المعيشية وأضرار واسعة في الممتلكات، وتراجع الإنتاج المحلي.
وفيما يلي أبرز التفاصيل:
7 ديسمبر 2016.. 8 شهداء وجرحى أطفال ونساء في غارات عدوانية على أسرة آل مقيت بصعدة:
في السابع من ديسمبر 2016م، أضاف العدوان السعوديّ الأمريكي، جريمة حرب إلى سجل جرائمه بحق الشعب اليمني، مستهدفًا بغارات طيرانه الحربي أسرة آل مقيت في منطقة شهران بمديرية باقم محافظة صعدة، أسفرت عن 4 شهداء 3 أطفال وامرأة و4 جرحى بينهم طفل وامرأتان، وتدمير المنزل بشكل كامل، ونفوق المواشي، وترويع الأهالي وأضرار في الممتلكات والمنازل المجاورة، وموجة نزوح وتشرد متجددة نحو المجهول.
قبل الغارات كانت الأسرة تعيش في منزل متواضع من الطين بعدد من الغرف عرض جبل به مساحة لرعي المواشي وتربية وفلاحة الأرض، وتقطيع الحطب، وكانت الشمس تشرق بنشاط الرجال النساء، والأطفال، والعمل الدؤوب لكسب لقمة العيش، وفي ذلك اليوم أثناء غروبها بلطف على قرية شهران، كان الأطفال يلعبون في إحدى الغرف في منزل آل مقيت، وكانت الأم تحضّر العشاء، والأب يجلس يتفقد عدد المواشي وما يحتجن له من الأعلاف والمياه قبل النوم، لم يكن أحد يتوقع أن هذه اللحظات السعيدة ستتحول إلى كابوس مروع، ومشهد مأساوي.
بعد الغارات تحول المنزل إلى مقبرة جماعية، وأكوام من الأحجار وقطع الأخشاب والسقوف المندثرة في كُـلّ اتّجاه، واختلطت أشلاء الأطفال والنساء وأجساد المواشي مع الشظايا والدمار، والغبار، وما بقي مُجَـرّد أثر لحياة عامرة تحولت إلى مجزرة وإبادة تدمي القلوب وتعكس بشاعة العدوان وجرمه المتعمد بحق المدنيين.
يقول أحد الأهالي: “طيران العدوان السعوديّ الأمريكي، أباد هذه الأسرة بكل أفرادها، نساء وأطفال بينهم، رجل واحد هو رب الأسرة، ما ذنب هذه الأسرة المسالمة، مدنيين عزل، بعد الغارات وجدناهم أشلاء مقطعة ولا بقي منهم واحد على قيد الحياة، كان الطيران مُستمرّاً في التحليق، ومنع المنقذين من إسعاف الجرحى؛ ما تسبب في استشهاد الجميع”.
جريمة استهداف المدنيين وإبادة أسرة بكاملها من آل مقيت في مثل هذا اليوم، واحدة من آلاف جرائم الإبادة الجماعية بحق الشعب اليمني، المتكرّرة خلال 9 أعوام، وانتهاك صارخ للقوانين والتشريعات السماوية والوضعية المتعارف عليها، وبصمة عار في جبين المجتمع الدولي.
7 ديسمبر 2018.. 3 شهداء في استهداف غارات العدوان سيارة مدنيين على الخط العام بصعدة:
في مشهد مأساوي جديد، وجريمة إبادة متعمدة، تضاف إلى سجل جرائم الحرب التي ارتكبها العدوان السعوديّ الأمريكي بحق الشعب اليمني، استهدفت طائراته الوحشية، في اليوم السابع من ديسمبر 2018م، سيارة مدنيين على الطريق العام في منطقة رغافة بمديرية مجز بمحافظة صعدة، بغارة مباشرة؛ ما أسفر عن استشهاد ثلاثة مواطنين أبرياء، وحرق السيارة بالكامل.
كانت السيارة تسير ببطء على الطريق العام، وعلى متنها ثلاثة أصدقاء عائدون من عملهم، لم يكن أحد يتوقع أن هذه الرحلة القصيرة ستكون الأخيرة لهم، فجأة، سمعوا صوت تحليق طيران العدوان على سماء المنطقة، فلم يكونوا يضنون أنهم الهدف الأهم لهذا التحليق، وفي لحظة وقعت الغارة على رؤوسهم مباشرة، وارتفعت سحابة من الدخان الأسود، أخذت معها أرواحهم البريئة، وحولت السيارة إلى كرة من النار، ولم يبقَ من الأصدقاء الثلاثة سوى رماد.
وصل أهالي المناطق المجاورة إلى مكان الغارة، لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، ولكن فاتهم الأوان، لم يكن هناك شيء يمكنهم فعله سوى جمع الأشلاء الممزقة والمنفوشة على الأشجار وعلى جوانب الطريق، وفوق ما بقي من هيكل السيارة المتفحمة، وعلى قطعها الحديدية الموزعة في كُـلّ اتّجاه.
المسعفون انتابهم اليأس والإحباط والقهر والحزن، وهم يبحثون عن أجساد مدنيين أبرياء، ويرون أمامهم جسراً مدمّـراً وسيارة لم يبقَ منها سوى أثر، ودماء مسفوكة وقطع متفحمة وأُخرى فاقدة الملامح.
أهالي الضحايا عبروا عن صدمتهم وحزنهم العميق لفقدان أحبائهم بهذه الطريقة الوحشية، واستقبالهم لأوصال لا يعرف وزنها وملامح وجوهها، شيعوها على نعوش وزعت عليها كميات بمقادير تقريبية لمن كان له رأس بدون جسد أَو نصف جسد يشبه بأنه فلان، إنها عملية فرز مؤلمة، وصدمة حزن أبكت الأطفال والنساء، وأعلن الرجال نفيرهم العام صوب الجبهات بعد إلقائهم آخر ذرة تراب على أجساد الشهداء في روضاتهم الأخيرة.
هنا طفل فقد والده وأم فقدت فلذة كبدها وزوجة فارقت رفيق عمرها وشريكها، فذهبوا إلى ربهم دون أذن مسبق، وبغير وداع، أَو وصية، وخيم الحزن على منطقة رغافة.
استهداف المدنيين بشكل متعمد، على سيارتهم، وقطع الطريق العام، انتهاك مُستمرّ للقانون الدولي الإنساني، وجريمة حرب تسببت بآثار إنسانية واقتصادية، وأوقفت حركة التجارة، وزادت صعوبات نقل المرضى وإسعاف الجرحى، وجريمة إبادة تدعو المجتمع الدولي، والمنظمات الإنسانية، والحكومات لوقف هذه الجرائم وتقديم مرتكبيها إلى العدالة.
7 ديسمبر 2018.. استشهاد 4 صيادين في قصف عدواني متعمد على قواربهم بالحديدة:
وفي اليوم والعام ذاته، استهدف طيران العدوان السعوديّ الإماراتي الأمريكي، قوارب الصيادين، أثناء صيدهم أمام ساحل الهارونية بمديرية المنيرة محافظة الحديدة، أسفرت عن استشهاد 4 صيادين وتدمير قاربهم، وترويع الصيادين، وتوقف حركة الصيد وقطع أرزاق عشرات الأسر، ومضاعفة معاناتهم، وتفاقم الأوضاع المعيشية.
كان الفجر يشق طريقه ببطء، وكان البحر هادئًا كالمرآة، استعد الصيادون لقضاء يوم طويل في البحر، آملين في صيد وفير يعيل أسرهم، لم يكونوا يعلمون أن هذا اليوم سيكون آخر أيامهم، بل كانوا يخرجون إلى البحر كُـلّ يوم بحثًا عن لقمة العيش، ولم يتوقعوا أن يعودوا في نعوش، اليوم، تحولت قواربهم إلى توابيت، وبحرهم إلى مقبرة، وأشلاء مفقودة من أجسادهم إلى طعام للأحياء البحرية، هذه هي الحقيقة المرة التي يعيشها الصيادون اليمنيون، الذين يتعرضون للاستهداف المتعمد من قبل العدوان السعوديّ الأمريكي على اليمن.
وفي هذه الإبادة المتعمدة بحق 4 صيادين على قاربهم، كان طيران العدوان يحلق فوق سماء الحديدة باحثًا عن صيد مدني كعادته، لتلتقط كاميرات الأقمار الصناعية قارب صيد يبحث من على متنه عن صيدهم في عمق البحر، وفي لحظة وصلت أوامر الاستهداف، وضغط زر تفريغ الطائرة من حمولتها، على قارب خشبي وأجساد بشرية تحولت إلى أشلاء، وهزت موجات البحر وعكرت صفو مائه بحمرة الدم وتساقط الشظايا المتفحمة والألواح المندثرة في اتّجاهات وأمتار عدة.
عمليات الرقابة البحرية حدّدت مكان الغارة وأبلغت بمكانها عبر الأجهزة والأنظمة المعروفة، وهرع صيادون آخرون لإنقاذ ما يمكنهم إنقاذه، بعد فوات الأوان، فينتشلون جثث وأشلاء على قواربهم، عادت إلى الشاطئ، وتحَرّكوا بها إلى أهالي الضحايا، وهناك تبدأ مأساة بكائية جديدة عمق الحزن، وفاقمت المعاناة، في قلوب الأطفال والنساء والأهل والأحبة والأقارب، وكلّ أسر الصيادين المتشائمين من أَيَّـام وسنوات حرمتهم من حق العيش والصيد والحصول على لقمة العيش.
هذه الجريمة لم تتوقف آثارها وتداعياتها عند هذه الحدود فحسب، بل امتدت إلى انخفاض الإنتاج المحلي من الأسماك، وارتفاع أسعارها في السوق المحلية، وتراجع الناتج الوطني، وحاجة آلاف من أسر الصيادين للمساعدات الإنسانية العاجلة.
يقول والد أحد الصيادين الشهداء وهو يبكي بحرقة: “هذا ابني الوحيد معيل أسرتي أنا كبير في السن، كان ابني يقصد وجه الله، ويترزق في البحر، في أمان الله، بأي حق يقتلونه؟!” ويرمي بجسده على الأرض مبتهلًا إلى الله في مشهد إنساني يدمي القلوب.
شيع آلاف الصيادين جثامين زملائهم، إلى مثواهم الأخير، وتوجّـهوا بعدها إلى منازلهم كل يخاف الصيد والعمل في البحر، فباب الصيد مقفل في وجوههم، ولا حَـلّ أمامهم سوى الانتصار لشعبهم ومواجهة الغزاة والمحتلّين بأفواه البنادق.
استهداف الصيادين جريمة حرب متعمدة تهدف لتدمير مصدر رزق فئة واسعة من أبناء الشعب اليمني، وتجويع أسرهم، ومفاقمة معانتهم، ومحاولة إضعاف صمودهم وإذلالهم، أمام قوى الغزو والاحتلال، وهي جريمة إبادة واحدة من آلاف جرائم العدوان بحق الصيادين خلال 9 أعوام.
7 ديسمبر 2021.. لليوم الثالث على التوالي طيران العدوان يستهدف ورش صيانة السيارات في شارع الستين بصنعاء:
وفي اليوم ذاته من العام 2021م، واصل طيران العدوان السعوديّ استهداف ورش صيانة السيارات في شارع الستين الشمالي بالعاصمة صنعاء، لليوم الثالث على التوالي، مستهدفًا هذه المرة ورشة في حارة الخير، بغاراته المباشرة، التي أسفرت عن تضرر منازل وسيارات المواطنين، وترويع الأطفال والنساء، ونزوح عشرات الأسر، وخسائر في الممتلكات.
قبل الغارات كان شارع الستين يكتظ بالحياة، والورش تعمل على قدم وساق، صاحبها ميكانيكي ماهر، كان يستقبل عملاءه بابتسامة ودودة، لم يكن يتوقع أن هذا اليوم سيغير حياته إلى الأبد.
مالك الورشة كان ينظر إلى السيارة التي كان يعمل على إصلاحها، ويترقب وصول عملائه ليقدم له خدماته مقابل كسب لقمة العيش الحلال لأهله وأسرته، ولكن طيران العدوان، كان له بالمرصاد، حين فاجأه بغارات وحشية، وعندما استفاق من الصدمة وجد نفسه وسط الأنقاض، دمّـرت ورشته، مكائنه ومعداته، وهنجره، وعدد من سيارات المواطنين وتضرر المنازل المجاورة، وتصاعد الدخان والغبار والنيران، في مشهد مأساوي، يؤكّـد تعمُّدَ العدوان وإصراره على ارتكاب المزيد من جرائم الحرب المستهدفة للمدنيين والأعيان المدنية.
لحظة الاستهداف غيّرت كُـلّ شيء، الورشة تحولت إلى كومة من الحطام والدخان، وانتشرت ألسنة اللهب لتصل إلى المنازل المجاورة، مما تسبب في أضرار بالغة للممتلكات وترويع السكان، لم يسلم أحد من هول الصدمة، فمالك الورشة فقد مصدر رزقه الوحيد، وجيرانه فقدوا جزءًا من منازلهم، وأطفال الحي فقدوا الأمان الذي اعتادوا عليه.
يقول مالك أحد المنازل المتضررة: “أمس الليل ونحن راقدين في أمان الله، طيران العدوان استهدف الورشة جوارنا، وأرعب النساء والأطفال، بأي ذنب؟ هذا بيتي تساقطت النوافذ وتشققت الجدران، وتكسر الزجاج وتضرر كُـلّ شيء”.
ويهدف العدوان من خلال جريمة استهداف ورش الصيانة لليوم الثالث على التوالي إلى شل الحركة الاقتصادية في المناطق الحرة، ومنع المواطنين من إصلاح سياراتهم والتنقل بحرية، والنزوح عليها، وبث الرعب والخوف في نفوس المدنيين، وإجبارهم على مغادرة منازلهم، وتدمير البنية التحتية للمدن اليمنية؛ مما يعيق جهود إعادة الإعمار والتسبب في معاناة إنسانية كبيرة.
في النهاية، ورش صيانة السيارات ليست سوى هدف جديد يضاف إلى قائمة طويلة من الأهداف المدنية التي تعرضت للقصف، ويبقى الشعب اليمني والمدنيون على وجه التحديد من يدفعون ثمن العدوان ويستمرون في الصمود ورفد الجبهات بقوافل المال والرجال، أملًا في يوم يأتي فيه السلام والاستقرار إلى البلاد.