الفتنةُ الديسمبرية
أميرة السلطان
ظل النظام السابق -على مدى عقود من الزمن- يُحيك المؤامرات والدسائس بين أبناء البلد الواحد؛ فعمل جاهدًا على إشاعة الفرقة بينهم باسم المذهبية والمناطقية، سارع لشراء ولاءات المشايخ اليمنية لتنفيذ مآربه.
جعل من اليمن مُجَـرّد حديقة خلفية للسعوديّة، نهب ثروات الوطن وجعل من تلك الثروات عائدات لا للشعب بل لأفراد أسرته والمقربين من حاشيته فقط.
عانى الشعب في عهده أزمات اقتصادية وجرع تتبعها جرع، ارتفاع في الأسعار، ديون للخارج تُدفع من قوت المستضعفين، حروب أشعلها في ظل حكمه المظلم بداية من حرب صيف 1994م بين شمال اليمن وجنوبه مُرورًا بحروب صعدة الست وانتهاء بالعدوان السعوديّ الأمريكي الإسرائيلي على اليمن سنة 2015 م.
لا يذكر له التاريخ صفحة مشرقة واحدة، أَو موقف مشرف، تمر السنين وتتسارع الأحداث ويأتي العدوان الغاشم على اليمن، وتأتي مع هذا العدوان الكثير من التضحيات من شهداء وجرحى وأسرى ومفقودين.
يأتي مع هذا العدوان الحصار والدمار والقتل والتشريد والتجويع والأزمات وانقطاع المرتبات، وفي المقابل وجدت قيادة حكيمة نظرتها مستمدة من القرآن الكريم التي أدركت ضرورة أن تُشكل لليمن حكومة وطنية من جميع المكونات السياسية ومن ضمن هذا المكون حزب المؤتمر الشعبي العام والذي كان على رأسه علي عبدالله صالح.
قَبِل به الأنصار على الرغم من كُـلّ هو معروف عنه من مكر وخداع وتحايل، قبلوا به على الرغم من ظلمه للناس ومحاربته لهم ست حروب، ومع كُـلّ هذا إلا أن ديدنه هو الخيانة والطعن في الظهر.
سنوات طويلة كان يقول فيها بالروح بالدم نفديك يا يمن إلا أن أفعاله أثبتت أن ما كان يردّده في الخفاء بالروح بالدم بعناك يا يمن وبأبخس الثمن، ففي الثاني من ديسمبر ظهر وجهه القبيح كالمعتاد وسقطت الأقنعة وانكشفت الحقائق، ففي هذا اليوم دعا علي عبدالله صالح تلك الدول التي اعتدت على بلده وقتلت من أفراد حزبه الكثير في الصالة الكبرى كأقل جريمة مست بحزبه ناهيك عن آلاف القتلى والجرحى في أنحاء اليمن، دعا تلك الدول لفتح صفحة جديدة وتناسى كُـلّ شيء قد حصل، تناسى الجرائم والمجازر، تناسى تلك الدماء التي سفكت، وتلك الأرواح التي ضحت بنفسها لكي يعيش هذا البلد عزيزًا كريمًا، غض الطرف عن كُـلّ شيء أصاب يمن الإيمان والحكمة، حينها اختفت تلك الشعارات الوطنية البراقة والجذابة، ولم يكتفِ بذلك وحسب بل أراد في ذلك اليوم أن تكون فتنة داخلية يقتل فيها الأخ أخوه والجار جاره، أرادها حربًا أهلية تأكل الأخضر واليابس، حرّض فيها الناس إلى أن ينتفضوا ضد بعضهم البعض.
هذا كان مخطّط من كان يقول عن نفسه “إنه الراقص على رؤوس الثعابين” ذلك الراقص لم يكن همه الوطن يومًا، ولم يكن يهتم لشعبه وما الذي سيعيشه أَو يكابده من ويلات لو أن تلك الفتنة التي دعا إليها استمرت وتحقّقت.
خطط هو والخونة من عملاء الداخل وأعداء الخارج، لكن حينها قضى الله أمرًا كان مفعولاً، كانت إرادَة الله الحكيم أن تظهر حقيقته للكثير من الناس الذين كانوا ليل نهار يثقون في وطنيته وحبه لبلده، وأنه من المستحيل أن يأتي منه ما يهدّد أمن اليمن واليمنيين، كانت إرادَة الله حاضرة بأن يتم تطهير اليمن من رجسه -الذي امتد لسنوات- أن يُقطع دابر القوم من القاعدة المتمثلة في حزب الإصلاح الذي كان يمدهم عفاش بكل ما كان ينقصهم، وسمح لهم بأن يسرحوا ويمرحوا في وزارات ومؤسّسات الدولة فعاثوا فيها فساداً.
كانت إرادَة الله بأن تقطع اليد التي كانت تطعن في ظهر المجاهدين والشرفاء، فكان يوم الرابع من ديسمبر الذي أعلن فيه وأد الفتنة ومقتل الخائن عفاش، لينتصر اليمن من جديد، حينها فقط أصبح اليمن أنظف وأطهر.
كان يوم الرابع من ديسمبر كما قال عفاش صفحة جديدة في تاريخ اليمن المشرق، فبمقتله أصبح اليمن يعيش عهدًا جديدًا خاليًا من الخيانة والعمالة، أصبح اليمن حرًا مستقلًا قويًّا فلم يعد حديقة خلفية لأحد، بل بلد يقاتل دفاعاً عن المستضعفين في فلسطين، ونصيرًا لمن ناداه من أبناء الأُمَّــة.
والـــعـاقــبـة لـلـمـتـقـيـن.