أمريكا في وَحْلِ الهزيمة
منال العزي
لم يكن لتلك المتكبرة المتعجرفة، التي لطالما بتغطرسها تقمع الشعوب لتَخضع وتستسلم لها أن ترتدع إلاّ بداعي الجهاد للأحرار الأولياء.
في زمنٍ ليس ببعيدٍ كانت تظن أنها قد قَرُبت من إحكام سيطرتها على الشعوب والأمم، وأنها أصبحت اليد الخانقة لرقبة الأُمَّــة، بل اليد الطولى التي تستطيع أن تعمل ما تشاء ويحلو لها من استعباد، وسيطرة، وظلم، وتجبر، وقهر، وفساد… إلخ، لم يكن هناك من يجرؤ ليوقفها أَو يُسمعها صوتًا تخاف منه أَو تحسب له حساب، تنظر لذل الشعوب باستعلاء وتظن بأنها قد أنجزت في سيطرتها عليهم ما يعادل نجاحها في القضاء على الهنود الحمر واستعمار بلادهم لصالحها، هكذا كانت أمريكا وهكذا كانت نظرتها المستحقرة المستهينة للشعوب جميعها وعلى رأسها وأولها العربية والإسلامية، رست على الميناء وضنت أنها الفائزة ولم يتبقَ سوى أخذ كأس السيطرة على العالم، ولكن قول الله تعالى وهو أصدق القائلين: (وَيَأْبَى اللهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ) لا بُـدَّ له لا بُـدَّ أن يتحقّق، فظهر نجم محور المقاومة الأبيَّة ليكسر تلك اليد التي كانت ممتدة لأخذ كأس النصر والتغطرس، ويعيدها إلى ميزان الخسارة والذلة والهوان، لتعيد حساباتها.
لم تيأس، بل أصبحت تعمل ما بجهدها أكثر وأكثر للقضاء على ذلك المحور الشجاع الذي بدا لها كعرينِ أسدٍ يهزها ويُرعبها، لكنَّ ذلك الجهد كان يذهب جميعه سُدًا ولا قيمة له إطلاقا، فكَّرت بخططٍ وحشيةٍ وإجراميةٍ كعادتها لعلها تنجح كما نجحت في أغلب الشعوب، لكنها اصطدمت بجدارٍ صلبٍ لا تستطيع مهما ضربت فيه أن تخرمه أَو تؤثر ولو شيئًا بسيطًا فيه، وهذا هو الذي كانت تخاف أن يظهر لها في يوم من الأيّام، فيمنع عليها تحقيق أهدافها، ويهدم جميع أحلامها السوداوية.
ذلك الجدار الصلب الذي أخافها وجعلها تعيد نظرها في قدراتها وحتى في صناعاتها، حَيثُ قالت بأن حديثي أسلحتها قد عفا عليها الزمن كحاملات الطائرات التي تُخيف وتُرعب بها أي بلدٍ ترغب في احتلاله وإذلاله والسيطرة عليه!!
كلّ ذلك الحال الذي أصابها وأوجعها وكسر شوكتها جعلها تنسحب تدريجيًّا من ميدان المعركة، لتستبدل البدائل الأكثر قذارةً منها وإجرامًا، والتي هي بالأَسَاس صنع يدها وتربيتها وخريجة مدرستها الخبيثة، لجأت لصناعة (جماعاتٍ تكفيريةٍ) ترتدي رداء الإسلام عباءةً، وشهادةُ لا إله إلاّ الله وسيلةً للوصول إلى الغاية.
وهذا من أكبر الدلائل على هزيمتها التي ذاقتها وتجرَّعت ويلاتها، بدأت تنشر أذيالها القذرة لتمارس الإجرام بدلًا عنها، لتقتل، وتسفك، وتنهب، وتستعمر، وهي تتفرغ لتخطيطٍ أوسع تستطيع أن تعيد به سيطرتها التي فقدتها، لعلها تستعيد ولو لشيء بسيط مما خسرته، لكنها واهمة فهي في مستنقع الخسارةِ قد سقطت، قد كُشف قناعها للعالم أجمع، وسقطت هيبتها ولم يَعُد لديها ما يمكن أن تُخيف وتُرعب به.
أمريكا اليوم تتخبط من هزيمةٍ إلى هزيمة، ومن سقوطٍ إلى سقوط، لم تستوعب بعدُ أين كانت؟! وكيف أصبحت؟!،
لكن الذي لم تستطع أن تحقّقه بأحدث أسلحتها وبارجاتها ومدمّـراتها وحاملات طائراتها لن تستطيع بإذن الله تعالى أن تحقّقه على أيدي أذيالها وعبَّادها وصناعتها (التكفيرين ومن شابههم)، بل ستكون الأخزى والأشر هزيمة لها، والأنكل بسلطانها وعرشها الذي قام على سفك الدماء، ستكون الطريق الذي يقرِّب زوالها واجتثاث فسادها الذي لطالما نخر في هذه الأُمَّــة حتى أصبحت بهذا الحال من الذل والفساد.
وتلك وعود الله قد تجلَّت وظهرت بهزائمها التي تجرعتها في البحر والبر.
فما بعد هزيمة المرحلة الأولى إلاَّ هزيمةً أشد وأنكل في المرحلة الثانية والقادم أعظم، فأمريكا تسير إلى زوالٍ ونهاية وما ذلك على الله وأوليائه بعزيز.