الاستقامة والاعتصام: مفاتيح النجاة من خطط الأعداء
عدنان ناصر الشامي
تُعَدُّ كلمات “الاعتصام” والاستقامة” من المفاهيم الأَسَاسية التي تضرب في عمق العقيدة والإيمان، وهما مفردتان تعكسان طبيعة الصراع القائم بين الحق والباطل، وتكشفان عمق التحدي الذي تواجهه الأُمَّــة الإسلامية من قِبَل أعدائها، خُصُوصاً اليهود والنصارى الذين يسعون دومًا إلى تحريف الحق وإبعاده عن مساره المستقيم.
الاعتصام الحصن الحصين:
“الاعتصام” كلمة تحمل في طياتها معنى القوة والنجاة. الاعتصام بالله هو اللجوء إليه في كُـلّ الظروف، والتمسك بهداه في أوقات الفتن والشدائد؛ لأن الاعتصام هو الحبل الذي يُنجي الأُمَّــة من الضلال والتشتت، ويوجههم نحو سبيل الحق والاستقامة.
ولعل أكثر ما يُزعج أعداء الله هو رؤية أُمَّـة تعتصم بالله وحده، وتتخذ من كتابه العظيم منهاجًا ومن أعلام هديه قيادةً لحياتها، لأن هذا الاعتصام يعني قطع كُـلّ سبل التأثير والتحكم بهم، والعودة إلى منبع القوة الحقيقي، الذي لا يُقهر ولا يُضام.
الاستقامة تَحَدٍّ لأعداء الحق:
“الاستقامة” ليست مُجَـرّد كلمة عابرة، بل هي موقف، هي ثبات على الحق ورفض لكل مظاهر الانحراف والتحريف. إن جوهر هذه الكلمة يكمن في الثبات على طريق الله، والتمسك بهداه وتعاليمه، وهذا ما يجعلها كلمة تحمل خطورة كبيرة على أعداء الأُمَّــة، الذين لا يريدون للناس أن يسيروا على هذا الطريق، بل يسعون بكل وسائلهم وأساليبهم إلى أن “يبغونها عوجا”؛ أي أنهم يريدون تحريفها وإبعاد الناس عن نهج الله الواضح.
هذا التحدي للحق ليس مُجَـرّد نظرية أَو أمنية، بل هو عمل متواصل من قِبَل أعداء الله الذين يسعون إلى نشر الفتن والفساد، وتشجيع الانحراف عن الطريق المستقيم، قال الله تعالى: “قُلْ يَا أهل الْكِتَابِ لِمَ تَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ مَنْ آمَنَ تَبْغُونَهَا عِوَجًا وَأَنْتُمْ شُهَدَاءُ” إنها دعوة واضحة تكشف مكائد أهل الكتاب، يسعون لصد المؤمنين عن دين الله، وتحريف الحقائق، وتثبيط العزائم.
لأنهم يدركون تماماً أن الأُمَّــة المستقيمة على نهج الله ستكون عصيةً على الانكسار، وستحظى بتأييد الله ونصره وقادرةً على مواجهة كُـلّ المؤامرات والدسائس التي تُحاك ضدها.
الأمة أمام حالة خطيرة:
نحن نعيش في زمن يُحيط بنا فيه الخطر من كُـلّ جانب، حَيثُ المؤامرات تُحاك في السر والعلن، والتحديات تزداد يوماً بعد يوم. وفي هذا الواقع المليء بالتحديات، لا يوجد سبيل للنجاة سوى الاعتصام بالله والعودة إليه، واتِّخاذ نهجه وكتابه والسير على درب أعلام هديه، لانهما درعًا واقيًا وسبيلاً للخلاص.
إن حالة الأُمَّــة اليوم تستدعي هذا الاعتصام كضرورة مُلحة؛ لأننا أمام تحديات فكرية وثقافية وعسكرية، وأمام عدو يسعى بكل وسيلة إلى أن يزعزع ثقتنا بإيماننا، ويُبعدنا عن نهج الاستقامة، لذا فإن العودة إلى الله، والتمسك بحبله المتين والتمسك بكتابه العظيم، ونبيه الكريم، وعترته أعلام الهدى، هو السبيل الوحيد للخروج من هذه الأزمة الخطيرة.
الاعتصام والاستقامة طوق النجاة:
إن طريق النجاة واضح وجليّ، وهو طريق الاعتصام ولاستقامة العودة الصادقة إلى الله، والتمسك بكتابه الكريم والسير إلى نهج أعلام الهدى، والاعتصام بحبله المتين. هذه هي السبيل للخروج من كُـلّ الأزمات، والانتصار على كُـلّ الأعداء.
فالاعتصام يعني اللجوء إليه في كُـلّ صغيرة وكبيرة، وتدعو إلى التمسك بدين الله كطريق للنجاة من التفرق والاختلاف، وتشدّد على أن الوحدة، والعمل الجماعي كأمة هي نعمة عظيمة يجب الحفاظ عليها؛ لأن من اعتصم بالله فقد اهتدى إلى الصراط المستقيم.
والاستقامة تعني السير على نهج الله بكل قوة وثبات، وصدق، وإخلاص دون ارتياب أَو تراجع، وهذه الكلمات هي طوق النجاة الذي لا يمكن أن نغفله أَو نتجاوزه،
إن أعداء الله يدركون خطر هاتين الكلمتين، لذا يسعون دومًا إلى تحريفهما، وإبعاد الأُمَّــة عن معناهما الحقيقي. لكننا، إن تمسكنا بالاعتصام والاستقامة، سنكون قادرين على مواجهة كُـلّ المؤامرات والتحديات، وسنحقّق النصر والتمكين بإذن الله.
فالاعتصام والاستقامة هما درع الأُمَّــة وسلاحها في معركة الوجود، وكلما ازددنا تمسكًا بهما، ازددنا قوة وثباتًا، حتى نُحبط كُـلّ مكائد الأعداء، وننتصر في معركة الحق ضد الباطل.
علينا أن نعتصم بحبل الله جميعاً، وأن نتمسك بكتاب الله، ورسوله، والسير على درب أعلام الهدى، فهما المنارة التي تهدي الحائر، والطريق الذي لا يضل سالكه.