نزيفٌ مُستمرّ لاقتصاد العدو
المسيرة: خاص
تتواصل العجلة الإجرامية الصهيونية في التقدم، ولكن على حساب العجلة الاقتصادية التي اهترأت وعادت عرجاء لا تحمل أيًّا من الاقتصادات الكبرى التي كانت تحملها في السابق، قبل الفرار الجماعي لرؤوس الأموال على وقع الصفعات العسكرية والأمنية والاقتصادية التي تعرض لها العدوّ الصهيوني من فصائل الجهاد والمقاومة في فلسطين ولبنان واليمن والعراق.
وسلطت تقارير دولية خلال اليومين الماضيين، الأضواء على السقطات الاقتصادية المتتابعة والمتسارعة التي يشهدها العدوّ في فلسطين المحتلّة، بعد أن زاد العجز المالي والتضخم وانهار معدل دخل الفرد من الناتج القومي الإجمالي وذابت أقوى الأوعية الإيرادية وفي مقدمتها قطاع التكنولوجيا، الذي انهار بفعل الحصار البحري وأزمة النقل الجوي وهجرة الأدمغة.
ولفتت التقارير إلى أن المخاطر الحالية لن تبقى عند هذا السقف، على الرغم من التهدئة في الجبهة اللبنانية، في إشارة إلى أن العمليات المتواصلة للقوات المسلحة اليمنية والمقاومة العراقية، هي الهاجس الأكبر الذي سيبقي الأزمة الاقتصادية للعدو مطولة، خُصُوصًا وأن العمليات المشتركة بين اليمن والعراق تطال الأهداف الحيوية والحساسة في المناطق الإنتاجية للعدو، خُصُوصًا في أم الرشراش “إيلات”، ومؤخّرًا في الشمال “حيفا”.
وأشَارَت التقارير إلى أن قطاع التكنولوجيا الفائقة في فلسطين المحتلّة، الذي كان ذات يوم فخر الكيان الصهيوني، صار اليوم مشلولًا؛ بسَببِ تأثيرات الحصار البحري اليمني من جهة، وأزمة النقل الجوي من جهة أُخرى، وكذلك هجرة العمالة الماهرة والاستثمار الأجنبي، بالإضافة إلى الهروب الجماعي لشركات التكنولوجيا الفائقة التي حزمت أمتعتها وغادرت فلسطين المحتلّة؛ بسَببِ ما أسمته “المخاطر الأمنية”، في إشارة إلى الضربات الصاروخية والمسيّرة التي تطال عمق الاحتلال الإسرائيلي.
وأكّـدت أن استمرار مغادرة الشركات الأجنبية، خُصُوصًا الأمريكية والأُورُوبية قاد لمخاطر أوقفت الشركات المتوسطة والصغيرة؛ بسَببِ تفاقم المخاوف في صفوف أصحاب الأموال.
كما نوّهت إلى أن الهجرة العكسية، والتي تحمل معها أَيْـضًا هجرة الأدمغة وأصحاب التخصصات النوعية في مجالات التكنولوجيا، ستظل إحدى أكبر الآفات على الاقتصاد الصهيوني على المدَيَينِ المتوسط والبعيد، في حين أن خبراء اقتصاديين صهاينة ودوليين حذروا في وقت سابق من إسهام هجرة المواهب الجماعية في تعطيل الابتكار وتقويض الميزة التنافسية للكيان الصهيوني في مجالات نوعية مثل الأمن السيبراني والذكاء الاصطناعي، مؤكّـدين أن هذا النوع من الهجرة سيؤدي لتداعيات بعيدة الأجل تفرض ركودًا اقتصاديًّا.
وعرَّجت على التدهور الحاصل في مؤشرات البورصة لشركات وبنوك “تل أبيب” وكذلك الضربات التي تلقتها عملة الكيان الصهيوني “الشيكل” أمام الدولار، رغم تراجع الأخير عالميًّا؛ ما يؤكّـد أن الانهيار الاقتصادي الصهيوني كان أكبر من أية تراجعات عالمية أُخرى.
ولفتت إلى ارتفاع التضخم بنسبة تتجاوز 4 %، مدفوعًا بزيادة الإنفاق العسكري على حساب القطاعات الخدمية الأُخرى، وارتفاع أسعار السلع، ورفع “بنك إسرائيل” معدلات الفائدة إلى 4،5 في المئة، وهو مستوى زاد الضغط على ميزانيات الأسر من خلال جعل الرهون العقارية والقروض الأُخرى أكثر تكلفة، وهو ما جعل “الغاصبين المستوطنين” يعانون من صعوبات مالية نتيجة ارتفاع هذه التكاليف، وهو ما رفع منسوب السخط الداخلي على حكومة المجرم نتنياهو.
وفي ظل هذه الأزمات والعجز المالي، يرجح خبراء بأن ترميم البنية التحتية والاقتصادية وإعادة تأهيلها قد يكلف العدوّ 20 مليار دولار على الأقل، وهو عبءٌ مالي كبير يضاف إلى الخسائر والنفقات الكبرى التي قدرتها جهات اقتصادية دولية بأنها ستبلغ إجمالي يصل إلى 120 مليار دولار، متوزعة على الإنفاق وسداد القروض وإعادة البناء والتأهيل؛ ما يؤكّـد أن “طوفان الأقصى” والعمليات المساندة لها، كبدت العدوّ الصهيوني أكبر خسائر بشرية واقتصادية منذ احتلاله لفلسطين.
وتأتي هذه المعاناة الاقتصادية مع لجوء العدوّ المُستمرّ لسياسات تقشفية، وأُخرى استقطاعية من أموال شرائح كبار السن من الغاصبين وإلغاء مشاريع في الصحة والتعليم والبنى التحتية، ونهب من مخصصات الشعب الفلسطيني المالية، بالإضافة إلى الزيادات الضريبية، وهي سياسات من شأنها خلق احتقان غير مسبوق؛ ما يجعل حكومة المجرم نتنياهو محفوفةً بالتهديدات والمخاطر من كُـلّ جانب.