خذلان غزة.. إلى أين يقود العرب؟!

دينا الرميمة

بعد الفشل الذريع للكيان الصهيوني باستعادة أسراه إلا من بعض جثث قتلتها رصاصات جيشه وغاراته المتساقطة على غزة، هدّد ترامب على منصتة الخَاصَّة «Truth social» بجحيم للشرق الأوسط إذَا لم يتم الإفراج عن الرهائن قبل العشرين من يناير المقبل موعد تسلمه كرسي الرئاسة، الذي لا شك أن للوبي الصهيوني يدًا طولى في وصوله إليه إثر وعوده الكبرى لهم بالدعم، حَيثُ وإنه في مضمار السباق على العرش الأمريكي يكون أهم بنود الحملات الانتخابية للمرشحين الدعم الممنوح من كُـلّ مرشح لـ “إسرائيل” في دلالة على أن الانتخابات لا يحكمها الشعب أَو الديمقراطية التي تتغنى بها أمريكا إنما اللوبي الصهيوني؛ ولذلك نرى الاستماتة الكبيرة من أمريكا في دعم “إسرائيل” وتأكّـد ذلك من الدعم السياسي والعسكري الأمريكي لهم في حرب غزة، لولاهما لما استمرت الحرب قرابة الشهرين وعام، ولما وصل عدد الشهداء لخمسة وأربعين ألف شهيد، إلى الحد الذي باتت أمريكا شريكاً فعلياً في كُـلّ قطرة دم وروح يزهقها الصهاينة في غزة.

وفي الوقت الذي تدعي أمريكا حرصها الشديد على مفاوضات تنهي الحرب تكون هي من تذبح أي قرار يتخذه مجلس الأمن بوقف إطلاق النار في غزة آخره القرار الذي أجمعت عليه جميع دول المجلس وقتله الفيتو الأمريكي بمشنقة سياسية لطالما كانت رحيمة بالكثير من القرارات التي لا تخص الكيان الصهيوني، وهي ذاتها الوحيدة التي عارضت قرار الجنائية الدولية باعتقال نتن ياهو وغالانت الذي رحبت به مِئة وأربع وعشرين دولة وعارضته أمريكا.

وفي وقت كان يجدر بالعرب الالتفاف حول غزة، لا سيَّما وقد بلغت مأساتها مبلغاً، أشفقت منها الشعوب الغربية الغريبة عنها، إلا أن موقفهم لم يتجاوز بعض قمم أعلنوا فيها استعدادهم لتوقيع اتّفاقيات تطبيع مقابل حَـلّ الدولتين؛ الأمر الذي لم تأت به أوسلو التي منحت ثلثي فلسطين وأكثر للصهاينة والثلث للشعب الفلسطيني.

وكان الأجدر بهم أن يعلموا أن اتّفاقيات التطبيع التي وقعت بأمر من ترامب أثناء ولايته الأولى لأمريكا لم توقفه عن نقل سفارة بلاده إلى القدس لتثبيت القدس عاصمة عبرية، ولم تغل يده أَيْـضًا عن منح الصهاينة سيادة الجولان السورية.

وفي الوقت الذي خدعهم ترامب بمسمى إبراهام للتطبيع لإعطائها صبغة دينية تحت مسمى التسامح بين الأديان كانت جرافات الكيان الصهيوني تهدم منازل الفلسطينيين بالقدس والضفة، وينتهك جيشه المساجد ويهدمونها على رؤوس من فيها ويحرقون المصاحف ويمزقونها ويقتحم المستوطنون المسجد الأقصى.

وحَـاليًّا ومع فوز ترامب بولاية ثانية لأمريكا تعالت أصوات الصهاينة بضرورة ضم الضفة الغربية واستيطانها مع بداية العام ٢٠٢٥ في ذات الوقت الذي يصرح قادة الكيان بضرورة استيطان غزة وتهجير سكانها إلى أقل من النصف وبهذا ينتهي اسم دولة فلسطين وتقام على أنقاضها دولة “إسرائيل” الكبرى التي ستتمدد يمنة ويسرة على حدود الدول العربية التي أعلنها سموتريتش ويبدأ بذلك تأريخ جديد للشرق للأوسط بقيادة نتن ياهو.

غير أن الحرب على سوريا كشفت مفارقات كثيرة أولها أن مواقف العرب المخزية تجاه (طُوفَان الأقصى) وخذلانهم لغزة زادت من عنجهية الصهاينة وشجعتهم إلى الذهاب لسوريا، وأكّـدت المؤكّـد حول أن الإرهاب صنيعة أمريكية وأن الجماعات الإرهابية التي تقاتل في سوريا هي أيادٍ أمريكية تحَرّكها بالوقت الذي تشاء وأين تشاء، وأن هذه الجماعات هدفها الأكبر تشويه الإسلام المحمدي وتصويره أنه دين الذبح بلحاهم الطويلة، وَكُـلّ تكبيرة ترفع مع كُـلّ عملية ذبح ينفذونها بحق الأبرياء السوريين.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com