عامٌ من التحدي اليمني للهيمنة الأمريكية وتحالف الغرب في البحار (3 والأخيرة)

المسيرة – إبراهيم العنسي:

في 12 تشرين الثاني / نوفمبر الماضي وبينما كانت حاملات الطائرات الأمريكية “يو إس إس إبراهام لينكولن” تحضر لضربات جوية من على متنها ضد اليمن من البحر العربي، كانت المعلومات الاستخباراتية اليمنية عن هذا التحضير قد تم معالجتها والاستعداد لإفشال ذلك الهجوم، حَيثُ كانت الطائرات الأمريكية تُجهز بالصواريخ والقذائف على متن الحاملة استعداداً للإقلاع والعدوان على اليمن بضربات جوية.

في عرض البحر العربي تفاجأت حاملة الطائرات الأمريكية ومدمّـرات تابعة لها بالهجوم اليمني، فتم استهداف مدرج الإقلاع على سطح السفينة، حَيثُ لم يلحظ بعد العملية العسكرية اليمنية إقلاع أي من الطائرات الأمريكية من على متن الحاملة الأمريكية، ومعه فشلت العملية الأمريكية البريطانية باستهداف اليمن بعدوان جوي كثيف وغير مسبوق.

وإلى جانب حاملة الطائرات الأمريكية، تم استهداف مدمّـرتين أمريكيتين في البحر الأحمر، وأعلن الجيش الأمريكي، لاحقًا، عن تعرض مدمّـرتين لهجوم، بينما لم يرد أي تعليق بشأن حاملة الطائرات، التي غادرت المنطقة لاحقًا، وباتت منطقة عمليات القيادة المركزية الأمريكية في الوقت الراهن خالية من حاملة طائرات.

بهذا الخصوص أشَارَت خريطة حديثة نشرها الجيش الأمريكي، لحاملات طائراتها في العالم، أن “إبراهام لينكولن” تواجدت في 19 نوفمبر الماضي قبالة السواحل الهندية في المحيط الهندي، بعد أن كانت تتمركز في البحر العربي قرب السواحل اليمنية، قبل أسبوع من نشر هذا التحديث.

وهو مشهد مشابه ما بعد حادثة استهداف القوات اليمنية حاملة الطائرات أيزنهاور في البحر الأحمر ثم تغيير موقعها بالابتعاد قرابة الألف ميل شمالًا، وملاحقتها في البحر الأحمر بسلسلة عمليات خلال شهرَي مايو ويونيو من هذا العام.

في 1 كانون الأول / ديسمبر أعلن بيان العميد سريع استهداف مدمّـرة و3 سفن أمريكية، وهي سفينة “ستينا إمبيكابلي” و”ميرسك ساراتوجا” و”ليبيرتي جراسي”، بـ 16 صاروخًا باليستيًّا ومجنَّحًا وطائرة مسيَّرة في البحر العربي وخليج عدن.

المدمّـرة الأمريكية التي لم يسمها بيان القوات المسلحة كانت المدمّـرة “ستوكديل”، التابعة للجيش الأمريكي والذي أقر بتعرض السفن الثلاث لهجمات، وقال إن المدمّـرة (ستوكديل) كانت إحدى مدمّـرتين اشتبكتا في الهجوم اليمني الكثيف.

 

عمليات اسبايدس الأُورُوبية:

وسط تصاعد الهجمات اليمنية المساندة لغزة، ضد السفن العسكرية الأجنبية المعادية في البحر الأحمر، لحقت هولندا بأمريكا وفرنسا وألمانيا والدنمارك وغيرها، في سحب قطعها الحربية من البحر الأحمر، بعد فشل محاولات إيقاف عمليات قوات صنعاء في استهداف السفن المرتبطة بـ “إسرائيل” أَو المتجهة إلى موانئها.

وتناول الإعلام الدولي انسحاب القطع البحرية الأُورُوبية الواحدة تلو الأُخرى بعد أن أدركت الدول المشاركة أن مهمات قطعها محفوفة بمخاطر حقيقية، مع انسحاب الفرقاطة الهولندبة “ترومب” من البحر الأحمر، سردت صحيفة The Indian Express الهندية، عن قائد الفرقاطة الهولندية، يافان بوسيكوم، قوله: “كنا في منطقة البحر الأحمر لأكثر من شهر، وتهديد اليمنيين يمتد من البحر الأحمر حتى خليج عدن الذي يربط البحر بالمحيط الهندي… اليمنيون عنيفون ولا يمكن التنبؤ بتصرفاتهم والسفن التجارية التي تمر عبر تلك المنطقة (غير قادرة على الدفاع عن نفسها)”.

في يوم الجمعة، 27 إبريل كانت جزء من ترسانة أمريكا البحرية تغادر البحر الأحمر، كشفت القوات البحرية الأمريكية عن انسحاب حاملة الطائرات “يو إس إس دوايت دي أيزنهاور” والمدمّـرة “يو إس إس غريفلي”، إلى شرق البحر الأبيض المتوسط.

فيما أكّـد موقع “USNI News” التابع للبحرية الأمريكية: مغادرة حاملة الطائرات “أيزنهاور” البحر الأحمر لتترك منطقة القيادة المركزية الأمريكية بدون مجموعة حاملة طائرات ضاربة أَو مجموعة برمائية جاهزة للمرة الأولى منذ أُكتوبر.

بعد انسحاب ثلاث فرقاطات أُورُوبية (فرنسية ودنماركية وبلجيكية) من البحر الأحمر؛ بسَببِ صعوبة مواجهة الهجمات اليمنية المساندة لغزة والتي تستهدفُ السفنَ المرتبطة بالعدوّ الصهيوني والولايات المتحدة وبريطانيا، أعلنت ألمانيا سحب فرقاطتها “هيسن”، صباح السبت، 20 نيسان/إبريل 2024، من المنطقة لاستبدالها، على وَقْعِ اعترافاتٍ بأن المواجهة مع اليمن هي أخطر مواجهة بحرية منذ عقود، واللافت أن المدمّـرة الألمانية لم تبق سوى شهرين ونيف من 23 فبراير – 20 إبريل 2024.

الخطاء العملياتي للفرقاطة الألمانية “هيسن” الذي وقع بعد أَيَّـام من نشرها، باشتباكها مع طائرة أمريكية بدون طيار كانت تحلق في البحر الأحمر، ظنًّا أنها طائرة مسيَّرة يمنية؛ كان كاف للكشف عن ارتباك وتخبط وغيابِ التنسيق بين القوات الغربية.

بلجيكا كانت فد أعلنت عن تأجيل نشر الفرقاطة “لويز ماري” في البحر الأحمر؛ بسَببِ فشلها في التصدي لهجوم بطائرة مسيّرة.

وقتها كشف موقع “مارينشيبين” المتخصّص في الأمن البحري أن صاروخاً مضاداً للطائرات علق في أنبوب الإطلاق أثناء التدريب، بينما الدفاعات الأُخرى فشلت في إسقاط الطائرة، وعليه لم تكمل الفرقاطة البلجيكية طريقها إلى المياه اليمنية وظلت في البحر الأبيض المتوسط.

في الـ12 من إبريل اضطرت البحرية الفرنسية إلى سحب فرقاطتها “فريم الزاس” من البحر الأحمر تحت ضغط الصواريخ اليمنية دقيقة الإصابة.

قائد الفرقاطة الفرنسية كان قد كشف لـ “صحيفة لوفيغارو”، أسباب انسحاب الفرقاطة (FREMM Alsace) من البحر الأحمر، وهو الخوف من تعرضها للاستهداف المباشر بالصواريخ والطائرات المسيّرة المتجهة من اليمن، خُصُوصًا في ظل صعود مسار التطوير العسكري لمختلف وحدات القوات المسلحة اليمنية، ومن بينها القوة الصاروخية وسلاح الجو.

وقبل ذلك، اضطرت الفرقاطة الدنماركية “إيفر هويتفيلدت” إلى الانسحاب من البحر الأحمر؛ بسَببِ التهديد المرتفع ومواجهتها مشاكل خطيرة في منظومتها الدفاعية عرضتها وطاقمها للخطر، ولم تمض هذه الفرقاطة حتى شهرًا واحدًا في المهمة تلك، حَيثُ عادت إلى الدنمارك بشكل طارئ بعد تعرضها لمشاكل خطيرة في أنظمة الأسلحة الدفاعية والمهمة الحيوية.

وفي الـ 5 من إبريل، أكّـدت صحيفة بوليتكو الدانماركية أن الحكومة أقالت رئيس الأركان الدانماركي، بعد تعطل الفرقاطة الحربية في معركة البحر الأحمر، والفشل في الإبلاغ عن عيوب أنظمة الدفاع الجوي للفرقاطة خلال هجوم يمني في البحر الأحمر..

كانت الدانمارك قد أعلنت رسميًّا في 29 من مارس الماضي عن إرسال الفرقاطة «إيفر هويتفيلت» إلى البحر الأحمر للمشاركة في التحالف فيما أقيل وزير الدفاع الدانماركي في 5 إبريل.

وفي نوفمبر الماضي أعلنت عملية “أسبايدس” البحرية، عن مغادرة مدمّـرة إيطالية (أندريا دوريا) البحر الأحمر، ليتقلص بذلك عدد السفن الحربية في المهمة، حَيثُ لم تكمل المدمّـرة “أندريا دوريا” شهرها الخامس في المياه اليمنية، فقد انضمت في يوليو وغادرت في نوفمبر.

وكحال عجز الترسانة البحرية الأمريكية كان حال ترسانة أُورُوبا فبعد أقل من ثلاثة أشهر فقط على إطلاق المهمة الأُورُوبية شكت القيادة السابقة لها من قلة السفن الحربية المشاركة في العملية، بعد انسحاب قطع ألمانية ودنماركية وفرنسية وبلجيكية، وايطالية بعضها تعرض لهجمات وفشل في التصدي لها، والبعض الآخر واجه أعطالًا فنية، وبانسحاب المدمّـرة الإيطالية ازدادت متاعب المهمة الأُورُوبية التي عجزت تمامًا ومنذ تشكيلها عن القيام بأيِّ دور يتطاولُ على السيادة اليمنية، وهو مشهدٌ واضح ٌيظهر بعد عام ونيف من تشكيل تحالف أمريكا وبعد عشرة أشهر على تشكيل “أسبايدس”، أن تلك التحالفات قد هزمت شر هزيمة سواء بحضور القوة المميتة أَو بحضور التهديد اليمني ما قبل المواجهة، فهذا كاف كي يستوعب درس مستنقعات اليمن جيِّدًا.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com