دراماتيكية الأحداث وآلية المواجهة
د. شعفل علي عمير
تدرك جميع الشعوب والحكومات في العالمين العربي والإسلامي وجود مؤامرة تُحاك ضدها، حَيثُ باتت ملامح هذه المؤامرة واضحة وجلية، وقد بدأ تنفيذها على أرض الواقع، لتظهر أولى فصولها في غزة، ثم انتقلت إلى لبنان، وها هي الآن تتجلى في سوريا، وتظل هذه المخطّطات بعيدة عن تعقيدات النزاعات الأيديولوجية والسياسية أَو التناقضات الفكرية التي تعيشها الحكومات في منطقتنا، حَيثُ إن الجميع يظل ضمن دائرة استهداف أعدائهم ومرمى نيرانهم.
نحن نقف على أعتاب عهد جديد، بدأت ملامحه تتشكل وبدأت كذلك مكوناته تتبلور في كيانات بأدوات ووسائل جديدة.
إنه زمن زاخر بالأحداث غير المتوقعة، مما يستدعي من أمتنا الاستعداد والتهيئة النفسية والروحية والمادية لمواجهة كُـلّ التحديات المحتملة بفعالية وكفاءة، أن ما تشهده منطقتنا من أحداث متسارعة بشكلها الدراماتيكي يحتم عليها تطويع سياساتها وأدواتها بالشكل الذي يستجيب لتطورات الأحداث بما يضمن لأمتنا أمنها وسيادتها، وأن تستفيد من تلك الأحداث لتعزيز التعاون والشراكة فيما بينها؛ فالأحداث أظهرت جوانب من الضعف في البعض منها، والتي بطبيعة الحال كانت سببًا ونتيجة لما آلت إليه الأحداث من تداعيات خطيرة كانت كلها تصب في مصلحة خصومها المتربصين بها.
تستدعي الظروف الحالية من كُـلّ دولة عربية أَو إسلامية لإعادة تقييم سياساتها وتعزيز قوتها، التي لا يمكن تحقيقها إلا بفهم العدوّ الحقيقي الذي انكشفت ملامحه البشعة مؤخّرًا في غزة ولبنان واستباحته السافرة للأرض والإنسان في سوريا، متحديًا بذلك بشكل واضح كُـلّ الأعراف والمواثيق الدولية، ومن النتائج التي تمخضت عن العدوان على سوريا، نجد الكيان الصهيوني يقوم باحتلال مواقع استراتيجية لمناطق وقرى جديدة في القنيطرة وجبل الشيخ، وتكثيف غاراته على دمشق، وانفراده بارتكاب المجازر ضد سكان غزة على مرأى ومسمع من أمتنا العربية والإسلامية.
ازداد طمع العدوّ واشتدت شراسته في احتلال الأرض العربية، متبنيًا نهجًا دمويًّا ووحشيًّا ضد أهلنا في غزة، ومهدّدًا الشعب الفلسطيني في الضفة، يتم كُـلّ ذلك تحت مظلة الدعم الأمريكي الواضح والصريح، أضحت جميع الأماكن غير آمنة، حَيثُ تجرأ العدوّ على انتهاك كافة المواثيق الدولية والمبادئ الإنسانية.
في هذا السياق، يجب أن يدرك العالم العربي والإسلامي أنه مستهدف بلا استثناء، سواءٌ أكانت الحكومات أَو المعارضة، سواءٌ أكانت مواقفها تطبيعية أَو مقاومة، لم يعد هناك قاربًا للنجاة أمام أمتنا إلا عبر تغيير النهج القائم على تعميق هوّة الخلافات البينية والاعتماد التام على الأعداء في أمنها وقوْتها، ومن ثم التحول نحو التكامل والتعاون الاقتصادي والعسكري لتعزيز قدرات الأُمَّــة وحماية شعوبها من القتل وأراضيها من الاحتلال وثرواتها من الاستغلال، عملاً بقوله تعالى: {واعْتَصِمُوا بِحَبْلِ الله جميعًا وَلَا تَفَرَّقُوا}.