تحريرُ فلسطين واجبُ المسلمين
ق. حسين بن محمد المهدي
مما لا ريبَ فيه أن من أعان على أخيه زاد في قوةِ أعاديه، ومن عوّد نفسَه الجميلَ نعته الناس بالتبجيل، وحصلت له المثوبةُ وستُرَت عيوبه.
إن أحق من تطيعه من يأمرك بالتقى، وينهاك عن اتِّباع الهوى؛ لأَنَّ الهوى يضل عن طريق الهدى؛ ولهذا نهى الله داوود عليه السلام عن اتِّباعه (يا داوُودُ إِنَّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً فِي الأرض فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلا تَتَّبِعِ الْهَوى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّـهِ).
فمنطقُ الهوى طريقُ الخداع والتضليل؛ ولهذا عَنِيَ الإسلام بالتحذير من اتِّباع الهوى، ونعى على المقبلين على سلوك سبيله ضلالهم وانحرافهم، فقال سبحانه (وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَواهُ بِغَيْرِ هُدىً مِنَ اللَّـهِ).
فلا يجوزُ أبدًا لأي إقليم إسلامي أن يواليَ من أخرجوا المسلمين في فلسطين من ديارهم، ولا الذين ظاهروا وعاونوا على إخراجهم؛ فقد نهى الله عن ذلك (إِنَّما يَنْهاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيارِكُمْ وَظاهَرُوا عَلى إخراجكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولئك هُمُ الظَّالِمُونَ).
فالاعتداء على أي بلد إسلامي يعتبر اعتداءً على المسلمين جميعًا، ومن أخذ شبرًا من إقليم إسلامي فقد انتقص من أرض المسلمين جميعًا.
وهذه “إسرائيل” تذل المسلمين من عرب فلسطين، وتخرجهم من ديارهم، وتقتطع من أرض المسلمين، وقد نرى البعضَ يصم أُذُنَه عن جرائم العدوّ الصهيوني، ويعتبر نفسه منتصِرًا، ثم ينسب إليه أنه يقول سيمد يده إلى من يذل المسلمين، ويتغاضى عن جرائمهم، ولا يتغاضى عن خلافٍ بين المسلمين في أمور يتغاضى عنها المسلم؛ لأَنَّها لا تخرج المسلم عن دائرة الإسلام، البتة، ومع أن الترويج بمثل ذلك لا يخدم الإسلام بل يهدمه، ولا يحقّق فيهم سوى الاكتواء بناره، من ذل وهوان، وطاعة تمثل عبودية لقوى العدوان، وليس للرحمن.
والمسلمون اليوم الذين ينشدون عزة الإسلام في أمَسِّ الحاجة إلى الاتّفاق، والتعاون على البر والتقوى، (وَتَعاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوى وَلا تَعاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ).
إن المسلمين اليوم في حاجة إلى صدِّ أسباب الاختلاف والتعاون مع أنصار الله وحزبه، الذين يرفعون علمَ الجهاد ضد الصهيونية، التي تبيدُ المسلمين في غزة على مرأى ومسمع من الناس أجمعين؛ فذلك اجتماعٌ يطيع المسلمون فيه القرآن (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّـهِ جميعًا وَلا تَفَرَّقُوا).
فتحرير فلسطين واجب على المسلمين أجمعين، فالجهاد سفينة لنجاة، المسلمين وعزهم فالإسلام قوة لا تقهر.
إن المسلمين مجتمعين عليهم بمقتضى الأُخوَّة الإسلامية والإنسانية أن يقفوا في وحدة سياسية وعسكرية واقتصادية واحدة في وجه الصهيونية، ليتحقّق بذلك قول الرسول الأعظم محمد (ص) “مَثَلُ المؤمنين في توادِّهم وتراحُمِهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضوٌ تداعى له سائرُ الجسد بالحمى والسهر” وقوله: “المؤمنُ للمؤمن كالبنيان يشُدُّ بعضُه بعضا” ولا يصح إسلامهم إذَا تفرّقوا واختلفوا، والله سبحانه وتعالى قد نهاهم عن ذلك بقوله (وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ ما جاءَهُمُ الْبَيِّناتُ) (إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شيء). فهل من مدكر؟
وهكذا ينهى الإسلام عن كُـلّ سبب يفضي بالمؤمنين إلى التنازع والتقاطع؛ لأَنَّ ذلك يوهن قوتهم، ويحل عُراهم، ويمكِّنُ منهم أعداءَهم، ويجعلهم ينحدرون من سيء إلى أسوأ، ويصيرون ضِعافًا، كما يهوى عدوُّهم.
فعلى المؤمنين أن يصغوا إلى ما يقولُه أبو جبريل قائدُ المسيرة القرآنية وأن يهبوا إلى ساحات الجهاد، لقتالِ عدوهم، وتحرير أرضهم أرض فلسطين، (وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ).
العزةُ لله ولرسوله وللمؤمنين، والخزيُ والهزيمةُ للكافرين والمنافقين، ولا نامت أعينُ الجبناء.