منظمة إغاثية صهيونية: ربع “الإسرائيليين” تحت خط الفقر والمصير ذاته قد يطال نصف السكان
المسيرة: متابعة خَاصَّة
دخل الاحتلالُ الصهيوني مرحلةً جديدةً من الانهيار الاقتصادي والمعيشي؛ جراء استمرار الإجرام بحق الشعب الفلسطيني وما ترتب عليه من آثار مباشرة وغير مباشرة وضربات مضادة من مختلف فصائل المحور، أفضت جميعُها إلى توجيهِ ضرباتٍ قاضيةٍ لاقتصاد العدوّ، والذي انعكس بدوره على “المستوطنين الغاصبين”، حَيثُ أكّـد تقريرٌ “إسرائيلي” أن ربعَ “الإسرائيليين” يعيشون تحت خط الفقر، مُشيرًا إلى أن العام 2024 كان الأكثر انهيارًا؛ ما يؤكّـد فاعليةَ الضربات التي تلقاها العدوّ، بدءًا من الإنفاق العسكري الهائل وتمويل الحرب في غزة ولبنان، مُرورًا بالحصار اليمني البحري الخانق الذي شلّ معظم قطاعات العدوّ الحيوية، وُصُـولًا للضربات الصاروخية والجوية التي طالت مناطق صناعية وزراعية وتجارية في فلسطين المحتلّة، وأدت لهروب المستثمرين والتجار ورؤوس الأموال وأزمة نقل جوي توازي الحصار البحري.
ملايين في خط الفقر:
وأوضح التقرير الذي أصدرته ما تسمى “منظمة لاتيت” المختصة بالإغاثة في فلسطين المحتلّة، أن ربع “الإسرائيليين” يعيشون تحت خط الفقر؛ بسَببِ الأزمات المتعاقبة التي طالت الاقتصاد والمعيشة في فلسطين المحتلّة، مبينة أن نحو 65 % من “المستوطنين الغاصبين” تضرروا ماليًّا بدرجة كبيرة، في حين أن هذه الأرقام تنذر بكارثة داخلية على العدوّ الصهيوني، وقد تزيد من أرقام الهجرة العكسية بشكل غير مسبوق؛ ما يمثل تهديدًا وجوديًّا للعدو الصهيوني، خُصُوصًا مع استمرار العدوان والحصار على غزة، وما يترتب عليه من فواتير يتكبدها العدوّ الصهيوني، خُصُوصًا وأن العمليات العسكرية الإسنادية تزحف باستمرار على قطاعات العدوّ الاقتصادية وأوعيته المالية.
وجاء في تقرير المنظمة الصهيونية أن 22.3 % من الأسر في “إسرائيل” بواقع نحو 700 ألف عائلة، يعيشون في خط فقر، فيما 28.7 % من المستوطنين الغاصبين يعانون من الوضع نفسه؛ أي إن نحو مليونين و240 ألف شخص قد يصلون إلى خط الفقر خلال الفترات المقبلة إذَا ما استمرت الأزمات والتهديدات التي تحيط بالعدوّ من كُـلّ جانب، وهذه أرقام تضع الكثير من علامات الاستفهام أمام الدعايات التي يروج لها العدوّ الصهيوني بأن المدن الفلسطينية المحتلّة قلعة اقتصادية لا تعرف الهبوط، وملاذ للباحثين عن الحياة الرغيدة، لا سيما أن اقتصاد العدوّ قد صار ذا سمعة سيئة لدى العالم، بمن فيهم المستثمرون البريطانيون والأمريكيون الذين سحبوا شركات وأصول قيمتها عشرات المليارات من الدولارات، فضلًا عن صيرورة مدن فلسطين المحتلّة بيئة طاردة للحياة، ومناطق غير آمنة للمعيشة على الإطلاق، خُصُوصًا مع الصواريخ والمسيرات التي تطال مختلف المدن بشكل شبه يومي من قبل القوات المسلحة اليمنية والمقاومة الإسلامية العراقية.
غلاء يوازي تقلص الأجور:
وقال التقرير: إن “تكلفة المعيشة الشهرية في “إسرائيل” لعام 2024 هو 5.355 شيكل للفرد (1.482 دولار)، وحوالي 13 ألفًا و617 شيكلًا (3.769 دولار) لأسرة مكونة من شخصين بالغين وطفلين، بزيادة قدرها 6.55 و6.9 % على التوالي مقارنة بالعام الماضي، وبحسب التقديرات السنوية، يعني ذلك إنفاقا إضافيًّا يبلغ حوالي 4 آلاف شيكل (1.107 دولار) للشخص الواحد، وحوالي 10 آلاف و500 شيكل (2.907 دولار) لكل أسرة”، في حين أن الإنفاق الإضافي لا يمكن استيعابه من قبل المستوطنين الغاصبين في ظل انخفاض الأجور بنسبة 4 %، ووقف مستحقات ما يسمى “الضمان الاجتماعي” من قبل حكومة نتنياهو التي اتخذت سياسات تقشفية طالت شرائح واسعة من المتقاضين لأموال الضمان الاجتماعي والشيخوخة، فضلًا عن غلاء الأسعار بشكل متواصل.
وتوضح منظمة “لاتيت” أن “الحد الأدنى لتكلفة المعيشة، الذي يعكس الإنفاق المطلوب للمعيشة الأَسَاسية، ارتفع بنحو ضعف الزيادة في مؤشر أسعار المستهلك، الذي يبلغ 3.6 %”، وهو ما ضاعف من الأزمة الاقتصادية التي يعيشها المستوطنون الغاصبون.
وفيما أكّـدت المنظمة بالقول: إن “معظم الزيادة في مؤشر أسعار المستهلكين ينبع من زيادة أسعار المواد الغذائية والسكن والفواتير، وهذا يعني أن هناك شريحة من السكان في “إسرائيل” تعيش في فقر على الرغم من أنها لم تعرّفها مؤسّسة التأمين الوطني على أنها فقيرة”، فَــإنَّ هناك مؤشرات تؤكّـد تحفُّظ حكومة العدوّ الصهيوني وهيئاته المعنية في هذا الشأن، عن الإفصاح بحجم التدهور المعيشي الذي أصاب المستوطنين الغاصبين، للحد من انتشار سمعة العدوّ الاقتصادية المضروبة، وكذلك لإخفاء الآثار الناتجة عن الصفعات الاقتصادية والعسكرية والأمنية التي يتلقها العدوّ الصهيوني باستمرار من قبل فصائل المقاومة داخل فلسطين وخارجها.
وبالإضافة إلى الأرقام الكارثية المذكورة سلفًا، يشير التقرير إلى أن نحو مليون صهيوني باتوا عاجزين عن دفع الفواتير للخدمات الأَسَاسية؛ ما يؤكّـد أن الفقر والانهيار المعيشي يزحف باستمرار داخل جبهة العدوّ الداخلية؛ ما يهدّد تماسكه الداخلي وينذر بالكثير من الانقسامات في صفوفه، ويولّف السخط المتزايد على حكومة المجرم نتنياهو.
وتقول المنظمة بشأن السكان الذين تدعمهم: إن “تكلفة المعيشة في “إسرائيل”، والتي كانت مرتفعة حتى قبل الحرب، ساءت بشكل كبير نتيجة لذلك، حَيثُ خلقت الحرب ضغوطًا لزيادة الأسعار، خَاصَّة في صناعة المواد الغذائية والسلع الاستهلاكية”، مضيفةً “إن 78.8 %من الأسر المدعومة لديها ديون لبعض الكيانات، مقارنة بـ26.9 % من عامة السكان، وكذلك تدهور الوضع الاقتصادي لـ65 % من متلقي المساعدات و32.1 % من عامة الناس خلال العام الماضي”.
وتابعت في التقرير إن “81.7 % من كبار السن المستفيدين من المساعدات يعانون من الفقر، و52.6 % في فقر مدقع، وأكثر من ثلث (34.8 %) من كبار السن يعانون من انعدام الأمن الغذائي الشديد، و60.4 % من كبار السن الذين يتم دعمهم تخلوا عن الأدوية أَو العلاج الطبي؛ لأَنَّهم لم يتمكّنوا من دفع ثمنها”.
وأوضحت أن أطفال نصف الأسر المدعومة باتوا يعانون من مشاكل نفسية وتحصيل دراسي ضعيف، فيما يتخلى أكثر من نصف كبار السن في هذه الفئة عن الأدوية ويعانون من زيادة الشعور بالوحدة والقلق، مشيرةً إلى أن ذلك انعكس على التحصيل الدراسي.
استمرار الحرب على غزة يعني تفشي الفقر:
ولفتت المنظمة إلى أن هاجس الفقر المدقع والانهيار المعيشي التام جعل العائلات المدعومة منها تعيش “في خوف دائم من نفاد الطعام وعدم قدرتها على شراء المزيد من الطعام وتقديم وجبات متوازنة ومنتظمة لأطفالها”.
ومع استمرار العدوان والحصار الصهيوني على غزة، تؤكّـد المعطيات الراهنة، أن الانهيار المعيشي والاقتصادي سيتضاعف في الداخل الصهيوني، خُصُوصًا في ظل انعدام الخيارات لدى العدوّ، في ظل تصاعدها بالنسبة للقوى المناهضة في اليمن والعراق وفلسطين، مع احتمالية انفجار الجبهة اللبنانية مجدّدًا على وقع الخروقات الصهيونية المُستمرّة.
وتأكيدًا على ذلك يقول الرئيس التنفيذي للمنظمة “عيران وينتراوب”: إن “التوقعات للسنوات المقبلة مثيرة للقلق؛ إذ من المتوقع أن تؤدِّي الإجراءات الاقتصادية المخطَّط لها، بما في ذلك زيادة ضريبة القيمة المضافة، ودفع اشتراكات التأمين الوطني والمزايا الصحية، فضلًا عن زيادة أسعار الكهرباء والمياه والضرائب البلدية، إلى تعميقِ محنة السكان الأضعف”، مُضيفًا “سيؤدي ذلك إلى انضمام آلاف الأسر الإضافية من الطبقة المتوسطة الدنيا إلى حالة نقص حاد وعدم القدرة على توفير حَـلّ للاحتياجات الأَسَاسية اللازمة للعيش بكرامة”.
وتعليقًا على ذلك قالت صحيفة يديعوت أحرونوت في تقريرها بشأن ما قالته منظمة “لاتيت”: إنه “إلى جانبِ التحديات الأمنية والعسكرية، يجب أن نتذكر أن هناك حربًا أُخرى، هي الحرب على الفقر، حَيثُ تواجه “إسرائيل” اختبارًا أخلاقيًّا للتضامن والمسؤولية المتبادلة التي ستؤثر على صمود المجتمع وتقرّر ما إذَا كنا سنخرج من الأزمة أقوياء أم ضعفاء”.
وبما أن كُـلَّ هذه التصريحات والأرقام عبَّرت عن القلق الكبير من تزايد حدة الفقر داخل مدن فلسطين المحتلّة باستنادها على المؤشرات الاقتصادية الراهنة والسياسات التقشفية المتخذة مع انطلاق العام المقبل 2025، فَــإنَّها لم تعرّج بشكل كبير على المشكلة الأَسَاسية التي تسببت بكل هذه الإفرازات، وهي التهديدات العسكرية والأمنية التي تحيطُ بالعدوّ وقوامه الاقتصادي، وهو ما يجعلُ من تصاعُدِ العمليات مطرقةً إضافيةً وقاصمةً على الوضع المعيشي في الداخل الصهيوني، وقبلَه على اقتصاد العدوّ، وبذلك قد تتضاعَفُ موجاتُ السخط العارمة ضد المجرم نتنياهو وحكومته النازية، ليكونَ الخيارُ الوحيدُ المتبقي أمامَها هو وقفَ الإجرام دون قيد أَو شرط، وما دونَه فهو الانتحارُ الذي لن يوقفَ نزيفَه أي إجراء بعده.