سوريا بين مفترق الطرق والتحديات المصيرية
صفاء المتوكل
سوريا اليوم تقف على أعتاب مرحلة سياسية مفصلية تكتنفها التحديات والمخاطر وقد دخلت البلاد في واقع جديد يتسم بفراغ سياسي خطير يهدّد وحدة الدولة وسيادتها وسط مؤامرات خارجية تهدف إلى زعزعة الاستقرار وتعميق الانقسام.
انسحاب الجيش السوري من نقاط تماس استراتيجية مثل الجولان يثير تساؤلات حول قدرة المؤسّسات الدستورية على إدارة المرحلة الانتقالية، غياب حكومة قادرة على اتِّخاذ القرارات السيادية في مواجهة العدوان الصهيوني المُستمرّ يعكس حالة من الشلل السياسي والانهيار الإداري، سوريا باتت تعيش وضع “اللادولة” ما يفتح الباب أمام احتمالات خطيرة منها الانزلاق نحو الفوضى والصراعات المسلحة.
الحرب الطويلة التي امتدت لعقد من الزمن تركت جراحًا عميقة داخل المجتمع السوري، حَيثُ خلفت مئات الآلاف من الضحايا وشردت الملايين كما دمّـرت البنية التحتية والمدن، الأحقاد المتراكمة بين الأطراف المتصارعة تُعد وقودًا محتملًا لأي تصعيد جديد، لا سِـيَّـما مع سيطرة داعش التي تحمل في داخلها رواسب العداء والثأر.
لا يمكن فصل ما يجري في سوريا عن المخطّطات الخارجية، حَيثُ تسعى قوى دولية وإقليمية إلى استغلال الفوضى لتحقيق أهدافها، الولايات المتحدة الأمريكية وَكيان العدوّ الصهيوني وتركيا ينظرون إلى الوضع السوري كفرصة لتصفية حسابات قديمة، واستهداف محور المقاومة، المؤامرات تهدف إلى ضرب سوريا كنقطة ارتكاز حضارية ومحور مهم في معادلة المقاومة.
التجربة الأفغانية في ثمانينيات القرن الماضي تُلقي بظلالها على المشهد السوري، حَيثُ تشير الدلائل إلى محاولات لتكرار سيناريو مشابه يتم فيه تغذية الصراعات الداخلية لتدمير الدولة وتقويض بنيتها بما يخدم مصالح القوى المعادية.
في ظل هذه الظروف المعقدة يُصبح على العقلاء في سوريا تغليب مصلحة الشعب والوطن على الأحقاد الشخصية والخلافات السابقة، التسامح والتعايش والشراكة السياسية هي السبيل الوحيد لإنقاذ البلاد من الهاوية وبناء مستقبل جديد قائم على العدالة والمساواة.
ونرجو من قوى المقاومة في المنطقة أن تدرك حجم المؤامرة التي تُحاك ضد سوريا والتعامل معها بحذر وحكمة، دعم الاستقرار في سوريا ليس خيارًا بل ضرورة استراتيجية للحفاظ على توازن المنطقة وحماية محور المقاومة من التفكك.
سوريا أمام منعطف تاريخي إما أن يُفضي إلى وحدة وطنية تعيد بناء الدولة على أسس قوية، أَو يؤدي إلى انهيار شامل يدمّـر ما تبقى من البلاد، على الجميع تحمل مسؤولياتهم الوطنية والأخلاقية لتجنب السيناريو الأسوأ والعمل على بناء سوريا المستقبل، سوريا المقاومة، سوريا العروبة.