بعملية نوعية حوّلت هجوم أمريكا إلى دفاع مضطرب ومتعدد الخسائر.. اليمن يفرضُ قاعدة اشتباك جديدة
المسيرة: نوح جلّاس
واصلت القواتُ المسلحة اليمنية، فرضَ قواعد الاشتباك الجديدة، في معركة “الفتح الموعود والجهاد المقدَّس”؛ إسنادًا للشعب الفلسطيني، وردعًا للكيان الصهيوني ورعاته الأمريكيين والغربيين، وذلك بتنفيذ عملية عسكرية نوعية كبرى، نتج عنها جملة من الصفعات العسكرية في وجه الغطرسة الأمريكية، وزادت الارتباط بين القوات المسلحة وسلسلة التفوقات العسكرية المتصاعدة، ومعها التحولات الميدانية التي تزيد غرق واشنطن وحلفائها، ليكون اليمن هو سيّد البحر.
المتحدث الرسمي للقوات المسلحة اليمنية العميد يحيى سريع، أطل ببيان تاريخي، للإعلان عن العملية العسكرية النوعية الأكبر من حَيثُ العتاد والعدة، ومن حَيثُ الحصاد والخسائر في صفوف العدوّ، فقد سقطت واشنطن عدة سقطات، بين الجو والبحر، والفشل في البر بالغارات العشوائية، التي لم تكتمل بفعل الهجوم اليمني اللحظي المضاد، فيما أكدت العملية التي استغرقت 8 صواريخ مجنَّحة و17 طائرة مسيَّرة، أن القواتِ المسلحةَ تمتلكُ مخزونًا استراتيجيًّا من الصواريخ والمسيَّرات يلبِّي كل عمليات الردع اليمني على مسار القدس وما قبلها من مسارات لاستعادة الحقوق..
سرعة الرد.. معادلة ردع جديدة:
وفي البيان أكّـد العميد سريع أن القوات المسلحة اليمنية نجحت “في إفشال هجومٍ أمريكيٍّ بريطانيٍّ على بلدِنا، حَيثُ تم استهداف حاملةِ الطائراتِ يو إس إس هاري إس ترومان وعددٍ من المدمّـراتِ التابعةِ لها بالتزامن مع بَدءِ الهجومِ العدوانيِّ مساءَ يومِ أمس على بلدِنا”، ما يؤكّـد فعلًا سير اليمن لتثبيت معادلة السرد السريع والردع اللحظي القادر على تحقيق مبدَأَي الدفاع والهجوم في آن واحد.
ونظرًا لتزامن العملية اليمنية مع بدء الهجوم الأمريكي، فَــإنَّ ثمّة جوانب تؤكّـد تفوقًا يمنيًّا جديدًا يأتي في سياق التطور القتالي المتصاعد، سواء في العتاد أَو في التكتيكات.
ومن أبرز جوانب التفوق في هذه العملية، هو السرعة اليمنية الفائقة في الرد والردع، حَيثُ ومع اللحظات الأولى للغارات الأمريكية على صنعاء مساء السبت، باشرت القوات المسلحة اليمنية عملياتها المضادة باتّجاه مصدر الهجوم الأمريكي المعادي “الحاملة ترومان” وباقي القطع الحربية التابعة لها.
وفي السياق ذاته أظهرت القوات المسلحة قدرتها العالية على الرصد الدقيق والمسبق الذي أجرته منذ قدوم الحاملة “ترومان”، وتمكّنها من تحديد موقع رسوها ورسو المعدات المرافقة، وبدء رسم الخطة لاستهدافها وطردها على غرار طرد سابقاتها “أيزنهاور، روزفلت، إبراهام لينكولن”.
كما تظهر معادلة الرد الفوري واللحظي، تفوقًا يمنيًّا استخباريًّا، حَيثُ إن تحريك الطائرات والصواريخ مع بدء العدوان الجوي، يؤكّـد رصدًا مسبقًا لما يخطط له العدوّ الأمريكي، وتجهيز العتاد اللازم لنسف خططه، وانتهاج تكتيك قتالي حقّق مكسبين مهمين:- الأول الردع والتصدي وإفشال الهجوم، والثاني خلق هجوم مضاد كلف العدوّ الأمريكي خسائر متعددة، كما أوردها العميد سريع في البيان.
انحدار مهام وخسائر متعددة:
وكانت من أبرز الصفعات والخسائر التي تكبدها العدوّ الأمريكي هي “إسقاط طائرة إف 18 أثناءَ محاولةِ المدمّـراتِ التصديَ للمسيراتِ والصواريخِ اليمنية”، وهذه خسارة مركّبة وموجعة للعدو، فعلاوةً على الخسارة المالية المتمثلة في قيمة الطائرة البالغة 60 – 80 مليون دولار، فهناك أَيْـضًا خسارة أُخرى أكثر فداحة، وهي سُمعة القدرات والأسلحة الأمريكية التي تتهاوى تحت الردع اليمني، بعد أن سقطت سمعة الطائرة “إم كيو9” إلى غير رجعة، وإلغاء صفقاتها البالغة مليارات الدولارات، وقبلها إنهاء عهد حاملات الطائرات وهيمنتها البحرية.
وعلى الرغم من تمتع الطائرة إف 18 بقدرات عسكرية متطورة للغاية يتم استخدامها في المهام العسكرية النوعية والمتخصصة والمهمة؛ نظرًا لقدرتها على العمل والقتال في كُـلّ الظروف الجوية، وتدمير الأهداف الجوية والبرية، وتنفيذ أدوار أُخرى في الاستطلاع وفرض التفوق الجوي وإخماد الدفاعات المضادة، إلا أن جميع هذه القدرات تلاشت بفضل التكتيك اليمني النوعي، الذي جعل من توقيت العملية وأسلحتها المستخدَمة، عاملًا لإدخَال المعدات العسكرية الأمريكية الجوية والبحرية في حالة من الاضطراب والصراع البيني حتى صارت كـ”الفخار يكسر بعضه بعضًا”، فكانت النتيجة هي إسقاط الطائرة، ومعها سقوط ما تبقى من سُمعة أمريكا وهيمنتها في البحر.
أما الصفعة الثانية الواردة في حصاد العملية، فقد أوضح العميد السريع أنها “مغادرةُ معظمِ الطائراتِ الحربيةِ المعاديةِ الأجواء اليمنيةَ إلى أجواء المياهِ الدوليةِ في البحرِ الأحمر للدفاعِ عن حاملةِ الطائراتِ أثناءَ استهدافها”، وهذا يؤكّـد أن القوات المسلحة اليمنية تمكّنت من تجيير هجوم الطائرات الأمريكية، وحرف مسارها إلى مسار الدفاع، وبهذا التكتيك وهذه المعادلة “الرد الفوري والردع اللحظي” وفرت القوات المسلحة الكثير من الجهود في مسار الدفاع، حَيثُ وبدلًا عن جهود الدفاع الجوي المنهك وغير القادر على إسقاط الطائرات المتطورة التي تستخدمها واشنطن، يكفي سرعة الردع والرد على مصدر الهجوم، لعرقلة مخطّطات العدوّ، وسحب طائراته وإرجاعها إلى حَيثُ أتت؛ لتدافع عن مرابضها بعد أن كان مخطّطها هو قصف المنشآت والأهداف في اليمن، وهنا حقّقت الأسلحة اليمنية المستخدمة في العملية، عدة أهداف بين الدفاع والهجوم، أبرزها إفشال عدوان العدوّ، والانتقال للهجوم المضاد عليه وإلحاق الأضرار المتعددة به، وتكبيده خسائرَ مزدوجة، سيما أن طائرات واشنطن ومدمّـراتها وبوارجها اضطرت لتحويلِ صواريخها وذخائرها إلى مسار الدفاع لتفادي إصابة الحاملة ورفيقاتها بالصواريخ والمسيّرات اليمنية.
إضافة إلى ذلك، ترسم القوات المسلحة اليمنية قاعدة اشتباك جديدة، وتؤسس لمدرسة دفاعية غير مسبوقة، حَيثُ إن تحويل الهجوم المعادي إلى مهامَّ دفاعيةٍ بحتة، ما كان ليحدث لولا التكتيك اليمني الفريد ومعادلة الرد الفوري التي اختزلت الكثير من الجهود ومزجتها لتأدية وظائف دفاعية وهجومية وخلق إنجازات ميدانية واستراتيجية في الميدان البحري، على مسار تحرير المنطقة من العسكرة والهيمنة الأمريكية.
مسلسل الهروب الأمريكي يستمر.. اليمن سيّد البحر:
وفي خضم العملية أَيْـضًا جاءت الصفعة الرابعة، حَيثُ أكّـد العميد سريع “انسحاب حاملةِ الطائراتِ يو إس إس هاري ترومان بعد استهدافها، من موقعِها السابقِ، نحو شمالِي البحرِ الأحمر، وذلك بعد تعرضِها لأكثر من هجومٍ من قِبلِ القوةِ الصاروخيةِ والقواتِ البحريةِ وسلاحِ الجوِّ المسير”، وهنا تمكّنت القوات المسلحة اليمنية من تحييد آخر أوراق العدوّ الأمريكي البحرية، سيما وأنه قد سحب جميع حاملات طائراته من المنطقة بفعل الضربات اليمنية، واضطر لسحب العديد من المدمّـرات والفرقاطات والبوارج لتجنب الأضرار بعد استهداف أعداد كبيرة منها بعمليات خاطفة حقّقت إصابات مباشرة.
وبهذه العملية المزدوجة التي أَدَّت وظائف الدفاع والهجوم معًا، وعكست مهام وخطط العدوّ الأمريكي، تؤكّـد القوات المسلحة اليمنية تثبيت معادلتها الجديدة “الرد الفوري والردع اللحظي”، وانتهاجَ مسار يتيح لها إفشال أي هجوم جوي أَو بحري مُعادٍ ينفذه رعاة الكيان الصهيوني، كما أن هذه العملية تعيد للأذهان ما قامت به القوات المسلحة في الـ12 من نوفمبر الفائت عندما استهدفت حاملة الطائرات الأمريكية “إبرهام لينكولن” وأفشلت أكبر هجوم عدواني أمريكي؛ ما يؤكّـد نفاد خيارات واشنطن تجاه اليمن، وفشل كُـلّ مساراتها في حماية العدوّ الصهيوني بحرًا أَو بَرًّا في عمق الاحتلال.
وفي هذا الصدد نوّه العميد سريع إلى حتمية ثبات المعادلة اليمنية الجديدة، حَيثُ أكّـد في البيان أن “القوات المسلحةَ اليمنيةَ وهي تؤكّـد نجاحَها في التصدي للعدوانِ الأمريكيِّ البريطانيِّ وإفشاله لَتجدِّدُ التأكيدَ على استعدادها للتصدي لأية حماقةٍ أمريكيةٍ بريطانيةٍ إسرائيلية خلالَ الفترةِ المقبلة”، هي رسالة توحي بمزيد من المفاجآت اليمنية، والتي ستجبر العدوّ الأمريكي لإدراك ما قاله السيد القائد في خطاب الـ18 من يناير الفائت، عندما أكّـد أن واشنطن ستدرك أنها بعدوانها على اليمن، ستقودنا لتطوير قدراتنا بما يردع غطرستها، ومن خلال حصيلة عام من العدوان الأمريكي البريطاني الذي بدأ في 12 يناير الفائت، يتأكّـد للجميع أن اليمن فعلًا قد طوَّر قدراتِه بما ينسفُ حساباتِ الأعداء وتطلعاتهم ومخطّطاتهم، ويجعل اليمن منفرِدًا في صدارة المدافعين عن فلسطينَ وعن كرامة الأُمَّــة.