إسقاط مقاتلة أمريكية من نوع f 18.. إنجازٌ تاريخي للجيش اليمني

المسيرة: عباس القاعدي

تعتبر العملية النوعية التي استهدفت حاملة الطائرات الأمريكية “يو إس إس ترومان” ومجموعتها المرافقة في البحر الأحمر، واحدة من أوسع العمليات النوعية وأكثرها تعقيدًا للقوات المسلحة اليمنية.

ووصَفَ الكثيرُ من المحلِّلين العسكريين الاستراتيجيين هذه العملية بأنها الأكبرُ الذي تتعرض له حاملة طائرات أمريكية من بعد الحرب العالمية الثانية، وبهذه العملية العسكرية حقّقت القوات المسلحة، نجاحًا كَبيرًا في إيجاد قوة ردع لم تكن في الحسبان، ولم يتوقعها الصديق والعدوّ، وجعلت من اليمن رقمًا صعبًا في المعادلة الإقليمية والدولية.

وفي هذا الصدد يقول الباحث في الشؤون العسكرية زين العابدين عثمان: إن “قواتنا المسلحة نفذت هجومًا متزامنًا مع الغارات الجوية لتستهدف بشكل مباشر حاملة الطائرات، والمدمّـرات المرافقة لها، بمنظومة نارية مشكَّلة من 8 صواريخ كروز مضادة للسفن و17 طائرة انتحارية”، لافتًا إلى أن الهجومَ حقّق نتائجَ مذهلةً من أهمِّها:

  • مغادرة المقاتلات الحربية أجواء اليمن إلى المياه الدولية في البحر الأحمر، لمحاولة الدفاع عن حاملة الطائرات.
  • كذلك إرغام حاملة الطائرات على الانسحاب من موقعها إلى أقصى شمال البحر الأحمر، حَيثُ كانت تتمركز على بُعد 600 كم من المياه الإقليمية لليمن.
  • أَيْـضًا صنع حالة من الهلع والإرباك الكبير في أوساط قادة حاملة الطائرات والمدمّـرات، فأثناء عملية الاشتباك كان طاقم إحدى المدمّـرات في حالة هلع شديد إلى درجة أنهم كانوا يطلقون الصواريخَ الاعتراضية في الهواء كالمجانين.

 

تعطيلُ رهانات أمريكا:

وحول حاملة الطائرات “يو إس إس ترومان” يؤكّـد عثمان في تصريح خاص لـ “المسيرة” أن الحاملة تعتبر “من بين أفضل الحاملات الأمريكية، وهي من الفئة “NIMITS”، وَمزودة بتقنيات دفاعية متطورة، إضافة إلى قدراتها على حمل 70 طائرة من مقاتلات F-18 ونحو 4500 بحار ومنظومة إبحار تعتمد على محركات نووية”.

ويشير إلى أن عملية استهدافها جاءت في توقيت حرج بالنسبة لأمريكا؛ فالأخيرة كانت تعاني من ضعف في عملياتها البحرية، خُصُوصًا بعد هزيمة حاملات الطائرات “أيزنهاور” وَ”روزفلت” وَ”أبرهام لينكولن”، فقد لجأت الإدارة الأمريكية إلى الحاملة “ترومان” وتحويل مهمتها الرئيسة لتكون ضمن منظومة عملياتها العدوانية على اليمن، وبالتالي عند قياس مسألة استهدافها من قبل قواتنا المسلحة تعتبر مسألة خارج توقعات العدوّ الأمريكي، ويعتبر فعلًا استباقيًّا عطَّل رهاناتِ أمريكا في ترميم هزيمتها، وضعف موقفها العسكري تجاه اليمن، والكلام لعثمان.

ويوضح عثمان أن حاملات الطائرات بالنسبة لأمريكا ليست فقط قطع هجومية تستخدم للاعتداء على الدول، بل إنها تمثل محور ارتكاز القوة البحرية الأمريكية بشكل عام فلم تجرؤ أية دولة على أن تقف في وجه هذه القطع البحرية منذ حرب أمريكا واليابان في الحرب العالمية الثانية؛ لذا فَــإنَّ مسألة استهدافها من قبل قواتنا المسلحة وبهذا السلوك العسكري الشجاع يعتبر تحطيماً لهذه القوة، وتغييراً لموازين الحرب بالكامل، فحاملة الطائرات ترومان هي القطعة الثالثة التي يتم استهدافها بشكل مباشر.

ووفق الباحث في الشؤون العسكرية زين العابدين عثمان، فَــإنَّ “قواتنا المسلحة وهي تخوض غمار هذه المعركة الكبرى ضد الشيطان الأكبر أمريكا، لن تتوقف عند أي سقف، بل ستواصل التصعيد، وتوسيع الضربات حتى يتم كبح جماح أمريكا، وردع بلطجتها العدوانية، كذلك إيقاف العدوان والحصار الأمريكي الإسرائيلي الظالم على قطاع غزه”، مؤكّـدًا أن “المعادلة العسكرية مرتبطة بهذا المسار، ومما لا شك فيه أن العمليات القادمة لقواتنا المسلحة -بعون الله تعالى- ستكون ذات تأثير، وقوة أكبر لم تكن في الحسبان خُصُوصًا إذَا حاول العدوّ الأمريكي والإسرائيلي تنفيذ اعتداءات جديدة على بلدنا، فالعمليات لن تتوقف، وموقف اليمن المساند لغزة ثابت”.

 

نجاح استخباراتي من الطراز الأول:

بالنسبة للعملية العسكرية النوعية ونجاحها، يؤكّـد مدير مكتب الميادين في اليمن عبدالله الفرح، أن العملية العسكرية التي نفذتها القوات المسلحة اليمنية، والتي استهدفت حاملة الطائرات “يو إس إس هاري إس ترومان” وعدد من المدمّـرات، لا يمكن أن نفصلها عن سياقها، فما يتم قراءته خلف هذه البيانات الاستخباراتية العسكرية اليمنية والجانب التقني المتطور للقوات المسلحة اليمنية، يؤكّـد أن اليمن أصبح قوة إقليمية في المنطقة، حَيثُ استطاعت الاستخبارات اليمنية، أن تكتشف الهجوم الأمريكي والبريطاني على اليمن، قبل وقوعه، من خلال حاملة الطائرات” يو إس إس ترومان” فقامت القوات المسلحة بالاستعداد بشكل سريع جِـدًّا بعملية يتم فيها الاستهداف لهذه الحاملة، أثناء تحليق الطائرات الحربية فوق الأجواء اليمنية، وكانت سِربًا كَبيرًا من الطائرات، التي كانت تحاول تنفيذ عشرات الغارات، على صنعاء ومختلف المحافظات.

ويضيف: “في المقابل قامت القوات المسلحة وفي ذات التوقيت باستهداف حاملة الطائرات بعدد من الصواريخ المجنحة والطائرات المسيَّرة؛ ما اضطر الطائرات التي كانت تحلِّقُ فوق الأجواء اليمنية إلى العودة وبعضها كانت طور الإقلاع، ثم بعد عودة الطائرات استهدفت القوات المسلحة إحدى الطائرات التي كانت تريد الدفاع عن الحاملة، أَو التصدي للصواريخ التي تستهدف حاملة الطائرات، وَأَيْـضًا بعد هروب حاملة الطائرات إلى شمال البحر الأحمر، وكانت هناك حالة من التخبط الكبير للقوات الأمريكية والبريطانية”.

وبالتزامن مع ذلك كان هناك مدمّـرات مرافقة لحاملة الطائرات، حَيثُ قامت القوات المسلحة اليمنية باستهداف هذه المدمّـرات ما أجبرها على التراجع عن الدفاع عن هذه الحاملة التي تحمل أكثر من 90 طائرة، مؤكّـدًا أن القوات اليمنية رصدت جيِّدًا حاملة الطائرات بعد دخولها من قناة السويس، وحذرت في بياناتها السابقة أنها سوف تستهدف حاملة الطائرات، وأي تواجد أمريكي، وسوف تستهدف كُـلّ من يريد أن يقف في وجه الأهداف اليمنية التي تعلن في البيانات العسكرية، وبالتالي كان الهجوم اليمني على حاملة الطائرات والمدمّـرات وإسقاط طائرة إف 18، هجومًا متزامنًا مع التحضير الأمريكي والبريطاني لشن هجوم كبير على اليمن، وهذا يعد نجاحًا استخباراتيًّا يمنيًّا من الطراز الأول.

 

إنجازٌ نوعيٌّ غير مسبوق:

وكون الضغط الهائل من القوات المسلحة اليمنية على حاملة الطائرات الأمريكية وعلى المدمّـرات المكلّفة بحمايتها، أربك القوات البحرية الأمريكية كافة التي جاءت لشنّ هجوم على اليمن، وعطّلت أهدافها، وتحوّلت من موقف الردع إلى المردوع، يقول الخبير في الشؤون السياسية والعسكرية العقيد مجيب شمسان: “لا شك أننا أمام مشهد، وأمام معادلة مختلفة تمامًا رسمتها القوات المسلحة اليمنية؛ كون هذه العملية لم تكن العملية الأولى التي تصادف فيها القوات المسلحة، أَو تتحَرّك فيها انطلاقاً من الصدفة ضد عملية استباقية كان يحضر لها الأمريكي”، مُشيرًا إلى أن القوات المسلحة استطاعت إفشال هجوم حاملة الطائرات يو إس إس أبراهام لينكولن، التي كانت تحضر لعمليات واسعة ضد اليمن، وتستبقها بهجوم واسع، وبالتالي عطلت، وأفشلت ذلك الهجوم، وحولته إلى هجوم شكلي صوري لم يقم بتحقيق الأهداف التي كانت مرسومة، وكذلك نفس الهجوم الاستباقي الذي ضرب الكيان الصهيوني أثناء تحضيره وإعداده لهجوم واسع ضد اليمن، فكانت صواريخ اليمن قد عطلت ذلك الهجوم بضربة استباقية أجبرت العدوّ الصهيوني على الانكفاء والاكتفاء بضربات وُجِّهت إلى بعض المنشآت المدنية.

ويرى أننا اليوم أمام عملية نوعية غير مسبوقة ربما منذ إطلاق عملية طوفان الأقصى أَو عملية الإسناد اليمنية للمقاومة الفلسطينية على الإطلاق؛ باعتبَار أن القوات المسلحة أفشلت الهجوم الأمريكي البريطاني، ونفذت عملية واسعة ضد حاملة الطائرات “يو إس إس هاري إس ترومان”، التي جاء بها الأمريكي وهو يعلم مصيرها، ومصير حاملة الطائرات السابقة، بمعنى أنه كان على دراية بعناصر القوة، والتكتيكات وما تمتلكه اليمن، وربما كان قد أعد العدة لمواجهة هذه القدرات، لذلك حاول أن يحضر لهجوم واسع انطلاقًا من ترتيبات مسبقة، وهنا كانت اليمن أسبق إلى الوصول إلى حاملة الطائرات الأمريكية، وبالتالي عطلت ذلك الهجوم، وبنك الأهداف الذي كان يسعى إلى قصفها بضربات مكثّـفة، ناهيك عن ضرب المدمّـرات وإسقاط إف 18، وهذا يعتبر تقدمًا وإنجازًا نوعيًّا غير مسبوق، خُصُوصًا وأن إف 18 من فخر الصناعات الأمريكية البحرية ومزودة بقدرات غير مسبوقة، فيما يتعلَّقُ بأساليبها الدفاعية والشبكة الاتصالية سواء مع المدمّـرات أَو حاملة الطائرات نفسها.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com