الجهاد والمقاومة صمام أمان من مخطّط إسرائيلي بشرق أوسط جديد
عبدالحكيم عامر
في السنوات الأخيرة، أصبح مشروع “الشرق الأوسط الجديد” محور النقاشات السياسية في العالم العربي، حَيثُ يتبنى الكيان الصهيوني وحلفاؤه استراتيجية مشروع “تجزئة التجزئة”، وتُعد إحدى الركائز الأَسَاسية لمشروع “الشرق الأوسط الجديد”، هذا المشروع الذي يهدف إلى إعادة تشكيل موازين القوى في المنطقة لصالح الاحتلال الإسرائيلي، من خلال تقسيم الدول العربية إلى كيانات صغيرة متناحرة على أسس طائفية وعرقية، وأمام هذا التهديد الخطير، يبرز دور المقاومة الفلسطينية والعربية كعامل حاسم في مواجهة هذا المخطّط.
لطالما سعى العدوّ الإسرائيلي إلى تحقيق السيطرة على منطقة الشرق الأوسط، وذلك بتفكيك وتجزئة الدول العربية، فمن خلال فرض سياسات التجزئة، يعمل الكيان الإسرائيلي على إضعاف أية قوة إقليمية قد تقف في وجه طموحاتها التوسعية، ولعل سقوط سوريا وتدمير مقدراتها العسكرية هو إنذار لباقي الدول العربية والإسلامية بخطورة هذا المشروع الإسرائيلي والأمريكي.
إن مشروع “الشرق الأوسط الجديد” ليس مُجَـرّد خطة لتحقيق مصالح اقتصادية وسياسية، بل هو مشروع طويل الأمد يهدف إلى تحويل المنطقة وتثبيت “إسرائيل” كقوة مهيمنة، ويعتمد هذا المشروع على تقسيم الدول العربية وإضعافها، والسيطرة على مواردها الطبيعية، وإعادة صياغة التحالفات السياسية بما يخدم أهداف الغرب والاحتلال الإسرائيلي.
ويبقى السؤال: هل ستسمح الشعوب العربية بهذا المشروع، أم ستعيد رسم مصيرها بعيدًا عن التدخلات الخارجية؟ لتعزز الوحدة الوطنية العربية، ومقاومة هذا المشروع كمُقوّمات أَسَاسية لمواجهة هذا المشروع.
فالفلسطينيون، الذين يُمثّلون قلب هذه المعركة، يمتلكون القدرة على مواجهة هذا المشروع من خلال الوحدة الوطنية، وتطوير رواية إعلامية قوية، وتعزيز المقاومة، وتوطيد علاقاتهم الدولية.
إنهم لا يُقاومون الاحتلال الإسرائيلي فحسب، بل يُقاومون مشروعًا يستهدف تصفية القضية الفلسطينية واستبدالها بنموذج جديد للشرق الأوسط يُهمّش حقوقهم التاريخية.
لكن نهج المقاومة ضدّ الاحتلال الإسرائيلي، الذي قد تحمله هذه الجهة أَو تلك، لا يجب أن يخمد أبدًا، خَاصَّة على صعيد القضية الفلسطينية، وهو نهج رفض الذلّ والهوان مع العدوّ الإسرائيلي، نهج يقدر على استعادة الأرض والكرامة، نهج يضع خطًّا فاصلًا بين اليأس من واقع المفاوضات، وبين اليأس من إمْكَان تحصيل الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني ولكل الشعوب العربية.
في ألأخير، إن مواجهة هذا المشروع تتطلّب استراتيجيات متجددة تعتمد على التنسيق والتكامل بين الجهود الداخلية والدولية، فالمعركة طويلة وتحتاج إلى صمود وتكيّف مع المتغيرات، كما يتطلب الأمر تعزيز ثقافة المقاومة، وتوحيد الجهود بين القوى التي ترفض الهيمنة، فالمشروع الإسرائيلي، مهما بدا قويًّا، ليس قدرًا حتميًّا، بل يمكن هزيمته إذَا ما توافرت الإرادَة الحقيقية والإيمان بقضية التحرّر من الهيمنة الإسرائيلية والأمريكية.
وهناك دروس وتجارب المقاومتين اللبنانية والفلسطينية معًا، وهذا هو نهج المقاومة، الذي يعني أولًا وأخيرًا رفض التراوح المذِل في المكان نفسه، فيتحَرّك بإقدامٍ وصبرٍ وعزيمةٍ وثقة بالله وبالنّفس، وينتصر رغم حجم الخسائر والتحدّيات.
ويبقى السؤال مفتوحاً: هل ستُنجح الشعوب العربية مقاومتها لهذا المشروع، أم ستُفرض عليها هيمنة جديدة تحت شعار “الشرق الأوسط الجديد”؟