محمود عبّاس صمت دهراً ونطق كفراً..
القاضي علي عبد المغني*
لو أن ما حدث في قطاع غزة وقع في منطقةٍ أُخرى من العالم، أَو كان سكانها ينتمون لأمةٍ أُخرى من الأمم لاشتعلت تلك المنطقة بأسرها، وقامت حرب عالمية ثالثة ورابعة وخامسة.
وربما كانت ستقوم القيامة من هول ما تعرض له سكان غزة التي حولها الكيان الصهيوني بالأسلحة الأمريكية والغربية إلى مقبرةٍ جماعية، ومحرقةٍ شيطانية لم تحدث في تاريخ البشرية، دون ذنب اقترفته سوى أنها قرّرت أن تخلص الشعب الفلسطيني من الكيان الصهيوني، وتحرّر الأرض العربية المحتلّة، وتستعيد المقدسات الإسلامية المغتصبة.
لقد كاد هذا الهدف الذي تحلم به الأُمَّــة أن يتحقّق في السابع من أُكتوبر، لولا خيانة الأنظمة العربية والإسلامية، وخضوع شعوب المنطقة للهيمنة الأمريكية، فما تعرض له كيان الاحتلال الصهيوني في السابع من أُكتوبر العام الماضي، على أيدي الفصائل الفلسطينية المجاهدة في قطاع غزة لم يتعرض له من قبل منذ وجوده في المنطقة.
لكن وللأسف أن شعوب الأُمَّــة لم تحافظ على هذا الإنجاز التاريخي، ولم ترع هذه المعجزة الفلسطينية التي تحقّقت حق رعايتها، ولم تغتنم هذه الفرصة التي جاءت إلى بين يديها، وتركت للكيان الصهيوني يستعيد أنفاسه، ويستعين بالإدارة الأمريكية التي أعلنت انحيازها المطلق لهذا الكيان الغاصب، ووفرت له كافة أنواع الأسلحة الحديثة والمتطورة والمحرمة دوليًّا، والتي حولت قطاع غزة المكتظ بالسكان إلى “هيروشيما” بأضعافٍ مضاعفة.
لقد صمت العالم كله على هذه المحرقة الصهيونية بذريعة أن الأنظمة العربية والإسلامية صامتة، لم تحَرّك أي ساكن ودون أن يكون لها أي مبرّر؛ سوى أنها وجدت السلطة الفلسطينية الممثل الوحيد والشرعي للشعب الفلسطيني في الأمم المتحدة والمحافل الدولية صامتة على ما يجري لشعبها في قطاع غزة.
بعد عامٍ وأكثر خرجت سلطة “محمود عباس” عن صمتها المريب -وليتها صمتت- لتوجّـه أجهزتها الأمنية لقمع كُـلّ من يتعاطف من الفلسطينيين في الضفة الغربية مع اشقائهم في قطاع غزة، ليس ذلك فحسب؛ بل، أن هذه الأجهزة حسب ما نقلته وسائل الإعلام المختلفة تخوض معارك ضارية واشتباكات عنيفة مع المقاومين للاحتلال في مخيم جنين ونور شمس وغيرها.
لا شك أن الرئيس “أبو مازن” بعد تراجع دور محور المقاومة في معركة طوفان الأقصى قد حسم أمره، واتخذ قراره بأن ينحاز إلى “نتنياهو”، وينافسه في جرائمه بحق الشعب الفلسطيني، وأنه مستعد أن يقضي على من تبقى من شعبه الذي يرفض الاحتلال، فعدوهما واحد وهو الفصائل الفلسطينية المجاهدة، ومصالحهما مشتركة وهي القضاء على المقاومة، وهو يعلم علم اليقين أن أيامه باتت معدودة، وأن سلطته على الضفة الغربية المحتلّة مفقودة، وأن اتّفاقية “أوسلو” أصبحت من الماضي.
ويدرك تماماً أن حديث الأمريكي عن حَـلّ الدولتين حديثٌ ضعيف رواه كلب الأحبار وصححته السعوديّة في هيئة الترفيه، فالكيان الصهيوني لم يعد يكتفي بكافة الأراضي الفلسطينية، بل صار يطمع ببقية الأراضي العربية لإقامة “إسرائيل الكبرى” من الفرات إلى النيل، وقد بدأ بتنفيذ هذا المخطّط من سوريا ولن يتوقف في غور الأردن أَو سيناء، وما كان يؤخرهُ ليست الأمم المتحدة أَو القوانين الدولية، بل هو السيد حسن نصرالله، الأمين العام لحزب الله، ولبنان والمنطقة والأمة.
* أمين عام مجلس الشورى