اليمن.. موقف ثابت ونصر مؤزر
دينا الرميمة
ثلاثة أشهر وعام ونيران الحقد الصهيوني لا تزال تحرق غزة وتتصاعد أطماع نتن ياهو واليمين المتطرف من السيطرة عليها وعودة استيطان غزة بتقليص عدد سكانها إلى أقل من النصف، إن لم يكن بالتهجير فسيكون بقتل أكبر عدد من سكانها المتمسكين بأرضهم والرافضين نكبة أُخرى لفلسطين.
وعلى الرغم من المشاهد القاسية التي لا تزال تصل للعالم من غزة لا يزال الغرب يدعمهم بأدوات القتل ولا يزال العرب يغضون الطرف عن كُـلّ تلك الجرائم التي زادت بشاعة بعد إعلان اتّفاق وقف إطلاق النار مع حزب الله وتمدد الكيان الصهيوني على مناطق واسعة من سوريا، التي زادت من سقف أطماعهم بضرورة ضم الضفة الغربية وتوسيع الحرب في مناطق أُخرى للوصول إلى حلمهم في دولة “إسرائيل” الكبرى.
وحدها اليمن المثخنة بجراح الحرب والحصار ومنذ بدء العدوان على غزة لم تتوقف عملياتها المساندة لها والمتصاعدة المراحل جعلت اليمن في مواجهة فعلية مع أمريكا، كانت فيها الغلبة لليمن، ليس آخرها ما أعلنت عنه القوات المسلحة اليمنية من صد هجوم أمريكي بريطانيٍّ على اليمن بعد استهداف حاملةِ الطائراتِ ترومان وعددٍ من المدمّـراتِ التابعةِ لها بالتزامن مع بَدءِ الهجومِ العدوانيِّ وقد أَدَّت العملية لإسقاط طائرةٍ إف 18 وذلكَ أثناءَ محاولةِ المدمّـراتِ التصديَ للمسيّراتِ والصواريخِ اليمنية.
ومغادرةُ معظمِ الطائراتِ الحربيةِ المعاديةِ الأجواء اليمنيةَ إلى أجواء المياهِ الدوليةِ في البحرِ الأحمر للدفاعِ عن حاملةِ الطائراتِ أثناءَ استهدافها وَانسحاب حاملةِ الطائراتِ يو إس إس هاري إس ترومان بعد استهدافها من موقعِها السابقِ نحو شمالِ البحرِ الأحمر وذلك بعد تعرضِها لأكثر من هجومٍ من قِبلِ القوةِ الصاروخيةِ والقواتِ البحريةِ وسلاحِ الجوِّ المسيّر.
عملية تميزت بأنها مزجت بين الدفاع والهجوم المضاد، وبرّرت أمريكا سقوط طائرة إف 18 أنها سقطت بنيران صديقة، ولو افترضنا صدق ذلك فهذا دليل قوي على حجم الإرباك الكبير الذي تواجهه البحرية بعظمة ما تحمله من قوة باتت هزيلة أمام قوة اليمن التي تضاعفت في معركة الإسناد لغزة، ويؤكّـد اليمنيون ثبات مواقفهم من باب الواجب الديني والأخلاقي مهما كانت التحديات والتهديد الذي تنفذه أمريكا وبريطانيا والكيان الصهيوني من قصف يستهدف المنشآت الخدمية، بينما مخازن السلاح التي يُزعم استهدافها فقد تكفلت جغرافيا اليمن بحفظها.
وأكّـدت هذه العملية مدى تنامي قوة الردع اليمنية التي أهلتها لأن تقف في وجه أمريكا وتكسر شوكتها وتنتصر عليها، أضف إلى عملياتها التي باتت تنفذ بشكل شبه يومي إلى عمق الكيان المحتلّ أذهلت الصهاينة في قدرة الصواريخ والمسيّرات اليمنية على تخطي كُـلّ أنظمة الدفاع ووصولها إلى هدفها، ولم يعد بإمْكَانهم التضليل والحديث عن اعتراضها؛ فالمشاهد باتت واضحة إلى الحد الذي لا يمكن إنكاره أَو إخفائه خَاصَّة وأن المستوطنين الذين ضاقوا ذرعاً من هذه الحرب، التي لا يزال نتن ياهو يصر على استمراره فيها على الرغم من أنه لم يحقّق شيئًا من أهدافها المعلنة، باتوا يوثقون النيران المشتعلة في مدنهم كإدانة على فشل حكومتهم في التصدي للأسلحة اليمنية التي جعلتهم يسكنون الملاجئ لأيام يقتلهم الرعب والتدافع.
وأمام هذا الفشل الكبير سواء لأمريكا، للكيان وتبريراتهم غير المنطقية لفشلهم، صرح بعض قادتهم أنه لا بُـدَّ من التواصل مع حكومة الفنادق والاتّفاق معها لتسليح مرتزِقتها وتوجيههم نحو صنعاء؛ لإشغالها بحرب داخلية، بلا شك أن اليمن على أتمّ الجهوزية للتصدي؛ فاليد التي طالت عمق الكيان لن تعجز عن مواجهة أذرعهم إن خانوا وباعوا ضمائرهم، مع التأكيد الشعبي على أن سيناريو سوريا لن يتكرّر باليمن، لا سِـيَّـما وإن كان الداعم صهيونياً، وقد أصبحت اليمن فخراً للعرب والعروبة في دعم غزة وقتال الصهاينة في وقت جبن العرب وجيشوهم وأسلحتهم المكدسة عن إسناد غزة وتركوها لقمة سائغة يلوكها الصهاينة بأسلحة الغرب، وتجابه وحيدة الموت والحقد معاً، من كيان لن يردعه إلا إرادَة وحكمة كإرادَة وحكمة اليمن وقائدها وشعبها المتألمون على كُـلّ ما يحدث من مجازر في غزة ورأوها فرصة للتنكيل بعدو الأُمَّــة أجمع؛ ما جعل اليمن مهابة في ذاكرة العالم والتأريخ.