الجائزة الكبرى..
الشيخ عبدالمنان السنبلي
في لقاء جمع بين بن جوريون ووزير خارجيته موشيه شاريت في 1953وقف بن جوريون ينظر إلى خريطة أمامه وقال: نحن قطرة في محيط من الكراهية..
ماذا نعمل..؟
التفت إليه موشيه شاريت وقال: علينا أن نعمل كُـلّ ما في وسعنا؛ مِن أجلِ أن تكون يدنا هي العليا في هذه المنطقة، ولن تكون كذلك إلا بتقسيم ثلاث دول كبرى من حولنا على أسس دينية وعرقية وطائفية وهي العراق، سوريا، ومصر (لاحظوا الترتيب)..
فقال بن جوريون: وهل تظن أننا ننجح..؟
فقال شاريت: علينا ألَّا نراهن على ذكاءنا بقدر ما نراهن على غباء الطرف الآخر.. انتهى..
اليوم، وبعد أكثر من سبعين سنة تقريبًا من ذلك اللقاء واعتماد ذلكم المخطّط، برأيكم، كيف سارت الأمور، وكيف غدت الصورة..؟
ألا ترون أنها تسير بخطواتٍ متسارعة في طريق تحقيق تلكم الفكرة وذلكم المخطّط..؟
الواقع، في الحقيقة، يؤكّـد ذلك..
يعني: العراق وتم تقسيمه فعلياً من بدري، وعلى أسس طائفية وعرقية كما أراد شاريت..
وكذلك سوريا أَيْـضاً..
كل المؤشرات تقول بأنها تسير بخطوات دراماتيكية ومتسارعة في ذات الخط..!
وتقول أَيْـضاً بأن لا العراق ولا سوريا سيعودان، وعلى المدى المنظور والمتوسط، إلى ما كانا عليه..
الدور والباقي على مصر اليوم..
هي الهدف القادم..
وهي الجائزة الكبرى كما صرحت بذلك كونداليزا رايس مستشارة الأمن القومي الأمريكي في إدارة الرئيس الأمريكي الأسبق بوش الابن، وأول من بشر علناً بمشروع الشرق الأوسط الجديد ذات يوم..
المشروع الذي أعده اليهودي البريطاني الأصل والأمريكي الجنسية برنارد لويس وتقدم به للرئيس كارتر قبل أن يقره الكونغرس الأمريكي في مطلع ثمانينيات القرن الماضي كخطة مستقبلية واجبة التنفيذ..
يعني: الأمر ليس مُجَـرّد تنبؤات أَو تكهنات أَو تخرصات..
إنما هو مدروس ومخطّط له بعناية فائقة..
لذلك واهم كُـلّ من يظن أن مصر ستكون في منأى عن محاولات الإضعاف والتقسيم..
أو عصية عليه..
ليس لأن نظامها يبدو اليوم قوياً ومتماسكاً طبعاً، فنظامي صدام والأسد كانا قويان ومتماسكان أَيْـضاً حين بدأ الدور على كُـلّ منهما، ولكن لأن الدور قد جاء على مصر..
فهي الجائزة الكبرى والتي بسقوطها ستتساقط بكل سهولة ويسر بقية الدول العربية كأحجار الدومينو..
طبعاً لا نتمنى لها ذلك..
ولكن هكذا يقول ذلك المخطّط الذي بدأ بفكرة لموشيه شاريت وتبلور كمشروع لبرنارد لويس..
ولا تستغربوا من تباعد المدة الزمنية بينهما طبعاً، فثيودر هرتزل حين أطلق فكرة إنشاء وطن قومي لليهود في مؤتمر بازل بسويسرا سنة 1897 قال حينها إن ذلك لن يتحقّق إلا في غضون خمسين عاماً..
وهذا ما حدث لاحقاً فعلاً بالضبط..
وهكذا يخطط اليهود دائماً..
فلا تستغربوا..
ولكن استغربوا من العرب أنفسهم ومن غباءهم..
يعلمون بحقيقة ذلك المخطّط وطبيعة هذا المشروع، ومع ذلك، يتم تنفيذه عياناً وبمباركة ورعاية منهم..!
فهل رأى التاريخ حمقى مثلنا..؟!