اصبروا أَو لا تصبروا..
الشيخ عبدالمنان السنبلي.
عن المواجهة مع اليمن،
خاطب المجرم نتنياهو قطعانه بقوله: اصبروا..
ماذا يعني هذا..؟
يعني ببساطه: أنه وحكومته اللاموقرة قد أقروا وقرّروا نوعيةَ وطبيعة المواجهة مع اليمن..
أن يقول: اصبروا…
فهذا يعني بأنها لن تكون حرباً خاطفةً وسريعة..
أو حرباً مفتوحة..
أو حتى حربَ استنزاف طويلة..
ليس لأنهم لا يريدونها كذلك، ولكن لأن لا خيارات متوفرة لديهم تسمح بأيٍّ من ذلك..
فما هي، برأيكم، نوعية وطبيعة المواجهة مع اليمن التي أقرها وقرّرها نتنياهو وحكومته..؟
يتوقفُ ذلك طبعاً على فَهم وتحليل العقيدة العسكرية والدفاعية للكيان الصهيوني..
في عام 1953 بنى «بن جوريون» العقيدةَ العسكرية والدفاعية للكيان الصهيوني على ثلاث ركائز أَسَاسية هي:
الردع..
الإنذار المبكر (التفوق الاستخباراتي)..
القوة الهجومية..
أن تسقط واحدة من هذه الركائز الثلاث، يعني: سقوطَ أَو ترنح هذه العقيدة العسكرية والدفاعية..
يعني: تراجع وتضاؤل فرص هذا الكيان في الاستمرار والديمومة والبقاء..
هكذا تقول النظرية..
لذلك، لا شيء يؤرِّقه كما تؤرقه هذه العقيدة العسكرية والدفاعية في أن يختل توازنها فجأة أَو يصيبها شيءٌ من عدم الاستقرار والثبات..
الآن، وبالعودة إلى ميدان المواجهة مع اليمن، وعلى ضوء تحليل هذه الركائز الثلاث نلاحظ أن:
الردع، واعترفوا أنهم فشلوا في ردع اليمنيين..
القوة الهجومية، واعترفوا أن لا فاعليةَ لها في اليمن..
الإنذار المبكر، واعترفوا أنهم لا يملكون المعلومات الاستخباراتية الكافية عن اليمن..
ماذا يعني كُـلّ هذا..؟
يعني أننا أمام حالة اختلال في توازن منظومة العقيدة العسكرية والدفاعية لهذا الكيان..
يرجع ذلك طبعاً إلى عدم مقدرة الكيان على استثمار وتوظيف عاملي الردع والقوة الهجومية كما ينبغي؛ بسَببِ غياب أي دور فاعل أَو مؤثر لعامل الإنذار المبكر أَو (التفوق الاستخباراتي) بحسب اعترافهم..
لذلك، فإن هذا الكيان سيكون مطالباً أولاً باستعادة توازن منظومة العقيدة العسكرية والدفاعية..
ولن يتسنى له ذلك طبعاً إلا بالعملِ على إيجاد وتنشيط وتفعيل دور عنصر الإنذار المبكر في اليمن..
وهذا الأمر، في الحقيقة، لا يمكن له أن يتم في يوم وليلة، وإنما يتطلب له وقتاً طويلاً وعملاً استخباراتياً مركَّزاً ومُضنياً..
لذلك قال نتنياهو: اصبروا..
اصبروا… يعني أن نوعيةَ وطبيعة المواجهة التي أقرها نتنياهو وقرّرها مع اليمن ستكون بالدرجة الأَسَاس مواجهة ذات طبيعة استخباراتية ومعلوماتية..
يعني من الآخر: يريدون، ربما، تكرار السيناريو الاستخباراتي نفسه الذي قاموا به مع حزب الله طوال الفترة الواقعة ما بين نهاية حرب تموز (2006) وما قبل هدنة (2024) والذي توج بحادثة اختراق وتفجير البيجرات الشهيرة، وكذلك اغتيال أهم وأبرز قيادات الصف الأول للحزب وعلى رأسهم الأمين العام الشهيد القائد حسن نصرالله..
فهل ينجحون في ذلك..؟
يتوقف ذلك بصراحة على مدى كفاءة وفعالية وتطور عمل وأداء الأجهزة الاستخباراتية والأمنية اليمنية، وكذلك على مدى ومستوى وعي وإدراك المواطن اليمني واستشعاره التام للمسؤولية الدينية والوطنية والأخلاقية..
وهذا، في اعتقادي، ما سيفاجِئُ به اليمنيون العالم كله في هذا الجانب قبل عصابات الكيان الصهيوني..
وهذا أَيْـضاً ما لا يتوقعه المجرمُ نتنياهو وحكومته، أَو يحسبون له أي حساب..!
وَالعِلمُ في شُهُبِ الأَرماحِ لامِعَةً
بَينَ الخَميسَينِ لا في السَّبعَةِ الشُّهُبِ..
أو كما قال أبو تمام ذات يوم.