مواليدُ بُرجِ “الجنون”!
عبد الكريم الوشلي
في الوقت الذي ينتفضُ فيه العالم “الآدمي” أَو الذي ما زال له ضميرٌ على قيد الحياة وشعورٌ إنسانيٌّ حيٌّ يُرزَقُ، وينخرط في تلك الهَبَّات الثائرة في وجه دموية الإجرام الصهيوني الموجَّهِ والمحضونِ أمريكيًّا وأفعاله المُهلكة المدمّـرة المجنونة والمُستمرّة في غزة، وهذا ما رأيناه ونراه حتى في جامعاتِ وساحات وشوارعِ أمريكا والغرب ذاته وهو المحكومُ بأنظمةٍ وسياساتٍ هي الأعرقُ في تصهيُنِها وَرعاية وتبنِّي جرائم ذراعها اليهودي الصهيوني القاتل المزروع في فلسطين..
يطل، في المقابل، أحد المسوخ أَو تُحفِ عصابات الخيانة والارتزاق وخِرقِها البالية المُدعَّسة في أروقة فنادق الرياض ودبي وغيرها، قبل أَيَّـام، متغنيًّا بهذا العدوّ السفاح الذي تهتز جنبات الإنسانية الحية بامتداداتها في جهات الأرض الأربع من ترويع وحشيته التي تحتاج إلى ألف موسوعة “غينيس” لاستيعاب مستوياتها المحطِّمة لكل أرقام القياس البشري الممكن!
ووصل الخطل والعَتَه بهذا المأفون الارتزاقي الذي يشغل منصب مستشار وزير الإعلام في حكومة المرتزِقة إلى حَــدّ القول إن الكيان القاتل لأطفال فلسطين على النحو المشهود الموصوف لدى العالم بكله أَو ما تسمى “إسرائيل” محترمةٌ ومعتدىً عليها وأنها تدافع عن نفسها!، بل يكيل لها أسمى عبارات المدح والتعبير عن الامتنان لها على “نخوتها” و”مصداقيتها” في الوقوف إلى جانب لبنان وتحريره من حزب الله حسبما جاء في هذيانه العتيد!
لقد كان جديرًا بهذا المسخ المشوَّه المَقيت والمعطوبِ العقل والضمير والدين والإنسانية أن يُكمل سمفونية مديحه وثنائه على القاتل الصهيوني السفاح أَو “إسرائيل”، كما يصفها، و”مروءتِها” التي خلَّصت اللبنانيين من حزب الله! -كما يهذي ويُهري- وأن يشكرَها أَيْـضًا على أنها بقتلها ثلاثين ألف طفلٍ غَزِّي خلال عام واحد أسدت أعظم الجمائل لآبائهم وأُمهاتهم وعوائلهم (من بقي منهم طبعًا) بتخليصهم من هذا الكَمِّ القياسي من أطفالهم وفلذات أكبادهم!، وعلى جميل معروفها ومروءتها بحق أهل غزة الذين “أنقذت” -حسب منظوره المقلوب- مئاتِ آلافِهم (المحرومين من نعمة القتل بقنابلها وصواريخها الأمريكية الأشد فتكًا وتدميرًا) من بيوتهم التي دمّـرتها وسوَّتها بالأرض وجعلتهم ينعمون بلذةِ العيش في العراء يفترشون الأرض ويلتحفون السماء!، وأَلَّا يفوتَه الامتنانُ لها نيابة عن أبناء الشعب الفلسطيني في غزة على كرم إراحتهم من كابوس مئات الأطباء ومثلِهم من المعلمين والصحافيين المقتولين على يد جيشها “الشهم”، وما تفضَّلت وتتفضَّلُ به على هذا الشعب في الضفة والقدس وغيرهما طيلة ثمانين عامًا من “مروءات” التهجير والإبادة والخطف والسَّجن والتعذيب في السجون وسلب الأراضي والبيوت ومصادرة الممتلكات وقلع الأشجار وحرق المزارع وحتى تجريف الشوارع والبنى التحتية البسيطة في مخيمات اللجوء الداخلي، وغيرِ ذلك الكثير الكثير من مظاهر الكرم والنخوة والشهامة “الإسرائيلية” التي ينعم بها الشعب الفلسطيني طيلة هذه العقود، ووصل خير بعضها إلى معظم شعوب المنطقة، بمن فيها الشعب اللبناني، كما يقول هذا المأفون الملحوسُ العقل والمنطقِ تمامًا!.
والذي يحار المرؤ فعلًا في توصيف الطينة التي جاء منها هو ومَن على شاكلته في عصابة الخيانة والارتزاق والتي لم يكن أحدٌ ليتصور حتى في أسوأ الكوابيس أن يُبتلَى هذا الشعب وهذه الأُمَّــة بأمثالهم، بل إن من الصعب توصيفَهم حتى بتلك المعايير الأقرب إلى الخُرافات والتأويلات الساذجة لصنوفِ البشر كتلك التي تعتمدُ التنجيمَ وقراءةَ الطوالع والأبراج أُسلُـوبًا لها؛ لأَنَّ هؤلاء الذين أطبقت الظُّلمة على كُـلّ مَدَيات إبصارهم وإدراكهم يحتاجون إلى برج مستحدَثٍ إضافي لتلك الأبراج الاثني عشر المألوفة لدى عُشَّاقها المهووسين بتهويماتها، هو.. بُرْجُ الجُنُون!!!