غزة بين عام مضى وعام أتى: جرح لا يندمل

محمد صالح حاتم

مع كُـلّ عام جديد، تحاول غزة أن تستقبل الشمس بقلب يملأه الأمل، لكنها تجد نفسها محاصَرةً بدخان القصف وأصوات الانفجارات، بين عام مضى وعام أتى، تبقى غزة شاهدة على فصلٍ جديدٍ من الألم والدمار، حَيثُ تستمر آلة الحرب الإسرائيلية في قتل الأبرياء، وتدمير المنازل، وسلب الأمل من قلوب الأطفال.

عام مضى: ذاكرة لا تنسى:

في العام الماضي، عاش سكان غزة تحت وطأة حرب شرسة استهدفت كُـلّ شيء: البيوت، المدارس، وحتى المستشفيات، مخيمات النازحين، وارتقى أكثر من 155 ألفًا ما بين شهيد وجريح جلهم أطفال ونساء. لم تكن الحرب مُجَـرّد مواجهة عسكرية، بل إبادة ممنهجة لحق الحياة. دماء الأطفال سالت في الأزقة، والأُمهات دفنت أحلامها مع أبنائها. كانت غزة في عامها الماضي مسرحًا لجريمة دولية، وحرب إبادة جماعية مُستمرّة، في ظل صمت عالمي، وتواطؤ عربي مخزٍ.

كل بيت في غزة شهد قصة فقد، عائلات بأكملها اختفت تحت ركام منازلها، وأُخرى أصبحت بلا مأوى. الكهرباء تُقطع، المياه تُلوث، والدواء يُمنع. والغذاء ينعدم، لكن رغم كُـلّ هذا، لم تُطفأ جذوة الصمود في قلوب أبناء غزة، الذين استمروا في الحياة رغم أنف الموت، متحديين الصواريخ والطائرات ومجنزرات الإسرائيليين.

عام أتى: أمل تحت النار

ومع بداية العام الجديد 2025م تتجَـدَّد آمال سكان غزة بحياة أفضل، لكن الواقع يفرض نفسه سريعًا. الحصار مُستمرّ، القصف لا يتوقف، والموت يلاحق الجميع. في كُـلّ يوم جديد، ترتفع قائمة الشهداء، وتزداد حدة الدمار.

وفي خضم هذا الجحيم، يستمر العالم في ترديد الشعارات دون اتِّخاذ موقف حاسم ينهي معاناة غزة. التصريحات السياسية لا تتجاوز حدود الاستنكار، والمؤسّسات الدولية عاجزة عن فرض إرادتها على الاحتلال. يبدو أن العام الجديد، كسابقه، لن يكون إلا امتدادًا لمعاناة طويلة الأمد.

غزة بين الماضي والمستقبل:

الفرق بين عام مضى وعام أتى ليس في عدد الشهداء أَو حجم الدمار، بل في تراكم الألم وصبر أهل غزة. بين العامين، تتبدل الأرقام على التقويم، لكن الجرح يبقى كما هو.

في العام الماضي، أثبت أهل غزة للعالم أنهم قادرون على الوقوف رغم كُـلّ شيء، وفي العام الجديد، يستمرون في مواجهة الظلم بنفس العزيمة. المقاومة ليست فقط سلاحًا في أيدي المقاتلين، بل هي أمل يعيش في قلوب الجميع.

رسالة غزة إلى العالم:

بين عام مضى وعام أتى، غزة تكتب رسالتها: نحن هنا، نحيا رغم الموت، ونبني رغم الدمار. لن نغادر أرضنا، ولن نتخلى عن حقوقنا، وسنبقى نقاوم حتى تتحقّق النصر.

لكن هذه الرسالة ليست موجهة إلى الاحتلال وحده، بل إلى العالم بأسره. غزة تدعو الإنسانية إلى الاستيقاظ، والعرب إلى العودة إلى عروبتهم، إلى كسر الصمت والوقوف في وجه الظلم ونصرة إخوانهم في غزة.

العام الجديد فرصة لإثبات أن الضمير الإنساني لا يزال حيًّا، وأن العرب لا يزالون عربًا، والمسلمين لا يزالون مسلمين، غزة ليست وحدها في معركتها؛ مِن أجلِ الحياة، نحن في اليمن معها، ولن نتركها وسنقاتل مع أبنائها، بنادقنا مع بنادقها، صواريخنا وطائراتنا ستظل تقصف العدوّ حتى النصر.

غزة، بين الأمس واليوم، تظل شاهدة على صراع الإرادَة ضد الطغيان. هي الجرح الذي يرفض أن يُنسى، والأمل الذي لا ينكسر… غزة قريبًا ستنتصر.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com