عامٌ مضى والقادم أشدُّ بأسًا: اليمنُ يصنعُ المستقبلَ ويهدمُ أحلامَ الصهاينة
عدنان ناصر الشامي
عامٌ مضى، واليمنُ فارسُ المعركةِ وقبَسُ الموقفِ، يكتبُ في صحائفِ التاريخِ صفحاتٍ من العزةِ والإباء، ممهورةً بدماءِ التضحيةِ والإيمانِ، شاخصًا بروحه وقيادته وجيشه نحو غزة، حَيثُ القضية الأولى والمظلومية الأزلية.
عامٌ مضى، واليمن، بنخوةِ أبنائه وصبرهم وثباتهم، لم يهنأ له بالٌ، ولم يسكن له جفنٌ، وهو ينافح عن غزة. ينهضُ من رمادِ المحنِ، حاملًا مشاعلَ النورِ الذي أضاءه أجدادُه يوم نصروا رسولَ الله وأوَوه، وأعطَوا أرواحهم ذودًا عن رسالةِ الحق، حتى كانوا سبَّاقين إلى كُـلّ ميدانٍ يخوضُه النبيُّ، وها هم اليوم أحفادهم يُعيدون المجد، يسيرون خلف حفيدِ الكرار، قائد صنع من العزم لواءً، ومن الحكمة سلاحًا، ومن الإيمان حصنًا منيعًا، قائد امتدت جذوره في عمقِ العقيدةِ، وأخرجهم من ظلماتِ الوهنِ إلى ميادينِ الثباتِ والشجاعة.
بينما يتخاذلُ المتخاذلون، ويتوارى المتآمرون، ويتركُ العربُ والمسلمون غزةَ للكيانِ الصهيونيِّ يمارسُ عليها أبشعَ الإباداتِ، يأتي اليمنُ بصدقهِ ونقاءِ موقفهِ، مشعلًا نيرانَ المقاومة، قاطعًا يدَ العدوّ في البحار، يغلقُ المضائقَ ليكسرَ أطماعهم، ويُحرِّمَ على سفنِهم مياهَ المنطقةِ، لتصبحَ لهم لُجةُ البحارِ مقابرَ وعرةً وألغامًا مشتعلة.
عامٌ مضى، والشعب اليمني لا يكلُّ ولا يملُّ، يجوب الميادين، من القرى إلى المديريات، يعقد دورات التعبئة، يعد الرجال والعدة، يصوغ العزائم، ويشحذ الهمم، في مواجهة الطغيان الأمريكي والصهيوني وأذنابهما. عامٌ، وقلب اليمن يئنُّ لصرخات غزة، يتفطَّر لجراح أطفالها، ويأبى أن يهدأ أَو يستكين، ما دام الكيان الصهيوني يمعن في جرائمه، يقتل الأحلام قبل الأجساد، ويهدم البيوت على رؤوس ساكنيها. كيف يسكت اليمن، وهو يحمل في قلبه نبض الأُمَّــة ووجدانها؟ واللهِ لا يسكت، بل يمضي قدمًا، يسحق الكيان الصهيوني، ويدكُّ معاقله، ويُطهر الأرض من دنسه.
لقد أقسمَ اليمنُ، وهو عندَ قَسَمهِ، إنَّ فلسطينَ ليست وحدها، وإنَّ الكيانَ الصهيونيَّ لن يهنأَ بليلٍ ولا نهارٍ، وستبقى الضرباتُ اليمنية تُوجعُ عمقَه، وتُضيِّقُ خناقَه في البرِّ والبحرِ والجوِّ. سفنُهم أضحت حبيسةَ الخوفِ، لا تجرؤُ على اختراق مياهِ المنطقةِ إلا وهي تُحدِّقُ بالموتِ من كُـلّ جهةٍ.
عامٌ مضى، واليمن يقاتل نيابةً عن الأُمَّــة العربية والإسلامية، يواجه أمريكا و”إسرائيل” بكل ما أوتي من قوة، ويذود عن قضية الأُمَّــة، يقودها قائدٌ حكيم، وشعبٌ أبيٌّ، لا يبيع دينه، ولا يخون عهده. إن عامًا جديدًا يلوح في الأفق، يحمل معه تطورًا في القوة، واتساعًا في القدرة، ويأتي بأشد ما مرَّ على الكيان الصهيوني من بأسٍ وعذاب. وسيمضي اليمن حتى يتحقّق وعدُ اللهِ: “وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ. ”
عامٌ مضى، والقادمُ أشدُّ بأسًا، وأعظم هيبةً. قواتُ اليمنِ تتوسَّعُ، وقدراتُها تتعاظمُ، ومواقفُها تزدادُ رسوخًا. الكيانُ الصهيونيُّ وأدواته ذاقوا الويلاتِ، وما ينتظرُهم أشدُّ وأنكى. إنَّ القادمَ يحملُ في طيَّاتهِ زلازلَ أشدَّ وقعًا، ونيرانًا لا تُبقي ولا تذر، حتى تتحقّق بشارةُ النصرِ، ويكونُ اليمنُ بحقٍّ السيفَ الذي يقطعُ أوتارَ الطغيانِ، والصخرةَ التي كسرَت قرونَ الشيطان.
فترقبوا، فَــإنَّ القادم يحمل في طياته تحوُّلًا في الموازين، وزوالًا للغاصبين، ونصرًا للمستضعفين، وتحقيقًا لوعد الله الذي لا يتخلف: “وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ”.