جمعة رجب.. تاريخ وعظمة الإيمان في اليمن
أكرم ناصر
يحتل يوم جمعة رجب مكانة خَاصَّة في قلوب اليمنيين، فهو ليس مُجَـرّد يوم عابر، بل هو رمزٌ يُجسد عظمة الإيمان وإرث الحضارة الإسلامية التي رسخت أقدامها في هذه الأرض الطيبة. كُـلّ يمني أصيل يعرف قيمة هذا اليوم، ويدرك أن مواقفه التاريخية تجسد التزامه العميق بدينه وإيمانه.
عند العودة إلى القرآن الكريم ودراسة التاريخ الإسلامي، نجد أن لليمنيين مواقفَ مشرِّفة سطرتها صفحات التاريخ. فقد تميزوا بالحكمة والشجاعة والإيمان، كما تجلى ذلك في قصة ملكة سبأ بلقيس. كيف استجابت هذه الملكة الحكيمة لدعوة نبي الله سليمان عليه السلام، وكيف كان موقف قومها الشجاع تجاه تلك الرسالة الإلهية.
عندما ألقى سليمان كتابه الكريم، وصفته بلقيس بالكريم، وهو ما يعكس نفوسًا كريمة قادرة على تقدير القيم العظيمة. وفي المقابل، نجد أن القوم الذين كفروا برسالات الله لم يكونوا قادرين على رؤية عظمة هذه الرسائل، كما حدث مع بني “إسرائيل”. لكن نفوس اليمنيين كانت دومًا قادرة على تقدير الأشياء الجليلة.
تاريخ اليمن مليء بالمواقف البطولية، سواء في فجر الإسلام أَو في الأزمنة الحديثة. فالأوس والخزرج، هاتان القبيلتان، كانتا الأَسَاس الذي قامت عليه الدولة الإسلامية الأولى. رغم محاولات قريش لقتل النبي محمد صلى الله عليه وسلم، إلا أن إيمانهم كان أقوى من التحديات.
والآن، في ظل الظروف الصعبة التي يعيشها الشعب اليمني، نجد أن روح العطاء والتضحية لا تزال حاضرة. فكما آثروا غزة على أنفسهم رغم الحصار، فَــإنَّهم يثبتون اليوم أنهم أصحاب الإرادَة القوية والنفوس الشريفة. إنهم يواجهون الجاهلية الحديثة التي تحاول فصلهم عن هُويتهم الإيمانية، لكنهم يواصلون التمسك بتعاليم دينهم وقيمهم الأصيلة.
عندما نتحدث عن مواقف اليمنيين، لا يمكننا أن نغفل عن الشجاعة التي أظهرتها الشخصيات العظيمة مثل مالك الأشتر وحجر بن عدي، الذين ضحوا بأنفسهم؛ مِن أجلِ مبادئهم. فهذه التضحيات تذكرنا بأن الإيمان الحقيقي ليس مُجَـرّد كلمات، بل هو التزام فعلي يترجم إلى أفعال شجاعة.
إن الواجب اليوم هو أن نحافظَ على هُويتنا الإيمانية، وأن نغرس هذه القيم في نفوس الأجيال القادمة. يجب أن نتذكر أن الأعداء يسعون دائمًا لفصلنا عن هُويتنا، لكننا يجب أن نكون حذرين وواعين لأهميّة هذا الأمر. علينا أن نكون قُدوة لأبنائنا، وأن نعلمهم أن الإيمان هو الرصيد الذي يحفظهم في وجه التحديات.
في الختام، فَــإنَّ يوم جمعة رجب هو تذكيرٌ لنا بأن الإيمان هو القوة التي تجمعنا، وأن تاريخنا هو مصدر إلهام لنا لمواجهة كُـلّ الصعوبات. فلنواصل السير على درب الأجداد، ونحافظ على هذه الهُوية التي تميزنا كيمانيين، عسى أن نكون دائمًا من أصحاب النفوس الكريمة التي تقدّر القيم العظيمة.