قوةُ الأُمَّــة لبناء مجدها في جهادها واجتهادها

ق. حسين بن محمد المهدي

الأمّةُ القوية تبني مجدَها، وتصلح أمرها، ويظهر خيرها، ويرتفع قدرها، ويعلو بنيانها، وتسمو مكانتها، ويخلد ذكرها بقدر ما تحقّقه من إنجازات وإصلاحات بجد وجهاد واجتهاد، يأمن الناس به على حياتهم وأوطانهم وحرياتهم ودياناتهم، فيسعدون به في دنياهم وأخراهم، وقد وعدهم الله بذلك (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأرض كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضى‏ لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شيئاً وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذلِكَ فَأُولئك هُمُ الْفاسِقُونَ).

إن شباب الأُمَّــة إذَا تزود بالعلم والإيمان كان مصدر قوتها وإبداعها وأَسَاس نهضتها وازدهارها.

فالشباب قوة وفتوة وعلم وعمل، الشباب تظهر فيه مواهب الإنسان، وتبرز شخصيته، ويشتد عوده، وتظهر قوته، وتتجدد صحته، فيأخذ من الحياة آرابه، ويتضاعف نشاطه وإبداعه.

فإذا تزود بالعلم والإيمان تحلى بالشجاعة والإقدام.

إذا استنهض مكامن القوة فيه كان للأُمَّـة فخر وذخر، وشكل إمدَاداً قويًّا لنهضة الأُمَّــة العلمية، والصناعية، والسياسية، والعسكرية، والثقافية.

وهذا الإمام علي -عليه السلام- الذي تمر بنا ذكرى مولده يشكل في غزوات النبي وجهاده ركناً قوياً ومثلاً أعلى في شجاعته وجهاده واجتهاده وعلو همته وفصاحته وبلاغته وتضحياته، مع فتية من الأنصار والمهاجرين الذي أعزهم الله بنبيه، وأظهر بهم دين الإسلام رحمة للعالمين؛ فملأ الله به أصقاع الأرض خيراً وعزاً وقوة وأمناً وسلاماً، فسلام على أُولئك الشباب المتقين وعلى الإمام علي وفتية الأنصار والمهاجرين وعلى شيوخهم المنتجبين.

وها هم فتية أنصار الله وحزبه في يمن الإيمان وفلسطين يرفعون راية الجهاد بعزة وقوة المؤمنين؛ مِن أجلِ إنقاذ الأقصى وتطهير أرض فلسطين، وتشرق بهم على أرض الله قيادة مسيرة القرآن المحاطة بقوة العزيز الحكيم وَبقوة الشباب المؤمنين لتذيق اليهود المعتدين سوء العذاب (ذلِكَ فَضْلُ اللَّـهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ وَاللَّهُ واسِعٌ عَلِيمٌ).

فالشباب دوماً قوة تسعد الحياة بها، وترتكز في أذهان المؤمنين مكانتها، ألا ترى أن ابنة نبي الله شعيب -عليه السلام- حينما لحظت تلك القوة والفتوة في شباب نبي الله موسى -عليه السلام- قالت لأبيها فيما حكاه الله في القرآن العظيم: (قالَتْ إِحْداهُما يا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ).

فالقوة والأمانة مصدر عز تتحقّق بها آراب المؤمنين من الإنس والجن أجمعين.

فقد حكى الله في القرآن الكريم عن نبيه سليمان -عليه السلام- حينما أراد أن يأتي بعرش بلقيس ملكة اليمن من أرض سبأ ليثبت لها القوة والعزة التي مكنه بها رب العالمين (قالَ يا أَيُّهَا الْمَلَؤُا أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِها قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ، قالَ عِفْرِيتٌ مِنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أمين، قالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ قالَ هذا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أم أَكْفُرُ وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّما يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ).

إن العلم والقوة خير ما يتزود به المؤمنون؛ مِن أجلِ بناء أوطانهم، والمحافظة على سلطانهم من سطوة اليهود المعتدين.

والشباب صدر هذه القوة، وبسواعدهم تبنى الحياة في شتى المجالات.

ولله در الشاعر، حَيثُ يقول:

حَيِّ الشباب وقُل سلاما

إنكم أمل الغد

صحت عزائمكم على

دفع الأثيم المعتدي

والله مد لكم يدا

تعلو على أقوى يد

إن الإنسان قد لا يستطيع أن يتصور همم الشباب على حقيقتها، ويستنهض مكامن القوة فيها حتى يرى آثار الرجال الذي كتب تاريخها قبل أن ترحل على وجه الأرض.

من أجل ذلك فإن الأعداء يضعون برامجهم على مراكز التواصل الاجتماعي وغيرها لإفساد الشباب؛ لأنهم يفهمون أن في إفساد شبابها القضاءَ على مقدراتها، والسعي بهم إلى هاوية من الانحراف والشذوذ؛ فسكر الشباب أشد من سكر الشراب، فقد يقود شاب بسكرته أُمَّـة إلى حتفها.

أما الشباب إذَا تزود بالعلم والإيمان فإنهم سيتجهون إلى الجهاد والاجتهاد، وصناعة الطائرات والصواريخ وما ينفع الأُمَّــة في بناء وأوطانهم، وتحرير مقدساتهم، وتتحرّر حينئذ فلسطين، وتسعد الأُمَّــة، وتزدهر أيامها، ويتبدل شقاءها إلى سعادة وعزة ونصر (وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ).

فلن يخيف أحرار الأُمَّــة وشرفائها ما يحصل من اغتيالات وتدمير وسفك للدماء فإن العاقبة للمتقين.

وإن نجاة المؤمنين وفوزهم وعزهم حينما يأتي أمر الله بهلاك المفسدين أمر حتمي (فَلَمَّا جاءَ أَمْرُنا نَجَّيْنا صالِحاً وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَمِنْ خِزْيِ يَوْمِئِذٍ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ) (وَيُنَجِّي اللَّهُ الَّذِينَ اتَّقَوْا بِمَفازَتِهِمْ لا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ).

فلا يهولنكم ما تملكه أمريكا والصهيونية اليهودية، من القوة فإن الذي الهمهم صناعة هذه القوة قادر على أن يسلبهم، وما يجري في لوس أنجلس بأمريكا يومئ إلى ذلك؛ فالقوي العزيز سنته مع الأمم الماضية ماضية مع المفسدين كما صنع بأسلافهم من آل فرعون اللعين، وتدبر قول العزيز العليم (كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَفَرُوا بِآياتِ اللَّـهِ فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ شَدِيدُ الْعِقابِ) (ما قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ).

وقد كتب الله الغلبة له ولرسله ولصالح عباده (كَتَبَ اللَّهُ لَأغلبنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ).

العزة لله ولرسوله وللمؤمنين ولا نامت أعين الجبناء.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com