غارات.. فامتلأت الساحات

محمد الموشكي

إن العنفوان والشموخ والثبات ليست مُجَـرّد شعارات جماهيرية تُردّد في الميادين، ولا مُجَـرّد كلمات تُكتَبُ على الجدران أَو تُدوَّن في صفحات الكتب والصحف والمجلات.

بل إن العنفوان والشموخ والثبات أفعال تجسد قيمةً عظيمة عند مواجهة أقوى قوة في العالم، تلك القوة الظالمة المتغطرسة، حَيثُ يبقى الثبات والعزيمة راسخَين، لا تهزهما الغارات أَو الأسلحة المتطورة أَو الجيوش الجرارة.

ورغم أنك لا تملك ما يمتلكه الأعداء من قوة متقدمة ومتطورة، ولا اقتصادا يضاهي اقتصادهم، إلا أنك تملك أمرًا واحدًا هو الذي منحك كُـلَّ هذا الثبات والعنفوان الذي قهر هذه القوة الجبارة، وهو سلاح الإيمان والحق الذي لا يحملونه ولا يمتلكونه، ولن يمتلكوه أبدًا.

وهذا الأمرُ تجلَّى وشاهده العدوّ قبل الصديق في قصفهم العدواني الأعمى في محيط ميدان السبعين بالعاصمة المقدسة صنعاء، المكتظ بالحشود اليمنية المليونية العظيمة، التي ثبتت وبقيت صامدةً حتى آخر المسيرة الجماهيرية. وهي الجماهير الصامدة والثابتة على موقفها الحق، الداعمة لفلسطين منذ حوالي عام وأكثر.

لقد عبّر موقفُ الشعب اليمني بشأن قضية استمرار وقوفهم مع غزة، إسنادًا لهم من خلال عنفوانهم وشموخهم وثباتهم وصمودهم في ميدان السبعين، الذي تعرض محيطه لقصف ثلاثي الشر من أمريكا وبريطانيا و”إسرائيل”. ومع ذلك، لم يشعر أحدٌ بالخوف أَو الارتباك، بل وسارع من كانوا قد تعثروا في المشاركة إلى الانضمام مع أولادهم وجيرانهم لصنع الفارق في الساحة.

ما حصل في ساحة السبعين، الجمعة الماضية، كان شيئًا أذهل الأعداءَ وأرعبهم؛ لأَنَّهم شاهدوا صمودًا وعنفوانًا لم يشهدوا مثله قط، وهم الذين ما أن دوت صفارات الإنذار من مقذوف بسيط، هرع الكبير والصغير إلى جحورهم المحصنة.

بحق هذا العنفوان الذي شهدناه وشاهده الجميع، لا نستطيع أن نَصِفَه مهما استخدمنا من أجمل وأبلغ الكلمات، إلا أنه يتجلى تمامًا في قول شاعر اليمن الكبير البردوني، الذي وصف هذا الصمود قبل وقوعِه ببيته الشعري الذي أعتقد أنه كان مخصصًا لهذا العنفوان الشعبي في السبعين، حَيثُ قال:

“فليَقصفوا، لستَ مَقصَفْ

ولـيَـعنُفوا، أنتَ أعـنَـفْ

ولـيحشدوا، أنتَ تـدري

إن الـمـخـيفين أخــوَفْ

لـــهــم حــديــدٌ ونـــارٌ…

وهُم مِن الـقَشِّ أضعفْ”

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com