شباب الأُمَّــة رمز قوتها وأَسَاس نهضتها وعدتها في جهادها واجتهادها
ق. حسين بن محمد المهدي
إن الأُمَّــة التي تربي صغارها وتزود بالعلم والتقوى أبنائها، وتوجّـه نحو العلم والعمل شبابها، لتزكو بالأخلاق الفاضلة نفوسهم، وتكتمل عقولهم، وترجح على إدراك الحقائق أفهامهم، وتجمع على نشر الإسلام والاهتداء بنوره أفكارهم ظافرة.
فشباب الإسلام إذَا اغتنموا أوقاتهم، وانتهزوا الفرصة في تحقيق أهدافهم، وتحرير أوطانهم، ورفعوا راية الجهاد؛ مِن أجلِ إعلاء كلمة ربهم، ودحر الصهيونية اليهودية من أرض أبناء فلسطين طاعة لربهم، وسعياً إلى الوصول إلى غاياتهم في بناء أوطانهم، وإسعاد مجتمعهم، وتحقيق مطالبهم والسمو بمكانة أمتهم إلى ما فيه صلاح دينهم ودنياهم انتصروا كما هو الحال في فلسطين وبلغو الغاية، وكانوا في الزمن آية يسعد بهم العباد، ويرضى بعملهم رب العباد.
فإذا بهم في حياة طيبة، قد أطاعوا الحق وأكرمهم الخالق، أنفقوا في البر قوتهم وزهرة أَيَّـام حياتهم، فكانوا تاجاً للخير وعنواناً له، وفي الحديث الشريف: “سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ فِي ظِلِّهِ الْإِمَامُ الْعَادِلُ، وَشَابٌّ نَشَأَ بِعِبَادَةِ اللَّهِ…”.
فما امتلأت عيون المؤمنين وقلوبهم وعقولهم بشيء بعد حب الله ورسوله أحب إليهم من شباب يمشون على الأرض ورؤوسهم تطاول السماء، لإيمَـانهم بالله وحبهم له ولإخوانهم ولجدهم وجهادهم ولتفانيهم في خدمة أوطانهم ولمنهجهم القويم، وأدائهم لرسالتهم في هذه الحياة ولمجدهم.
وهكذا يتشوق صالحوا هذه الأُمَّــة إلى شباب يؤمنون بالله، ويدركون أنه معهم يسمع ويرى، فيطيعونه ويعبدونه وتمتلئ بهم الأرض خيراً، ويباهي الله بهم الملائكة.
يا للشباب المرح التصابي
روائح الجنة في الشباب
إن استنهاض الشباب هممهم في العمل الصالح في مسيرة القرآن التي يحيطها أنصار الله وحزبه بهممهم العالية مما يبقى ذخره وأجره على مر الدهور.
فمهما حفظ الإنسان من علوم وأخلاق فلن تتحسن أخلاقه، وتزكو أعماله إلا إذَا انتهز كُـلّ فرصة تسنح لإصلاح شؤون الأُمَّــة، وجاهد وجد وسعى إلى جمع كلمتها، وتحقيق مصلحتها قبل فوات الوقت، ولله در القائل:
بادر الفرصة واحذر فوتها
فبلوغ العز في نيل الفرص
واغتنم عمرك إِبَّان الصِّبَا
فهو إن زاد مع الشيب نقص
فابتدر مسعاك واعلم أن مَن
بادر الصيد مع الفجر قنص
فساعات العمر تمر، فالإنسان مسؤول عن شبابه وحيويته ونشاطه بين يدي ربه وفي الحديث: “لن تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن شبابه فيما أبلاه وعن عمره فيما أفناه وعن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه”.
فالإنسان إذَا أضاع شبابه باتباع طرق الشيطان والانخداع لمكايد الأعداء الذين يروجون لنشر الرذيلة ومراكز الترفيه واللهو فَــإنَّه سيندم، ويتحسر على ما مضى وانقضى من أَيَّـام شبابه وعمره في غير صلاح ولا إصلاح.
ولن ينفع ذلك كما لم ينفع العرب بكاءهم على الشباب وقد بكوا كما يقول أبو العتاهية:
بكيت على الشباب بدمع عيني
فلم يغن البكاء ولا النحيب
فيا ليت الشباب يعود يومًا
فأخبره بما صنع المشيب
فالإنسان بطبيعته إذَا ضيع شيئًا ندم وتحسر عليه، فكيف به إذَا اضاع أجمل أَيَّـام حياته وأكثرها عطاء.
فأيام الشباب هي أَيَّـام بناء الحياة في شتى المجالات.
إن رجال هذه الأُمَّــة وشبابها الشرفاء هم الذين يسعون إلى الحفاظ على عقيدة الأُمَّــة وأخلاقها، ويَجِدُون؛ مِن أجلِ تحرير مقدساتها، ولسان حالهم يقول ما قال شاعر العرب:
ما شاب عزمي ولا حزمي ولا خُلقي
ولا وفائي ولا ديني ولا كرمي
فهم يستنهضون الهمم، ويستلهمون قوتهم من قوة الله العزيز المنيع الذي لا يغلب، وهَـا هي الصهيونية اليهودية تخضع وتجنح إلى السِلم مع حماس الذي اعتمدت على قوة الله وقدرته.
فمن آمن بقوة الله وقدرته شَعُرَ بالقوة؛ لأَنَّ حماس اعتمدت على قوة الله وقدرته فانتصرت، وقد آزرها أولو البأس الشديد من أبناء اليمن أنصار الله وحزبه، وشعب لبنان وإيران وأحرار العالم ورجال الكلمة الصادقة.
فمن كان مع الله رفع رأسه، وتطابق أقواله مع أفعاله، فالشكر والتقدير والثناء الجميل لأبناء فلسطين وَمحور المقاومة وأنصار الله وحزبه، والرحمة والفوز والرضوان لأُولئك الشهداء الذين سقطوا في سبيل الله على طريق القدس ومن أجل تحرير فلسطين والأقصى الشريف ففازوا بخير الدنيا ونعيم الآخرة.
العزة لله ولرسوله وللمؤمنين والخزي والهزيمة للكافرين والمنافقين، ولا نامت أعين الجبناء.