سنرحل وسنعود لمحاربتكم!

عبدالحميد الغرباني

“جدي وجدتي أتيا من اليمن، لقد استغرق الأمر منهما وقتًا أطولَ من بضع ساعات استغرقناها يوم الجمعة، لقصف اليمن” هذه جزئية من رواية لأحد المجرمين نقلها موقع معاريف الصهيوني دون تسمية هذا المجرم مع الاكتفاء بالإشارة إلى أنه طيّار احتياطي برتبة رائد ونُقل عنه “عندما اقترحت المهمّة، حقّقت حلم جدّي وجدّتي، لقد أرادوا أن يكون لأطفالهم مستقبل أفضل، في دولة تعرف كيف تدافع عن نفسها”.

وثمة مقتطفات أُخرى يوردها مقال معاريف، ويُمكن أن نكتفي بالقدر السابق من هذه الرواية المُثيرة ونتوقف للتعليق عليها بما استذكرته من الرواية الشفاهية الشعبيّة المرتبطة برحيل أغلب من كانوا يتواجدون في اليمن من اليهود، وهؤلاء لم يتركزوا في منطقة بعينها لناحية ما شغلوا من المهن -صناعة الأحذية من الجلد، صياغة الفضة، النجارة-.

تقول الرواية الشفاهية المتداولة حتى اليوم: إن الواحد من اليهود عند رحيلهم من مناطق قطنوها، كان يخاطب من يسأله إلى أين الوجهة وَلماذا؟ بالقول: “سنعود لقصفكم بالطائرة” وقد سمعتُ شخصيًّا هذه الرواية من شخصيات تجاوز عمرها المِئة عام، وَلقد استذكرت هذا فور قراءتي مقالة موقع معاريف الصهيوني بعد أن تلقيتها على إحدى وسائط التواصل الاجتماعي.

لم يكن جد وجدة هذا الطيار الصهيوني المجرم مهمومين بالدفاع إنما مسكونون بالعدوانية وَالإجرام وبأمر إلههم يهوه، شأنُهم شأن كُـلّ اليهود؛ فكل معتقداتهم تعتبر كُـلّ المسلمين مُجَـرّد حيوانات، وهذا ما تُظهره ممارساتهم وأفعالهم، ولطالما احتفى اليهود بشعار الموت للعرب، وَأَيْـضاً قتل الأغيار عُمُـومًا، وسبق وكتب في الصحافة اليمنية عن هذه النظرة اليهودية تجاه اليمن، ينقل الصحفي أحمد الحسني تحت عنوان “يهود اليمن الراحلون العائدون على ظهور الطيور” جانباً من الرواية الشفاهية هذه عن بعض المواطنين من مديرية العدين، وأن يهودياً أثناء بحثه عن أحجار العقيق ليصنع منها فصوصاً لخواتم فضية يصنعها، كان يُخبر من يتجاذبون معه أطراف الحديث هكذا “سنرحل وَبعدها سنعود لمحاربتكم” كما ردّد يهود آخرون على نظرات التعجب من مودعيهم في عدين محافظة إب وهم يرحلون قائلين: “سنخرج إليكم على ظهور الطيور”.

ليس في الأمر نبوءة بالحرب مع اليمن فقد حاربت العصابات اليهودية، اليمن والشعب اليمني عن طريق احتلال فلسطين وَالعدوان على شعبها أولاً ثم بالعدوان على شعوب أمتنا في مصر وَسوريا وَلبنان وُصُـولاً إلى استهداف اليمن، ولكن مع فارق مهم لم يكن اليهود يتخيلونه وهو أن اليمن وفي سياق من القيام بمسؤوليته الدينية والأخلاقية والإنسانية تجاه الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، سبق إلى قصف اليهود في البحر وفي الأراضي الفلسطينية المحتلّة، وبأسلحة متقدمة ومتطورة خارج حدود مفهوم الردع التقليدي وبتكتيكات تتطور وتتغير باستمرار، وإن كان اليهود المزروعون في بلدنا، الراحلون عنها كانوا يردّدون مقولاتهم الواردة أعلاه، دون أن يستوعبها الكثير ممن سمعوها حينذاك، فَــإنَّ الفارق اليوم هو أن الإيمان العملي بتحقيق وعد الآخرة يسود في أوساط شعبنا، والله غالبٌ على أمره.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com