جولة الـ 15 شهرًا واتّفاق الكرامة

بشرى خالد الصارم

تحقّق انتصار الدم على السيف، وأتى النصر الإلهي المبجل، 15 شهراً من الثبات والصمود والتضحيات أتت ثمارها انتصارات تترجم عبارات عزة وشموخ لا تضاهيها بين مفردات كُـلّ جمل الشعور والتعبير، دموع فرح وعزة ونخوة تسيطر على كُـلّ مسلم عربي، وعلى كُـلّ صاحب ضمير إنساني.

في جولة الـ 15 شهرًا من الصراع الفلسطيني هَـا هي غزة الوحيدة المظلومة المحاصرة الدامية، المدمّـرة المقيدة تعلن انتصارها على أكبر طواغيت الأرض، على كُـلّ دول الغرب، وتعلن شموخها وكبرياءها أمام خذلان كُـلّ الدول العربية المجاورة لها، هَـا هي غزة ترفع راية النصر بعصا الشهيد القائد أبو إبراهيم يحيى السنوار -رحمه الله- التي رماها على ثكنات العدوّ وجيوشه، ورماها على كراسي الحكم والسلطة العربية الاسم العبرية المنشأ والولاء، فتهاوت أمام جبروت أهل غزة وقوتها وصبرها.

هَـا هي غزة ترفع راية النصر المنسوجة من إيمان وثبات الشهيد أبو العبد إسماعيل هنية-رحمه الله- لينتشر عبير الحرية والنصر من على صروح المآذن والحواري المدمّـرة، هَـا هي غزة ترفع راية النصر التي لوح بها سماحة العشق السيد القائد حسن نصر الله-رضوان الله عليه- أمام وجه العدوّ محذرًا ومهدّدًا إياه، زارعًا في قلب العدوّ رهبة وخوفاً لم تفارقه حتى بعد استشهاده.

هَـا هي غزة ترفع راية النصر الغارقة بدماء آلاف من الشهداء القادة والأطفال والنساء والأبرياء ليبقى ذنب رحيلهم في أعناق الشعوب المتخاذلة والحكام المحكومين للعدو الإسرائيلي، وهَـا هي غزة العزة ترفع راية النصر وتلوح بها أمام كُـلّ العالم بكل فخر وإباء وشموخ.

إن الشعب الفلسطيني ومقاومته ومجاهديه بفضل الله وعونه وتأييده حقّقوا انتصاراً إلهيًّا تاريخيًّا، بعد أن واجهوا الغرب بثقلِه وليس العدوّ الإسرائيلي فحسب، وصمدوا أمام خذلان عربي إسلامي غير مسبوق، كُـلّ ذلك بفضل الله وجهادهم وثباتهم وإسناد الشرفاء في محور الجهاد والمقاومة.

ففي هذه المعركة قاتل مع الشعب الفلسطيني اللبنانيون وبذلوا درة الجهاد والإسلام والقادة، وَقدموا الشهيد القائد السيد حسن نصر الله-رضوان الله عليه- عطاء وتضحية في سبيل هذه المعركة التي تكللت بالنصر بفضل الله كما كان يوعدهم، وقاتل العراقيون والإيرانيون، وأفراد من الشعوب المظلومة، وبذلوا في ذلك من دمائهم وديارهم، وَأَيْـضًا في مشهد وموقف لا ينسى حاصرتهم الدول المجاورة، وأطاع فيهم العدوّ، وخذلهم أكثر حكام العرب، وفتحوا للعدو معابرهم وطرقهم وأبوابهم، وأوصدوها أمام أهالي غزة.

وفي الكفة الأُخرى برز الموقف اليمني الثابت؛ فقد وقف مع غزة إلى آخر ساعات العدوان والحصار عليها، ولم يوقف عملياته إلا بوقف العدوان ورفع الحصار، فكان موقفه الموقف السائد الثابت الناصر، فقد أعاد تعريف الصراعِ مع الاحتلال الإسرائيلي منذ اندلاع العدوان الإسرائيلي على غزة في ظل عملية “طوفان الأقصى”.

برز اليمن كعامل مفاجئ، ومؤثر بقوة، في معادلة الصراع العربي الإسرائيلي، حَيثُ أخذ زمام المبادرة ليفرض تحولاً في طبيعة الصراع، وعلى الرغم من الضغوطات الداخلية التي يواجهها اليمن، سواء على الصعيد العسكري أَو الاقتصادي، فقد تمكّن من استعادة البوصلة العربية نحو القضية الفلسطينية، واستعادة حضورها المؤثر من خلال أساليب مبتكرة، تتجاوز الهجمات الإعلامية والخطابات السياسية، ووضع نفسه في قلب المعادلة الإقليمية والدولية بما يمتلكه من قوة عسكرية وموقع استراتيجي، مما جعله فاعلاً رئيسيًّا لاستعاد القضية الفلسطينية إلى صدارة الاهتمام العربي والدولي، وَفرض معادلة جديدة تحدّد كيفية التعامل مع الاحتلال الإسرائيلي من منظوره القرآني وتحَرّكه الديني والإيماني والأخلاقي، بخلاف العديد من الدول العربية التي تركز على التضامن العاطفي أَو المواقف السياسية المكتفية ببيانات الإدانة والتنديد.

فهنيئًا لمن قاتل مع غزة، لمن أثبت موقفه ومساندته لها، والفضيحة والخزي والعار في الدنيا والآخرة لكل من خذلها أَو تواطأ مع عدوها أَو قاتل إلى جانبه. ‏

المجد والخلود للشهداء من قادات محور المقاومة، ولكل شهيد مضى في طريق القدس، الذين رسموا بدمائهم الطاهرة طريق الحرية والكرامة والنصر.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com