يدٌ على الزناد.. وعينٌ لمراقبة تنفيذ الاتّفاق

عبد الغني حجي

غزة انتصرت، وأثبتت للعالم أجمع أنها ليست مُجَـرّد قطعة أرض محاصرة، بل نموذجٌ حي للصمود والإرادَة التي لا تنكسر أمام أعتى القوى وأشد الأسلحة فتكًا، وقدمت درسًا عظيمًا في الصبر والثبات، وتجسيدًا للإسلام المحمدي الأصيل الذي يواجه الباطل بشجاعة وثقة لا تتزعزع.

انتصرت غزة حين أعادت صياغة مفهوم الكفاح والمقاومة في وجه عدوٍّ متغطرس، وعلمت الكيان الصهيوني وحلفاءه درسًا قاسياً في الكرامة والعزة والشجاعة، ودفعتهم للتفكير ملياً في أحلامهم التوسعية المتمثلة بـ “إسرائيل الكبرى”، وأظهرت أن مشروعهم الاستعماري ليس إلا سرابًا لا يمكن تحقيقه أمام إرادَة الشعوب الحرة.

لم تكن هذه الجولة من المواجهة مُجَـرّد جولة عسكرية عابرة، بل كانت لحظة تاريخية فشل فيها الكيان في تحقيق أي من أهدافه الاستراتيجية ومع هذا تحطمت أُسطورته العسكرية، وأصبحت قوته محل تساؤل واستهزاء، كيف لكيان يمتلك أحدث الأسلحة وأكثرها تطورًا أن يعجز أمام مقاومة محاصرة بموارد محدودة؟ لقد أُذل الكيان أمام العالم، وأصبح في حالةٍ من الهوان والخزي لم يعرفها منذ تأسيسه.

هذا الانتصار العظيم الذي تحقّق لم يقتصر على البعد العسكري أَو الرمزي، بل تجاوز ذلك ليضرب في عمق الهيمنة الغربية، والتكنولوجيا التي تهدّد بها العالم، وأصبح تهديدها الذي طالما أرعب الأنظمة والشعوب مُجَـرّد كلمات جوفاء لا قيمة لها، لم تعد بحار المنطقة خاضعة لسطوتها، ولم تعد أساطيلها الحربية تخيف أحداً.

وسط هذه المعادلة، عادة القضية الفلسطينية بعد أن كان أفولها أقرب من أي وقت، وبرز اليمن كعامل مهم ومؤثر في المعركة السياسية والميدانية، وأثبت يوماً بعد يوم خلال الحرب أنه حاضر بقوة لمناصرة القضية الفلسطينية وإسناد الشعب والمقاومة وأنه حاضر في كُـلّ معركة تمس الأُمَّــة الإسلامية، وفي ظل الاتّفاق يراقب عن كثب تنفيذه ويبعث برسائل واضحة: أي التفاف على الاتّفاق أَو مماطلة في التنفيذ لن يمر دون رد.

هذا ما قاله القائد العظيم السيد عبد الملك الحوثي، في خطابه الذي طمأن فيه الشعب الفلسطيني بأنه يقف سندًا وداعمًا، ومتوعدًا الكيان بجولاتٍ قادمة ستكون كفيلة بإزالته من الخارطة، وأن هذا التحالف الممتد بين قوى المقاومة في المنطقة يشكل اليوم تهديدًا وجوديًا حقيقيًّا للكيان، الذي بات يرى أن زواله ليس مُجَـرّد شعار، بل سيناريو قابل للتحقّق وأن الانتصار الذي تحقّق ليس نهاية المعركة، بل هو بداية مرحلة جديدة تتسم بالتحدي وأن هناك استعدادًا للمواجهة على كُـلّ الجبهات، ويدٌ على الزناد، وعينٌ على تنفيذ الاتّفاق، رسالة واضحة للعدو: لا عودة إلى الوراء، والمقاومة قادرة على الصمود حتى تحقيق التحرير الكامل.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com