اليدُ على الزناد.. جبهةُ الإسناد اليمنية تحدّد مهامَّها لمرحلة وقف إطلاق النار تثبيتًا لمكاسب (الطوفان)

المسيرة | خاص:

حدّدت صنعاءُ ملامحَ دورِها الإسنادي المُستمرّ للشعب الفلسطيني، خلال المرحلة القادمة بعد سريان اتّفاق وقف إطلاق النار في غزة، على مختلف المسارات القائمة منذ بدء المعركة؛ لضمان مواكبة أية تطورات واستمرار الحضور الفاعل والمؤثر في ميدان المواجهة لإبقاء أوراق الضغط قائمة على العدوّ؛ مِن أجلِ تأمين مكاسب طوفان الأقصى وتثبيت معادلاته الاستراتيجية بما في ذلك معادلة منع الاستفراد بغزة.

ووفقًا للعديد من وكالات الأنباء الدولية والمواقع المختصة بشؤون الملاحة البحرية، فقد وجَّه مركز تنسيق العمليات الإنسانية في صنعاء، الاثنين، رسائل لشركات الشحن، أكّـد فيها أن السفن المملوكة لكيان العدوّ الصهيوني والتي ترفع العلم “الإسرائيلي” ستظل ممنوعة من عبور البحر الأحمر وخليج عدن والبحر العربي والمحيط الهندي في هذه المرحلة حتى اكتمال تنفيذ جميع مراحل اتّفاق وقف إطلاق النار في غزة، فيما سيتم رفع العقوبات على بقية فئات السفن الأُخرى التي كانت مشمولة بالعقوبات اليمنية.

وأضافت الرسائل أنه: “في حال أي عدوان على الجمهورية اليمنية من قبل الولايات المتحدة الأمريكية أَو المملكة المتحدة أَو الكيان الإسرائيلي الغاصب ستتم إعادة العقوبات على الدول المعتدية، وسيتم إعلامكم فورًا بهذه الإجراءات في حال تنفيذها” بحسب ما نقلت التقارير.

ويأتي ذلك بعد أن كان السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي قد أعلن مسبقًا بعض محدّدات دور جبهة الإسناد اليمنية في مرحلة اتّفاق وقف إطلاق النار، حَيثُ أكّـد أن اليمن سيراقب الوضع في غزة وستكون القوات المسلحة على استعداد تام للتعامل مع أية خروقات أَو تصعيد للعدو الإسرائيلي بالتنسيق مع المقاومة الفلسطينية، بالإضافة إلى الجاهزية للمشاركة في أية جولة قادمة من الصراع.

هذه المحدّدات التي أعلنتها صنعاء لطبيعة المرحلة القادمة، تشكل مفاجأة جديدة لجبهة العدوّ فيما يتعلق بطبيعة الدور الذي تلعبه جبهة الإسناد اليمنية وسقفه ومدى استمراريته، حَيثُ تترجم هذه المحدّدات إصرارًا واضحًا من جانب القيادة اليمنية ليس فقط على الاحتفاظ بالموقع المؤثر الذي أصبح اليمن يحتله في ميدان الصراع مع العدوّ الصهيوني وشركائه، بل أَيْـضًا على توسيع تأثير هذا الموقع ورفع مستوى الانخراط في المواجهة إلى أقصى حَــدٍّ ممكن، الأمر الذي من شأنه أن يضاعف إحباط الأعداء الذين لم يستطيعوا بعدُ التقاطَ أنفاسهم عقب عجزهم الفاضح في ردع جبهة الإسناد اليمنية أَو التأثير عليها خلال 15 شهرًا.

وتمثل محدّدات دور الجبهة اليمنية في المرحلة القادمة تثبيتًا لكل المكاسب والمعادلات التي فرضتها معركة طوفان الأقصى، بدءًا بمعادلة منع الاستفراد بغزة، وهي المعادلة الاستراتيجية الكبرى والجديدة تمامًا بحجمها ونوعها ونطاقها في مسار الصراع بأكمله، والتي خلقت ضغطًا كَبيرًا على العدوّ وأسهمت بشكل مباشر في تأمين انتصار المقاومة الفلسطينية، خُصُوصًا وأن جبهة العدوّ وشركائه أثبتت فشلًا ذريعًا في زعزعة هذه المعادلة أَو الحد من تأثيراتها من خلال العدوان على لبنان وقصف اليمن واستهداف إيران.

وبالإضافة إلى ذلك فَــإنَّ الحضور الميداني خلال المرحلة القادمة يثبّت معادلات جديدة خَاصَّة بدور جبهة الإسناد اليمنية في الصراع مع العدوّ وشركائه على المدى الطويل، ومن تلك المعادلات الجديدة، ترسيخ دور صنعاء كمراقب استثنائي لوقف إطلاق النار، ليس على طريقة “الوسطاء” الدبلوماسيين الذين لن يمتلكوا أكثر من بيانات الإدانة -إن استطاعوا إصدارها- لمواجهة أي خرق “إسرائيلي” للاتّفاق، بل هي مراقبة في إطار الإسناد العملي للمقاومة الفلسطينية، وهو تطور غير مألوف على الإطلاق في تأريخ الصراع مع العدوّ، بل إنه يأتي عكس ما تعودت عليه “إسرائيل” التي لطالما كان “الوسطاء والمراقبون” يميلون إليها بوضوح على حساب حقوق الشعب الفلسطيني.

وقد عبَّرت صحيفة “جيروزاليم بوست” التابعة للعدو هذا الأسبوع عن بروز ملامح هذا الدور المفاجئ والجديد لجبهة الإسناد اليمنية بشكل واضح من خلال العمليات المكثّـفة التي شنتها القوات المسلحة اليمنية خلال الأيّام الأخيرة وبالذات عشية دخول وقف إطلاق النار حيَّز التنفيذ، حَيثُ قالت إن: “هدف اليمنيين من تلك العمليات هو إظهار أنفسهم كضامنين نوعًا ما لوقف إطلاق النار، وهذه لُعبة كبرى بالنسبة لهم، حَيثُ يحاولون توسيع نفوذهم على بُعد آلاف الكيلومترات من اليمن”.

وأشَارَت الصحيفة “الإسرائيلية” إلى أن هذا الدورَ يثبت العديد من المعطيات الأُخرى ومنها عجز كيان العدوّ وشركائه عن ردع اليمن أَو تحجيم دوره أَو حتى قصر تأثيره على هذه الجولة، حَيثُ قالت الصحيفة: إن العمليات التي نفذتها القوات المسلحة عشية سريان اتّفاق وقف إطلاق النار في غزة “حملت دلالة مهمة على كيفية اعتزام الحركة الإسلامية المتمركزة في اليمن إظهارَ فشل الضربات الإسرائيلية في ردعها، وأنها مستعدة لمواصلة مهاجمة “إسرائيل” إذَا انهار وقف إطلاق النار” حسب تعبيرها، مؤكّـدة أن “النجاح في تحقيق هذا الدور الجديد يعني أنه في أية جولة لاحقة من الصراع، ستضطر “إسرائيل” على الأرجح إلى مواجهةِ المزيد من الهجمات من اليمن”.

وليست الولايات المتحدة وشركاؤه الغربيون والإقليميون بمعزل عن تأثيرات ودلالات الحضور الفاعل لجبهة الإسناد اليمنية في مرحلة وقف إطلاق النار وفقًا للمحدّدات المعلنة؛ فإبقاء الباب مفتوحًا لإعادة العقوبات البحرية على السفن التابعة لأية دولة تعتدي على اليمن، هو تتويجٌ واضحٌ وتثبيتٌ لواقع التفوق التاريخي للقوات المسلحة اليمنية على الجيوش الغربية وعلى النفوذ الذي يحركها، وهو تأكيد على أن معركة البحر الأحمر لم تكن حدثًا عابرًا، بل كانت تحولًا تاريخيًّا كَبيرًا سواء على مستوى طبيعة القتال البحري الذي تمكّن اليمن من أن يطوي فيها صفحة حاملات الطائرات والقطع الحربية، أَو على مستوى سلاح “العقوبات” الذي ظل لفترة طويل حكرًا على النفوذ الأمريكي والغربي، حَيثُ بات واضحًا أن جبهة الإسناد اليمنية لغزة قد امتلكت وطورت هذا السلاح بشكل مبتكر وفعال لصالح القضية الفلسطينية وللدفاع عن الشعب اليمني وعن أمن واستقرار المنطقة.

ومن نافلة القول إن رسالة امتلاك هذا السلاح الفعال موجهة إلى جميع الأطراف التي تتخذ موقفًا معاديًا لليمن، بما في ذلك دول التحالف السعوديّ الإماراتي، التي لا زالت تتلقى تحذيرات متتالية من قبل صنعاء، آخرها تصريح عضو المجلس السياسي الأعلى محمد علي الحوثي، الاثنين، الذي جاء فيه: “نقول للسعوديّة: قراءاتكم خاطئة في السابق وأي عدوان جديد على اليمن سيلحق باقتصادكم خسائر كبيرة” مضيفًا: “نقول لمن يريد أن يعتدي على اليمن بأنهم لن يستطيعوا هزيمة هذا الشعب الذي أصبح لديه صواريخ عالية الدقة والإصابة”.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com