اليوم الرابع من العدوان الصهيوني على الضفة الغربية.. تكرارٌ لجريمة الإبادة الجماعية في غزة
المسيرة | متابعة خَاصَّة
لليوم الرابع تواليًا، جدد جيش الاحتلال الإسرائيلي هجومه على “جنين”، شمالي الضفة الغربية المحتلّة، الذي بدأه فجر الثلاثاء، الـ 21 من يناير الجاري، وما تخلله من جرائم قتل أسفرت حتى الآن عن استشهاد 10 فلسطينيين، وإصابة العشرات بجروحٍ خطيرة، إلى جانب التهجير القسري للمئات من سكان المخيم.
مراقبون أكّـدوا، أن هذا الهجوم الذي أطلق عليه كيان الاحتلال اسم “السور الحديدي1” -الذي جاء بعد 47 يومًا من حصار أجهزة السلطة للمخيم وتنفيذها اعتداءات واسعة فيه- يُعد بدايةً لتصعدٍ كبيرٍ في الضفة، بعد بدء وقف إطلاق النار في غزة، ما ينذر بوقوع أعداد كبير من الضحايا والدمار وتكرار سيناريو الإبادة الجماعية الذي ارتكبته في القطاع.
في تفاصيل اليوم الأول؛ تسللت قوة خَاصَّة إسرائيلية بزي عسكري كامل، إلى أطراف مخيم “جنين”، وتحديدًا حي “الهدف”، الواقع على الجهة الغربية للمخيم، وما إن وصلت تلك القوة، حتى بدأت بنشر قناصتها على البنايات العالية، بالتزامن مع إطلاق النار بشكل كثيف ومتتالٍ، وتحليق جوي كثيف للطيران الإسرائيلي.
بعد حوالي 20 دقيقة، وصلت تعزيزات من قوات الاحتلال على شكل مركبات عسكرية وجرافات خرجت من حاجز “الجلمة” شمالي مدينة “جنين”، وبدأت بإحكام حصار المكان بالكامل، وإطلاق النار على من يتحَرّك، كما دفعت بتعزيزات إضافية من حاجز “سالم” غربي المدينة، وأحكمت حصار “مخيم جنين” من جميع مداخله.
وتمركزت قوات الاحتلال أمام “مستشفى جنين الحكومي ومستشفى الأمل”، ونفذت طائرات الاحتلال المسيرة في بداية توغلها غارة استهدفت مركبة متوقفة، وشنت لاحقًا عدة غارات داخل المخيم، إلى جانب إلقاء طائرات “كواد كابتر” قنابل تجاه تجمعات للمواطنين داخل المخيم.
المقاومة تدعو شبابها الثائر للنفير العام وتصعيد الاشتباك مع الاحتلال:
ومع بزوغ فجر اليوم الثاني من العدوان الصهيوني، تجددت الاشتباكات بين المقاومة وقوات الاحتلال في “جنين”، بعد يومٍ دامٍ، استشهد خلاله 10 فلسطينيين، وأُصيب 100 آخرون، في حين نزح أكثر من 600 فلسطيني من المخيم.
وتمكّنت المقاومة من استهداف آلية عسكرية لجيش الاحتلال بعبوة ناسفة في “جنين”، وأعلنت “كتائب القسام” التصدي للقوات المقتحمة بالأسلحة الرشاشة والعبوات المتفجرة.
وأُصيب عددٌ من جنود الاحتلال بجروحٍ، بعد تفجير المقاومة لعبوةٍ ناسفةٍ ثقيلة، عند “طلعة الغبز”، بمحيط مخيم “جنين”، أعقبها اندلاع مواجهات واشتباكات عنيفة.
وذكرت مصادر فلسطينية أن قوات الاحتلال اعتقلت 7 من الشبان خلال العدوان العسكري داخل مخيم “جنين”، وانتشرت قوات الاحتلال في “حارات الملالحة، وجبل أبو ظهير، وخلة الصوحة، ومفترق أبو الهيجا، ودوار الحصان”، ومناطق “الهدف والعودة وشارع مهيوب والناصرة، وأول حارة الدمج”.
بدورها؛ اقتحمت أجهزةُ السلطة المَجْمَعَ الطبي في “قرية عجة” وفتَّشَته بحثًا عن إصابات قادمة من مدينة “جنين” أَو مخيمها.
ودعت حركةُ “حماس” “جماهيرَ شعبنا في الضفة الغربية وشبابها الثائر للنفير العام وتصعيد الاشتباك مع الاحتلال “الإسرائيلي” في كافة نقاط التماس، لإرباكِ جيش الاحتلال وإفشال العدوان الصهيوني الواسع في مدينة جنين ومخيمها”.
ونعت حركة حماس “شهداء جنين الذين ارتقوا بنيران وقصف الاحتلال”، مشيدةً “ببسالة المقاومين وتصديهم منذ اللحظة الأولى للعدوان الإسرائيلي، واشتباكهم مع جنود الاحتلال واستهدافهم بالعبوات الناسفة”.
إلى ذلك، أعلن جيشُ الاحتلال أنه بدأ بمشاركةِ “الجيش والشاباك وحرس الحدود حملة عسكرية في جنين”، وسط حالةٍ من التحريض ومحاولة تكرار نموذج الإبادة الجماعية الذي نفذته في قطاع غزة، مع تعاظم السياسات الإسرائيلية الاستيطانية التوسعية الرامية لفرض أمر واقع جديد.
وادعى رئيسُ حكومة الاحتلال المجرم “نتنياهو” أن العملية كانت “خطوةً أُخرى نحو تحقيقِ الهدفِ الذي حدّدناه، وهو تعزيزُ الأمن في “يهودا والسامرة” -المسمَّى الإسرائيلي للضفة الغربية المحتلّة”.
بدوره؛ قال رئيسُ أركان جيش العدوّ، الصهيوني “هرتسي هاليفي”: إن “الجيشَ يستعدُّ لعملياتٍ كبيرةٍ في الضفة الغربية”، وسط وقفِ إطلاق النار في قطاع غزة، ما يشير إلى أن الاحتلال يستغل وقف النار في القطاع لتصعيد عدوانه في الضفة.
رئيسُ حماس في الضفّة الغربية: سنقاومُ الاحتلالَ ولو امتلكنا الحجرَ فقط
في الإطار؛ قال رئيسُ حركة “حماس” في الضفّة الغربية، “زاهر جبارين”: إن “المجرمَ بنيامين نتنياهو، يريدُ أن يبقيَ كُـلّ الجبهات تحت “البعبع” والهاجس الأمني للمجتمع الصهيوني، لكي يستمر حكمه قدر ما يستطيع”.
وفي تصريحات صحفية، أضاف “جبارين”: إن “شعبنا في الضفّة شعبٌ أعزلُ لا توجد لديه إلا أدواتٌ بسيطةٌ لمقاومة الاحتلال، وهم يصورون أن شعبنا مدجّج بالسلاح ويعتدي على هؤلاء الغاصبين والمجرمين، الذين سلّحهم بن غفير بأكثَرَ من 200 ألف قطعة سلاح”.
وأشَارَ إلى أن “وقف إطلاق النار جاء بشكلٍ واضحٍ ليلبي احتياجات أهلنا في قطاع غزّة، أولًا وقف إطلاق نار، ثمّ الإغاثة، ثمّ الانسحاب الكامل من القطاع، ثمّ تبادل الأسرى”، مؤكّـدًا أن “الاتّفاق يسير رغم بعض الخروقات من الاحتلال الصهيوني، ولكن بفضل إرادَة المقاومة وإرادَة شعبنا، والأوراق التي تمتلكها المقاومة، فنحن نسير بالاتّجاه الصحيح”.
وقال “جبارين”: “سيخرج أسرانا وسيكون هناك من المؤبدات لكل أبناء شعبنا الفلسطيني. استطاعت المقاومة أن تنجز صفقة وطنية بامتيَاز، أن يكون هناك أكثر من 1700 أسير فلسطيني، موزعين على فصائل الشعب الفلسطيني كافة”.
وبيّن أنه “فور تسليم الأسرى في اليوم السابع يُسمح لأهلنا وشعبنا بالتنقل بحرية من الشمال للجنوب ومن الجنوب للشمال، وهناك خرائط في البداية ومراحل، حتّى تتم إزالة كُـلّ العوائق من محور “نتساريم””.
تطورات اليوم الرابع من العدوان على “جنين”:
في السياق؛ أفادت مصادرُ ميدانيةٌ في الضفة الغربية بوقوع اشتباكات مسلحة بين المقاومين وقوات الاحتلال وسماع صوت انفجار في بلدة “قباطية جنوب جنين”، وسط تحليق مكثّـف للمسيرات في أجوائها.
وأشَارَت إلى أن قوات الاحتلال حاصرت منزلًا في “البلد”، وأطلقت قذائفَ “أنيرغا” باتّجاهه، ودهمت منازل مجاورة له، لافتةً إلى أنها حوَّلت محيط مخيم “جنين” إلى نقطة انطلاق لعمليات دهم لبلدات “قباطية ويعبد”.
ودفعت قواتُ الاحتلال بتعزيزاتٍ إضافيةٍ في “قباطية”، تزامنًا مع تحليق مروحية “أباتشي”، فيما شرعت بتدمير البنية التحتية عند مدخل بلدة “اليامون” شمال غربي “جنين”.
وفجرَ الجمعة، شنت قواتُ الاحتلال الصهيوني حملة دهم في أرجاء متفرقة من الضفة الغربية، اعتقلت خلالها عددًا من الفلسطينيين وسط مواجهات في عدة محاور، وأفَاد مكتب إعلام الأسرى بأن “قوات الاحتلال اعتقلت 10 فلسطينيين في القدس و2 في طولكرم وجنين”.
وليلَ الخميس، شدّدت قواتُ الاحتلال الحصار على مدينة “جنين” ومخيمها بعد إحراقِها منازلَ عدة، وأجبرت المواطنين على مغادرة المخيم عبر إطلاق النار نحو المنازل، وخاض المقاومون اشتباكاتٍ مع جيش الاحتلال في شارعي “حيفا والناصرة في مخيم جنين”، وكان كيان الاحتلال قد خنق الضفة الغربية بتثبيته 898 حاجزًا عسكريًّا فيها.
وكان قائد “سرايا القدس” في الضفة الغربية أكّـد في وقتٍ سابق، أن ما ستكشفه المقاومة “في نهاية المعركة سيثبت أن صورة النصر التي فشل العدوّ في أخذها في غزة لن يأخذها في الضفة”، مؤكّـدًا بالقول: إنهُ و”منذ بداية العدوان الإسرائيلي على جنين يواصل أبطالنا إيقاع قوات الاحتلال والآليات العسكرية في كمائن”.