ما هو الإرهاب..؟!
الشيخ عبدالمنان السنبلي.
الكل يتحدث عن الإرهاب..
ويدّعي محاربته..
والوقوف في وجهه بقوةٍ وحزم..
يأتي ذلك كله دون أن نُعرِّف طبيعته مثلًا، أَو ماهيته أَو نطاقه أَو حتى منابعه أَو مصادره..
فإذا كان يعني القتل، مثلًا، بشقيه الجماعي أو الفردي، فالجميع لا شك قتلة، وليس أسوأ ممارسةً للقتل من أُولئك الداعين اليوم إلى مكافحة الإرهاب وتجفيف منابعه..
فما هو إذن هذا الإرهاب..؟!
أذكر لليمن أنه ظل، لفترة طويلة، يطالب بوضع تعريف للإرهاب إلا أن مطالباته تلك لم تلق لها أي استجابة حتى اليوم وخُصُوصًا من قبل الدول الكبرى، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وفرنسا وغيرها..
فلماذا لم يتم وضع تعريفٍ للإرهاب..؟!
في الحقيقة لقد أُريد لمفهوم الإرهاب أن يظل مطاطيَّا لا يمكن أن يوُطَّر بإطار أَو يُقَنَن بقانونٍ لغاية في نفس الدول التي تستخدمه شماعةً لتحقيق مصالحها متى تشاء وتمارسه كيف تشاء أَيْـضًا، فلا تؤاخذ متى استخدمته ولا تُوصم به متى ما مارسته حتى ألتبس الأمر على الجميع وأصبح الإرهاب غير واضح المعالم ولا الصور!
إلا أن (الموضة) السائدة هذه الأيّام وطوال الفترة القليلة الماضية تحاول اختزال الإرهاب وقصره فقط على الإسلام المقاوم كما لو أنه ليس له حاضنة تفريخية سوى هذا الإسلام، وهذا هو عين الخطأ طبعًا..!
نعم هناك حركات إسلامية متطرفة لجأت إلى الإرهاب كوسيلة للتعبير عن نفسها، لكن هذا لا يعني أن يشمل ذلك الحركات الإسلامية المقاومة والرافضة لكل أشكال الوصاية والهيمنة الأجنبية..!
فمثل هذه الحركات الإسلامية المقاومة لم تنشأ، في حقيقة الأمر، إلا كردة فعلٍ طبيعية لإرهاب مورس بحق العرب والمسلمين من قبَل الدول الاستعمارية الكبري الطامعة والساعية إلى النيل من الإسلام والمسلمين؟!
أليس احتلال فلسطين وقتل وتشريد أهلها منذ أكثر من سبعين عامًا إرهابا..؟!
أليست المجازر في صبرا وشاتيلا وقانا والحرم الإبراهيمي وجنين وغزة وجنوب لبنان إرهابا..؟!
أليس اجتياح بلدٍ كالعراق وتدميره وقتل أكثر من مليون عراقي إرهابًا..؟!
أليس العدوان السعوديّ الإماراتي على اليمن وما واكبه من جرائم حرب ومجازر ضد الإنسانية إرهابا..؟!
ألا يُعد حصار أكثر من سبعة وعشرين مليونا وتجويعهم في اليمن من صميم الإرهاب..؟!
أليس ما حدث في غزة طوال أكثر من عام ونيف من حرب إبادة شاملة وجرائم ضد الإنسانية وتهجير وحصار إرهاب مع سبق الإصرار والترصد..؟!
ما لكم كيف تحكمون..؟
من هنا، وقبل أن يصبح الإرهاب وسيلة في يد الدول الممارسة له أصلًا لقمع وقهر الشعوب المقاومة والحرة، فَــإنَّه يتوجب على العالم كله أن يضع أولًا تعريفًا متفقًا ومجمعًا عليه للإرهاب مراعيًا في الوقت نفسه حق الشعوب في مقاومة الغزاة والطامعين والمحتلّين..
غير ذلك، فَــإنَّ الإرهاب سيظل شماعة البغاة والظالمين لقهر وقمع وظلم الشعوب الحية والمتطلعة دومًا إلى الحرية والاستقلال..!