ألف تحية وسلام على الشهيد القائد
محمد سلطاني*
لم تعد المسيرةُ القرآنيةُ منحصرةً في اليمن فحسب، بل بات جمهورُها واسعًا، وأنصار الشهيد القائد السيد حسين بدر الدين الحوثي بالملايين في أنحاء العالم.
نحن في تونس على سبيل المثال، نتابع أخبار اليمن باهتمام وشغف كبير؛ ما دفعنا للتعرف أكثر عن المشروع القرآني، ومؤسّس هذه المسيرة المباركة، وكلنا أمل أن نسهم في نشر هذه الثقافة على نطاق أوسعَ وفي مناطقَ جغرافية متعددة.
أفكارُ الشهيد القائد حسين بدر الدين الحوثي -رحمه الله- مستقاةٌ من مفاهيم القرآن الكريم التي تكشفُ جليًّا عن مدَى الارتباط الوثيق بالمستجدات والأحداث الإقليمية والدولية؛ بمعنى آخر “عين على القرآن وعين عن الأحداث”.
سطع نجمُ الشهيد القائد من بين أعالي قمم “مران” في خضم الواقع المرير الذي يعصفُ باليمن خلال فترة الصراعات الداخلية المتتالية، والتدخل الأمريكي في شؤون البلاد، ليشرعَ بتأسيسِ المشروع القرآني، والذي يهدفُ إلى مقارعة المخطّطات التخريبية التي تحضَّر في مطابخ الاستكبار العالمي، بالاستناد إلى ثقافة المقاومة والإباء، مدركًا حجمَ المخاطر المهدِّدة بكرامة الأُمَّــة، كما وضع أسسًا جديدةً لصراع يمتد من عُمق الوجود العربي والإسلامي.
لذلك أولى الشهيد القائد اهتمامًا بالغًا بالقضية الفلسطينية؛ باعتبَارها قضيةً مركَزيةً حاضرةً في وجدان الأُمَّــة، وعمل على تصحيح الوجهة الصحيحة للبوصلة، وسعى إلى تعزيز روابط الوحدة بين المسلمين، فيما أرادهم كتلةً صُلبةً عصية على الانكسار.
وتعتبر الصرخة اليمانية، أَو البراءة من أعداء الله، رافدًا من روافد المشروع المقاوم، وقد استطاعت أن تكونَ نِدًّا ثوريًّا تسحقُّ ذهنية العجز، والانكفاء والخضوع، والاستسلام، والانبطاح من خلال مجابهة الحملات التضليلية الهائلة التي ما فتئت تسعى إلى اختراق وعي الأُمَّــة بواسطة نشر ثقافات انحرافية ومغلوطة من شوائب ظاهرة “العولمة” الاستغلالية الانتهازية الاحتكارية. وسَرعانَ ما تحَرّك السيد في فلك الهُــوِيَّة الإيمانية لتحصين عقول الشعوب من زرع هذه الأفكار الخبيثة، وينير دربَهم لقطع طرق مشاريع هندسة الهزيمة.
وعيُ الشهيد القائد الاستراتيجي بخطورة المرحلة دفعَه إلى إطلاقِ شعار “الصرخة في وجه المستكبرين”، حَيثُ شكل منعطفًا تاريخيًّا في إحدى محطات تاريخ الأُمَّــة الإسلامية، كما أعطت زخمًا عظيمًا في تحَرّك الشعب اليمني، وتحفيز الشعوب على التحرّر من الخوف، وعدم مواجهة الأعداء.
ثم جعل الشهيد القائد عمليةَ الوعي مرتكزًا أَسَاسيًّا؛ كونه متعلقًا باستنهاض الهمم، وتحقيق الصحوة والنهوض، وفي ذلك رفضٌ كلي للتبعية والانسياق نحو السياسات الاستعمارية القذرة تحت غطاء التطبيع الخياني مع أمريكا والكيان المؤقت.
وهكذا عمَّد الشهيدُ أسمى مشروع حضاري عرفته البشرية على مر التاريخ حتى ارتقائه شهيدًا لتنموَ بذرتُه الطاهرة وتتسع آفاقُه ويزهر نصرًا مؤزرًا.
لقد بات اليمن خطَّ الدفاع الأمامي عن غزة والمقدسات الإسلامية في فلسطينَ وأضحى قوة دولية عالمية تخطى تأثيرها المنطقة بعد إذلال حاملات الطائرات الأمريكية، وحظر السفن الغربية الداعمة لكيان العدوّ الذي تكبّد خسارة فادحة للاقتصاد الإسرائيلي، إضافة إلى كسر هيبة العلو العِبري بالضربات القاصمة لمنشآت العمق الصهيوني.
فسلامُ الله على مؤسِّس المسيرة القرآنية المباركة، وعلى من كسر جدار الزمن في زمن التخاذُلِ المقيت والخنوع المذل ومن صنع أُمَّـة تعشق الشهادة، ورضوانُ الله تعالى على الصوت القرآني الخالص الربَّاني العَلَمِ سيدي حسين بن بدر الدين الحوثي.
* ناشط عربي من تونس