هذه هي المسيرةُ القرآنية
مصطفى عامر
لم تنطلق المسيرة القرآنية من مذهب، ولم تكن امتدادًا لمذهب، إنها مسيرةُ العابرين من ضيق المذاهب إلى رحابة الإيمان!
وإذا أردّت تعريفَ الهُوية الإيمانية فاقرأ أواخر سورة البقرة، من قول الحق سبحانه “آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه”.. وحتى آخر السورة.
إذا بحثت عن عنوانها فاقرأ “لا نفرّق بين أحد من رسله”، واعلم بعد ذلك أنّ “إيمانًا لا يبدأ من الله ولا ينتهي بالمواجهة مع أعدائه” محضُ إيمانٍ مكذوب، “ليس إيمانَ الأنبياء والرسل”!
إيمانُ البيوت والزوايا ليس إيمانًا، إيمانُ القاعدين ليس إيمانًا، والمسيرة القرآنية مسيرة عملٍ وجهاد! وَإذَا لم يكن الأنبياء وأعلام الهدى قدوتك في الصبر والعمل والجهاد، فلا حاجة بك إلى حفظ المتونِ واستذكار السِّير!
لقد كان الشهيد القائد واضحًا، والفُرقة التي كرَّستها المذاهب لا تنتمي إلى هُويّة الإيمان الجامعة! ونحن لا نحتاجُ إلى مليار ونصف مليار من القاعدين الذين تُذبح فلسطين أمامهم كُـلّ يوم، ثمّ لا ينصرونها إلّا بدموع الثكالى وأُمنيات الخانعين!
كان أبا عبدالله الحسين سلام الله عليه ينتظرُ سيوفَنا في كربلاء، لا دموعنا في الزوايا والحسينيات! وَإذَا كان إيمانك حاضرًا في المساجد غائبًا في المواجهة فاحتفظ بإيمانك لنفسك!
إنّ هذه الأُمَّــة لن تنتصرَ بإيمان القائلين “اذهب أنت وربّك فقاتلا”! ولكن بإيمان “لو خضتَ بنا هذا البحر لخُضناه معك”.
لقد قرأ الشهيد القائد ثورةَ الخُميني بإعجاب، تحدَّث عن حزب الله بإجلال! عن رجال الله في فلسطين!
كان ينظُرُ إلى كُـلّ المؤمنين العاملين نسيجًا واحدًا، ثمّ لا يفرِّقُ بينهم بعد ذلك؛ لأَنَّه كان يعرفُ ماهيّة الهُوية، وَحدة القضية، ويعرف ماهيّة العدوّ يفطنُ لمكائده!
كانت بصيرته تتجاوزُ تمذهُبَ الزوايا إذن، وكان إيمانه يسمو على إيمان القاعدين! ولهذا فقد هوجم من كافّة حفّاظ الكراريس وأصحاب المتون بكلّ مذاهبهم!
كان يستمّد إيمانه من كتاب الله المهيمن على سائر الكتب، فيما كانوا يضيعون إيمانهم في دهاليز “العنعنة” التي تُعميك عن عدوّك الحقيقي، تصنع لك عند كُـلّ زقاقٍ عدوًّا زائفًا وإيمانًا مصطنع.
كان يرى أن رسالةَ الأنبياء واحدةٌ، قضيتهم واحدةٌ وعدوهم واحد، تمامًا كما أن رسالةَ كُـلّ محور المقاومة اليوم واحدة، قضيتهم واحدة، وعدوهم واحد!
منذ البدء وحتى الختام، من يزيد إلى كيان الاحتلال، من كربلاء إلى فلسطين، من قبل النّبي إلى أول الأنبياء، من بعد النّبيّ وحتّى قيام الساعة.
من فلسطين كتائب القسّام وفصائل المقاومة إلى حزب الله وأنصار الله ورجال الله في لبنان واليمن والعراق، ومنهم إلى كُـلّ مؤمنٍ في الدنيا بدأ إيمانُه من الله وانتهى بمواجهة أعدائه!
تبقى رسالةُ المؤمنين واحدةً، قضيتهم واحدة.. وعدوّهم واحدًا!
هم العابرون مع موسى وهم الحواريّون مع عيسى.
هم أصحاب بدرٍ الثابتون في أُحُد، الصابرون في الخندق الفاتحون لخيبر!
وكلّهم اليومَ ينصرون أبا عبدالله الحسين.
هم أنصاره الحقيقيّون وشيعتُه الأقربون!
أمّا القاعدون فيقفون اليوم إلى جوار يزيد!
يقفون إلى جوارِه حتى ولو بلغت دموعُهم على سيدنا الحسين أنهارًا! يقفون إلى جوار يزيد حتّى لو ترحّموا على أبي عبدالله ليلًا ونهارًا!
وأيًّا كان مذهبك فَــإنَّ أبا عبدالله الحسين يرفع سيفَه الشريفَ اليوم في مواجهة يزيد العصر، ويرفع سيفَه دائمًا في مواجهة يزيد كُـلّ عصر!
يزيد المنسلخ عن كُـلّ المذاهب.
يزيد الامتداد للنمرود وفرعون، ويزيد المرسوم على وجه نتنياهو وترامب الآن.
ولك بعد ذلك أن تنصُرَ الحسين، بالطبع.
ولك أن تقفَ بموقفك الرّخو إلى جوار يزيد!