التفافٌ لبناني حول عودة الجنوبيين إلى قراهم.. والمعادلةُ الوحيدة التي تحمي لبنان هي “جيش وشعب ومقاومة”
المسيرة | متابعة خَاصَّة
أعلن مسؤولون لبنانيون، تضامُنَهم ودعمَهم لعودة الجنوبيين إلى قراهم الحدودية بعد انقضاء مهلة الـ 60 يومًا، لانسحاب جيش الاحتلال الصهيوني، مؤكّـدين أنّ “وطنًا يمتلك عزيمة كعزيمة الجنوبيين، هو وطن لا بدّ أن ينتصر”.
وفي مشاهدٍ استثنائية بطولية؛ ومنذ الصباح الباكر من اليوم الأحد، تدفّق الجنوبيون إلى قراهم متحدّين “باللحم الحي” كُـلّ أسلحة العدوّ التي لم تزدهم إلا إصراراً على مواصلة طريق السيادة والحرية، مجسّدين المشهد الحق للمعادلة الذهبية “جيش وشعب ومقاومة”، رغم وجود نقاط حدودية ما يزال العدوّ الإسرائيلي يتواجد فيها وهي “مروحين وبلاط ومارون الراس وعيترون ويارون وبليدا ومحيبيب وحولا وميس الجبل والوزاني”.
في التفاصيل؛ علّق الرئيس اللبناني، “جوزف عون”، على عودة أهالي جنوب لبنان إلى قراهم الحدودية، صباح الأحد، مع انتهاء المهلة للانسحاب الإسرائيلي، قائلًا: “أشارك أهلنا في الجنوب فرحة انتصار الحقّ”، و”ادعوهم إلى ضبط النفس والثقة بالقوات المسلّحة اللبنانية”.
وأكّـد أنّ “سيادة لبنان ووحدة أراضيه غير قابلة للمساومة”، وجاء في رسالة الرئيس اللبناني إلى أهالي الجنوب اللبناني: “هذا يوم انتصار للبنان واللبنانيين، انتصار للحقّ والسيادة والوحدة الوطنية”.
وخلص الرئيس اللبناني “عون” بالقول: إن “الجيش اللبناني معكم دائمًا، حيثما تكونوا يكن، وسيظلّ ملتزمًا بحمايتكم وصون أمنكم.. معًا سنبقى أقوى، متحدّين تحت راية لبنان”.
بدوره؛ توجّـه رئيس مجلس النواب اللبناني “نبيه بري”، بتحية إجلال وتقدير إلى أبناء القرى الحدودية اللبنانية الجنوبية، مع تواصل توافدهم إليها بعد انقضاء المهلة وفق اتّفاق وقف إطلاق النار.
وفي بيانٍ إلى الجنوبيين، قال “بري”: إنّ “فعلكم اليوم أكّـد أنّ مقاييس الوطنية والانتماء للبنان الوطن والرسالة والحرية هو أنتم، وهي الأرض التي تقفون عليها”، كما أكّـد فعلكم اليوم أنّ “وطنًا يمتلك عزيمة كعزيمتكم، وبأسًا كالجمر، لا يُداس كبأسكم، هو وطن لا بدّ أن ينتصر”.
وَأَضَـافَ، “أنتم اليوم تثبتون للقاصي والداني أنّكم عظماء في انتمائكم الوطني، وأنّ الأرض كما العرض، ترخص بسبيلها أغلى التضحيات، وأنّ السيادة هي فعل يُعاش وليست شعارات تلوكُها الألسن”، مؤكّـدًا أنّ “معمودية الدم التي جسدها اللبنانيون الجنوبيون اليوم بمزيد من الشهداء والجرحى تؤكّـد بالدليل القاطع أنّ “إسرائيل” تمعن بانتهاك سيادة لبنان”.
وقال: “لا زلنا نزف الشهيد تلو الشهيد على مساحة الجنوب والبقاع والضاحية وكلّ الوطن.. طوبى للأُمهات، طوبى لكم أيها الجنوبيون، يا حراس حدود أرضنا وسيادتنا واستقلالنا”.
أبناء الشهيد البطل السيّد حسن نصر الله، لا يمكن سحقُهم ولو تجمّعت جيوش العالم ضدّهم:
في السياق، أكّـد رئيس لبنان الأسبق “العماد إميل لحود” أنّ “العدوّ الإسرائيلي يحاول، كعادته، أن ينال بالتحايل على الاتّفاقات والكذب، وتحت أنظار حلفائه في الغرب، ما لم يتمكّن من تحقيقه في الحرب الشعواء التي شنّها على لبنان”.
وقال في بيانٍ له: “كانت نتيجة الحرب واضحة، على الرغم من التشويه الإعلامي، بدليل أنّ العدوّ لم يتمكّن من إعادة المستوطنين إلى شمال الأراضي المحتلّة، فلجأ إلى خرق وقف إطلاق النار يوميًّا ودمّـر واغتال، لكنّ ذلك كلّه لم يمنع تكرار المشهد الذي شهدناه في العام 2000م، وكنّا حينها شركاءَ فيه، فعاد الأهالي إلى قراهم، على الرغم من التهديدات الإسرائيليّة؛ لأَنَّ قوّة هؤلاء ليست في سلاحهم فقط، بل في العزيمة الاستثنائيّة التي تدفعهم إلى التوجّـه إلى بلداتهم، ولو كانت بعد محتلّة، لواجهوا الدبابات وجنود العدوّ بأجسادهم”.
وشدّد “لحود” على أنّ “على الجميع، في الداخل والخارج، أن يدرك بأنّ هذا الشعب، من أبناء الشهيد البطل السيّد حسن نصر الله، لا يمكن سحقه ولو تجمّعت جيوش العالم ضدّه، ففي كُـلّ يوم يسقط فيه شهيدٌ يولد عشرات المقاومين الجدد، وستبقى المعادلة الوحيدة التي تحمي لبنان هي -جيش، شعب ومقاومة- تجاه أي عدوّ، وهذه ليست حبرًا على بيانات، بل إيمانًا راسخًا لن يتزعزع”.
من جانبه، أعلن رئيس الحكومة المكلف، “نواف سلام”، أنّه يشارك رئيس الجمهورية، “جوزاف عون”، الثقة الكاملة بدور الجيش في حماية سيادة لبنان وتأمين العودة الآمنة لأهالي الجنوب، حَيثُ اتصل “سلام” بالرئيس “عون” لمواكبة تطورات الوضع.
بدوره، توجّـه رئيس حكومة تصريف الأعمال، “نجيب ميقاتي”، بتحية إكبار إلى الأهالي الصامدين في أرضهم الجنوب، أَو الذين اضطرهم العدوان إلى النزوح قسرًا عن أرضهم، وبشكل خاص الذين قرّروا العودة اليوم، وواجهوا نيران العدوان ببسالة.
وقال: إنهُ “في هذا اليوم الذي عبّر فيه أبناء الجنوب الجريح عن تعلقهم بأرضهم وهويتهم على الرغم من تهديدات العدوّ الإسرائيلي، باتت وطنيتكم مثالًا يحتذى وشهادة بالدم بأنّ لا حق يضيع ووراءه مطالب”.
ودعا “ميقاتي”، الدول التي رعت تفاهم وقف النار إلى “تحمّل مسؤولياتها في ردع العدوان وإجبار العدوّ الإسرائيلي على الانسحاب من الأراضي التي يحتلها”، مردفًا أنّ هذا ما أبلغه إلى المعنيين مباشرة، حَيثُ جرى التحذير من أنّ أي تراجع عن الالتزام بمندرجات وقف النار وتطبيق القرار 1701 “ستكون له عواقب وخيمة”.
أهل الجنوب أصروا على العودة.. الشعب يتقدم والجيشُ معه:
في السياق، شدّد الرئيس اللبناني السابق “ميشال عون” على أنّ “الأرض لأبنائها لمن يرويها بدمه ولمن يدافع عنها باللحم الحي، ولمن يستشهد على طريق العودة إليها”، مؤكّـدًا أنّ “ولا أحد يمكنه اقتلاعه منها”.
بدوره، قال المفتي “الشيخ أحمد قبلان”: إنّه “لن نقبل باحتلال إسرائيلي ولو على شبر من الأرض”، مؤكّـدًا أنّ “قيمة لبنان من قيمة مقاومته، والثنائي المقاوم مركز سيادة وتضحيات لبنان”.
وصرح نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى “الشيخ علي الخطيب” بالقول: إنّ “هذا يوم تاريخي سطره أبناء قرى الجنوب مع الجيش اللبناني”، مضيفًا: “سنحرّر مناطقنا على الرغم من كُـلّ تهديدات العدوّ وحرب الإبادة التي شنها علينا”.
بدوره؛ شدّد القيادي في حزب الله، “غالب أبو زينب”، على أنّ “المشهد اليوم هو انتصار يذكر بانتصار عام 2006م”، وأنّ “بيئة المقاومة وأهل الجنوب لا يمكن أن يُقهروا”.
ولفت “أبو زينب” إلى أنّ هذه العودة “حافلة بالمخاطر، ولكن أهل الجنوب أصروا على العودة وأخذ حقهم بأيديهم، فالشعب يتقدم والجيش معه”.
في السياق، أكّـد رئيس “تيار المردة سليمان فرنجيه” أنّ “أهل الجنوب اليوم، كما في كُـلّ يوم، يثبتون أنّهم أبناء الأرض”، مُشيرًا إلى أنّهم “بعودتهم اليوم، متّحدين ومتّصدين، إلى قراهم وبلداتهم بمواجهة عدو لا يلتزم لا باتّفاق ولا بقرار، هم الرسالة الأقوى للمجتمع الدولي ليضغط على “إسرائيل” لتنفيذ القرارات الدولية”.
كما أعرب رئيس التيار الوطني الحر النائب “جبران باسيل”، عن دعمه لأهالي الجنوب، قائلًا: إنّهم “أبطال ومتمسّكون بأرضهم، لذلك هم لا يخسرونها”، مُضيفًا أنّ “إسرائيل لا تستطيع البقاء فيها”، وقال: إنّ “ضمانة أهل الأرض أقوى من ضمانة كُـلّ الدول كما يبدو”.
من جانبه، قال رئيس الحكومة اللبنانية الأسبق، “سعد الحريري”: إنّه “ينحني أمام الشهداء والجرحى من المدنيين العزل في الجنوب، وأمام إرادتهم الصافية في وجه احتلال يخرق اتّفاق وقف إطلاق النار”.
كما قال العلامة السيد “علي فضل الله”: إنّ “عودة الأهالي إلى بلداتهم وقراهم بكل عنفوان وعزة وإباء تمثل أسمى صور الوطنية”، مُشيرًا إلى أنّ هذه العودة “فضحت مجدّدًا ادِّعاءات الدول الكبرى، وخُصُوصًا تلك المشرفة على تنفيذ الاتّفاق مع العدو”.
بدوره؛ النائب في البرلمان اللبناني إلياس جرادي، شدّد على أنّ ما يحصل اليوم “هو رسالة للتاريخ، ورسالة إنسانية للوطن والأرض وليس فقط للجنوب”، متوجّـهًا إلى الدولة اللبنانية بالقول: “يجب عدم تكرار أخطاء الماضي بترك أهل الجنوب وحدهم”، وتوجّـه “جرادي” برسالةٍ إلى كُـلّ اللبنانيين قائلًا: “تعلموا السيادة والوطنية مما يحصل في الجنوب!”.
جاء ذلك بالتزامن مع عودة اللبنانيين إلى قراهم الحدودية، متحدّين الاحتلال واعتداءاته وخروقاته، بلحمهم الحي، بعدما انتهت، فجر الأحد، مهلة الـ 60 يومًا للانسحاب الإسرائيلي الكامل من جميع الأراضي اللبنانية والتي تضمّنها اتّفاق وقف إطلاق النار، لكن الاحتلال لم يلتزم بالانسحاب، وواصل خروقاته وتفجيراته واستهداف المدنيين في القرى الجنوبية.
22 شهيدًا و124 جريحًا حصيلة انتزاع الأرض باللحم الحي:
في هذا الإطار؛ أفادت وزارة الصحة اللبنانية، باستشهاد الجندي في الجيش اللبناني “محمد يوسف زهور” برصاص الاحتلال على طريق “مروحين الظهيرة”، وبذلك، ارتفعت حصيلة الشهداء والجرحى نتيجة إطلاق قوات الاحتلال الإسرائيلي الرصاص في اتّجاه المواطنين والجيش اللبناني في الجنوب، منذ صباح الأحد، إلى 22 شهيدًا و124 جريحًا من بينهم 9 أطفال ومسعف في حصيلةٍ أولية.
ولفتت إلى أن الأهالي دخلوا إلى بلداتهم بمؤازرة الجيش اللبناني رغم هذه الاعتداءات، ونقلت وسائل إعلام مختلفة دخول أهالي “مدينة الخيام” بمسيرات راجلة وسيارة إلى بلدتهم، وكذا أهالي “بلدة حانين بقضاء بنت جبيل”.