حاضنة المقاومة تتوج انتصار “الطوفان” بعودة تأريخية إلى شمال غزة وجنوب لبنان

المسيرة: خاص:
مَثَّلت عودة النازحين الفلسطينيين واللبنانيين إلى قراهم ومناطقهم المدمّـرة في شمال غزة وجنوب لبنان خلال اليومين الماضيين، تتويجًا جديدًا ومشهودًا للهزيمة المذلة التي مُنِيَ بها العدوّ الصهيوني في معركة “طوفان الأقصى” والتي تم تثبيتها رسميًّا من خلال اتّفاقَي وقف إطلاق النار في الجبهتَينِ بدون تحقيق أي هدف من الأهداف التي وضعها العدوّ للعدوان على غزة ولبنان.
مشاهدُ عودةِ الآلاف من النازحين الفلسطينيين، صباح الاثنين، إلى شمالِ غزة المدمّـر تمامًا، أكملت صورة النصر الحقيقي التي لم يستطع العدوّ إخفاء انزعَـاجه من بروزها في عمليات تسليم الأسيرات من مجنداته، حَيثُ عبرت وسائل الإعلام العبرية خلال الأيّام الماضية عن صدمة كبيرة داخل كيان العدوّ بشأن ما عكسته مراسم التسليم من تماسك تنظيمي كبير للمقاومة الفلسطينية، فضلًا عن تتويج نجاح المقاومة في فرض معادلة تبادل الأسرى، وإسقاط هدف تحريرهم بالقوة العسكرية، والذي كان من أبرز الأهداف الرئيسية للعدوان الصهيوني.
وتوجّـه العودة إلى شمال غزة بالذات صفعة إضافية خَاصَّة للعدو بالنظر إلى ما تمثله من سقوط مدوٍّ وفاضح لمساعيه التي كانت تستهدف هذه المنطقة بشكل خاص، من خلال ما عُرِفَ بـ “خطة الجنرالات” التي حاول العدوّ خلال الأشهر الأخيرة تنفيذها؛ باعتبَارها خلاصة ما توصل إليه قادته كمخرج رئيسي من مأزق العجز عن الحسم، والتي كانت ترمي لتهجير سكان شمال غزة بشكل نهائي وتحويله إلى منطقة عسكرية، وهي خطة كانت المقاومة قد تمكّنت من إسقاطها عمليًّا قبل اتّفاق وقف إطلاق النار من خلال عمليات عسكرية بطولية حصدت العديد من جنود وضباط العدوّ، لتأتي عودة النازحين وتتوج ذلك الصمود بدفن آمال التهجير وتجريد العدوّ حتى من تأثير صورة الدمار الشامل التي كان يحاول من خلالها التعويض عن غياب الإنجازات الحقيقية.
الدلالاتُ نفسُها برزت أَيْـضًا في مشاهدِ عودة النازحين اللبنانيين إلى مناطقهم في الجنوب بعد انتهاء المهلة المحدّدة لانسحاب جيش العدوّ، حَيثُ جاءت هذه العودةُ بعد محاولة العدوّ التملُّصَ من التزام الانسحاب وتسريب أخبار عن اعتزامه البقاءَ في جنوبِ لبنان لفترة أطولَ، ليتفاجأ مباشرة بجموع كبيرة من اللبنانيين الذين تدفقوا إلى مناطقهم بأعداد كبيرة، واصطدموا مباشرة مع قوات الاحتلال في بعض المناطق الحدودية، ليضعوا العدوَّ أمام الواقع الذي حاول التهرُّبَ منه وهو واقعُ هزيمته في لبنان، وفشلُ كُـلّ الأهداف التي وضعها لعدوانه، بما في ذلك هدفُ تهجير اللبنانيين بشكل نهائي وإعادة تغيير خارطة جنوب لبنان بما يخدُمُ أمنَ كيان الاحتلال وطموحاته الاستعمارية.
العودةُ المتوِّجة للنصر في شمال غزة وجنوب لبنان عكست ترابط الجبهتين من عدة نواح، أبرزها أن حاضنة المقاومة فيهما صُلبة وذائبة في مشروع التحرير، وحامية للمكاسب التراكمية للمعركة، وغير قابلة للتأثر السلبي بالتضحيات، وهو ما يشكل صفعة للعدو الذي كان يعول بشكل رئيسي على استخدام تلك التضحيات كورقة ضغط على البيئة الحاضنة للمقاومة سواء في غزة أَو في لبنان.
كما عكست هذه العودة أَيْـضًا ارتباطَ مسار الجبهتَينِ فيما يتعلق بتحقيق النصر، فعلى عكس ما كان يروِّجه العدوّ وبعض وسائل إعلام أنظمة التطبيع حول اتّفاق وقف إطلاق النار في لبنان؛ باعتبَاره “تحييدًا” لجبهة الإسناد اللبنانية، أصبح واضحًا اليوم أن ذلك الاتّفاقَ لم يكن فقط انتصارًا تاريخيًّا لجبهة حزب الله فحسب، بل كان أَيْـضًا تمهيدًا عمليًّا واستراتيجيًّا واضحًا لانتصار المقاومة في غزة، من خلال وضع العدوّ بشكل مباشر أمام النهاية المسدودة لعدوانه وإجباره على إدراك واقع استحالة تحقيق أي هدف من أهدافه، وضرورة وقف الحرب والانسحاب وحتميتهما.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com