الذكرى السنوية للشهيد القائد.. محطاتٌ حسينية للأجيال القادمة

المسيرة: محمد الكامل
تحلُّ علينا الذكرى السنويةُ للاستشهاد الشهيد القائد السيد حسين بن بدر الدين الحوثي “رضوان الله عليه” صاحب الأدوار الكبيرة التنويرية والسياسية والاستراتيجية، ومحيي المشروع القرآني الذي أعاد اليمن إلى الواجهة التاريخية، وأحيا الموروثَ الثقافي والهُوية الإيمَـانية اليمنية في هذا البلد، من واقع القرآن، مصحِّحًا الثقافة المغلوطة ومواجهًا حالاتِ التبعية والارتهان للخارج وقوى العمالة، بل ولقوى الصهيونية والامبريالية والأمريكية وحالتها أَو حالاتهم التابعة لهم في المنطقة وتدخلاتهم في شؤون اليمن، والتي كانت تخضع لحكم السفارات.
واجه الشهيد القائد هذا الواقع المخزي من منطلق قرآني مصححًا المسار ومقدمًا روحه الطاهرة ثمنًا لذلك، ومن ثم تأتي ثمرة هذه التضحية العظيمة بثورة الـ21 من سبتمبر المجيدة لإحياء هذه الأُمَّــة ومسيرتها المباركة نحو التحرّر والعزة والقوة والسيادة واستقلالية القرار التي يعيشها اليمن واليمنيون.

محطة لاستلهام الدروس:
في السياق يقول المحلل السياسي محمد العابد: إن “إحياء ذكرى مناسبة استشهاد الشهيد القائد والذكرى السنوية للشهيد لها أهميّة كبيرة تكتسبها مما أسسه وأكّـده وأحياه الشهيد القائد في هذا الوطن وفي هذه الأُمَّــة اليمنية”.
ويضيف العابد في تصريحاته لـ “المسيرة”، بالقول: إن “ما كانت لتحقّق هذا الانتصار على الغرب الكافر وأمريكا وبني صهيون، وتصمد كُـلّ هذا الصمود لسنوات لولا المشروع القرآني الذي أحياه الشهيد القائد السيد حسين بدرالدين الحوثي رضوان الله عليه”.
ويؤكّـد في حديثه لـ “المسيرة”، أن اليمن أصبحت صاحبة دور إقليمي وعلى مستوى قضية الأُمَّــة المركزية ومن واقع الفكر الذي أسّسه وطرحه الشهيد القائد على أعلى مستويات إيجابية، وعملياتها لم يكن البعض يتوقعها وصولها إلى هذه المستويات.
ويتابع العابد في حديثه بالقول: “لقد أصبح اليمن هو صاحبَ الرؤية بناءً على تنفيذ توجيهات الشهيد القائد ووصاياه التي حذّرت الأمة في يوم ما من خطر أمريكا وتدخلاتها في البحر الأحمر وباب المندب ومحاولات دخولها وتدخلاتها”، مُضيفًا “ليأتي بعده السيد القائد عبدالملك بدر الدين ليكمل المسير والقضاء على التطلعات الغربية في اليمن والانتصار على كُـلّ تحالفاتهم”.
ويؤكّـد أن هذه المحطات والتحَرّكات والرؤى للشهيد القائد الذي نُفذت فيما بعد في ظل قيادة السيد القائد وهذا الشعب العظيم والحاضنة الشعبيّة ومن خلال هذه المنظومة الفكرية العظيمة التي أسسها وأرساها لكي تصل بالشعب إلى مستويات كبيرة من الوعي والثقافة والاستراتيجية وعلى المستويات الأُخرى، وفي كُـلّ الجبهات بما فيها السياسية والاقتصادية والإعلامية، وتعزيزها، وعلى رأسها الجوانب العسكرية والأمنية التي وصلت إلى ذروتها؛ لكي تعزز بقية الجبهات والجوانب.
وفي ختام حديثه لصحيفة “المسيرة”، يؤكّـد الباحث السياسي محمد العابد أن إحياء هذه المناسبة والذكرى فيه الفائدة العظيمة والدروس المستفادة عبر محطات حياة الشهيد القائد السيد حسين بن بدر الدين الحوثي، والدروس المستفادة عبر طول هذه المحطات الحسينية التي ستقف عندها الأجيال القادمة لعظمتها وأهميتها الكبيرة؛ فالإرث الذي تركه شهيدنا العظيم كبير وفيه من الدروس الكثير.

صُنَّاعُ الحياة والنصر:
من جانبه يتحدث الباحث والمحلل السياسي الدكتور أنيس الأصبحي بقوله: إنَّ “الشهيدَ الذي بشهادته أصبحت حياتُه أقوى وأشد وأكثر حضورًا، حَيثُ نراه في كُـلّ ساحاتنا وجبهاتنا ووجوه قادتنا ومقاتلينا وشهدائنا، وفي بنادقنا وصواريخنا وقذائفنا وعبواتنا، وفي دموع الأطفال، وفي صبر النساء وهم من جسدوا الصبر الأُسطوري”.
ويضيف الأصبحي في تصريح خاص لصحيفة “المسيرة” أن “الشهيد اليوم هو الذي يعبر عن ثقافة الحياة هو من يدافع ويقاوم ويضحى ويقاتل ويستشهد في وجه العدوّ الذي يحمل ثقافة الموت والدمار والخراب والاحتلال ويحمل مشروع الهيمنة والسيطرة والتسلط على بلدنا ومنطقتنا”، مُشيرًا إلى أن المشروع الصهيوني الأمريكي هو الذي يحمل ثقافة الموت؛ نظرًا للجرائم البشعة التي ارتكبت بحق العديد من شعوب المنطقة العربية والإسلامية طيلة عقود من الزمن.
ويؤكّـد الأصبحي أن الشهداء هم الذين يشكلون الحاجز المتين والقوي لحماية الدماء والأرواح والأعراض والأموال والكرامة لشعوبنا؛ فهم من يحملون ثقافة الحياة التي تعلمناها في كربلاء.
ويجدد التأكيد على أن شهداءَنا هم مدرسةٌ عظيمة، مدرسة تجسدت فيها القيم والأخلاق والمبادئ على أرقى مستوى، من خلال استذكار سيرهم، والحديث عنهم، الحديث عن كيف كانوا، كيف كان عطاؤهم، كيف كانت روحيتهم، كيف كانت أخلاقهم، ما بذلوه من جهود، يترك أثره الكبير جِـدًّا، ويبعث روحيةً عظيمةً في شباب الأُمَّــة، وفي المجتمع بشكلٍ عام، في الانشداد نحو التضحية والعطاء، ونحو تلك القيم العظيمة، التي جسَّدوها فبرز جمالها وجلالها، مُشيرًا إلى أن هذا جانبٌ مهمٌّ جِـدًّا هذه الأيّام.
وينوّه الباحث الأصبحي إلى أهميّة مناسبة الذكرى السنوية للشهيد القائد “في ترسيخ المفهوم الصحيح للشهادة، ودورها في إحياء الأُمَّــة؛ لأَنَّ البعض من المثبِّطين، والمتخاذلين، واليائسين، والمنهزمين، ومن الأعداء أَيْـضًا، يحاولون أن يقدِّموا صورةً مغلوطة عن الشهادة، ومفهوم الشهادة، وأن يصوِّروها وكأنها خسارة، وأن يحاولوا أن يفتُّوا في عضد الأُمَّــة، وأن يوهنوا من عزمها، وأن يضعفوا من قوة موقفها، وقوة إرادتها، من خلال ما قد يتحدثون به عن موضوع الشهداء والشهادة في سبيل الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”.
ويزيد بالقول: “شهداؤنا اليوم في غزة وفى لبنان وفى اليمن وفى دول محور المقاومة وفى فلسطين وفى كُـلّ منطقة هم صناع نصر وصناع حياة والذي ينشر الدمار والموت في هذه المنطقة هي أمريكا وربيبتها وأداتها ومعسكرها المتقدم كيان العدوّ الإسرائيلي”، مؤكّـدًا أن اليمن كان لاعبًا أَسَاسيًّا في كُـلّ الأحداث التي حصلت بعد السابع من أُكتوبر العام 2023، وذلك بفضل النقلة النوعية التي وصل إليها اليمن في ظل المشروع القرآني الشامل والجامع لكل مقومات النهوض.
وفي ختام حديثه لـ “المسيرة”، يشدّد الأصبحي على أهميّة وضرورة “الأخذ بعين الاعتبار في هذه المناسبة، التذكير بقدسية الموقف، وحجم المسؤولية في الوفاء لتضحيات الشهداء، ولأهداف الشهداء، والثبات على الموقف الحق، ومواصلة السير على الدرب، والتذكير بالمسؤولية تجاه أسر الشهداء، والإشادة أَيْـضًا بهم، وبعطائهم، واحتسابهم، وصبرهم، وثباتهم، ومواقفهم المشرِّفة”.
يشار إلى أن الذكرى السنوية للشهيد القائد لهذا العام، شهدت التفافًا يمانيًّا شاملًا حول هذه المناسبة، وذلك بعد توسع القاعدة الشعبيّة للمشروع القرآني؛ بفعل الأدوار التي لعبتها اليمنُ في معركة طوفان الأقصى ومعركة الفتح الموعود والجهاد المقدس، بالإضافة إلى الالتفاف العربي الواسع حول اليمن بعد المواقف المشرفة خلال الأشهر الماضية، ما جعل الكثير من المراقبين يدققون ويعيدون الحسابات والنظر في الجانب اليمني، وما هي المقومات التي أهَّلته ليصلَ إلى هذا المستوى من القوة والثبات رغم المؤامرات بكل أشكالها، ليكونَ العامل المشترك بين كُـلِّ هذه المفاصل هو المشروعُ القرآني الجامع والكفيل بإعادة الأُمَّــة إلى مكانِها الحقيقي، وليس فقط إعادة شعب بعينه أَو بلد بحد ذاته.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com