المال السعوديّ وتأثيراتُه على القرار الأمريكي.. اتّفاقاتٌ واضحة ومصالح متبادلة
عبدالجبار الغراب
كان لمعركة “طوفان الأقصى” نجاحها العظيم في كشفها لمخطّطات الحاقدين والمتآمرين، وإظهارها لمختلف الحقائق التي كانت مغيبة عن شعوب العالم الإسلامي بالتحديد، وفضحها لزيف الادِّعاءات المروجة التي طالما تغنى بها المتأسلمون والمرجفون، وإخراجها لظواهر شاهدة البيان لمواقف ثابتة واضحة للعيان أصرت دائمًا على الإسناد والوقوف بحزم لدعم غزة مهما كانت التضحيات والأثمان، كما هو حال محور المقاومة من اليمن ولبنان والعراق إلى إيران الذين ساندوا فلسطين، لتكن للمتغيرات الطارئة خلقها لظروف مختلفة، فمن اتّفاق وقف الحرب في لبنان وتغير النظام في سوريا إيجادها لأحداث جديدة قلبت المشهد كاملًا، ليستمر اليمن منفردًا على إثرها ثابتًا بموقفه المساند لغزة مستهدفًا الصهاينة بعمقهم المحتلّ بالصواريخ والمسيّرات حتى آخر لحظات دخول وقف إطلاق النار في غزة حيز التنفيذ بعد أن أكمل حصاره البحري عليهم منذ خمسة عشر شهرًا.
أحدثت -الأفاعيل المخطّطة صهيونيَّا وأمريكيَّا على معظم الدول الإسلامية وتفعيلها كواقع موجود- تأثيراتها من قبل الأنظمة العميلة -كالحكام- وباتّفاقات واضحة مع الصهاينة للقيام بالأدوار الموكلة لهم كعملاء دائمين يضمن بقاؤهم على كراسي الحكم لعقود من الزمان طالما وهم تابعين لأسيادهم خادمين لمصالحهم، لتدخل الأُمَّــة الإسلامية برمتها في منعطفات متعددة أحدثت فيها خللًا كَبيرًا واستهدافاً متعمدًا وممنهجًا كان له تأثيراته الكبرى على مختلف الأصعدة والمجالات والنواحي المتعددة، فكانت لهذه المتغيرات شأنها في تمزيق نسيج الجماعات الدينية الذي كان لاختراقها نجاح صهيوني أمريكي لتحقيق الأهداف المرسومة لهم ومنها وحدة الطقوس الدينية للمسلمين والأماكن المقدسة وحرمتها من التعدي والانتهاك، وما الاستباحات المتواصلة للمسجد الأقصى وتدنيسه من قبل الصهاينة وفتح المجالات لإقامة الملاهي والبارات واستقدام المغنيات من كُـلّ بقاع العالم إلى السعوديّة بمكانتها المقدسة إسلاميَّا خلف ورائها تحديات كبيرة ينبغي على الأُمَّــة الإسلامية بأكملها مواجهة المخاطر المحدقة بها.
كان لتشكيل الأنظمة الحاكمة وبالذات العربية وفق السيناريوهات العديدة والمخطّطة حسب قاعدة الولاء والانصياع للصهاينة والأمريكان شكلها الدائم، فسارت كُـلّ السياسات المتبعة العمياء، والأدوات التنفيذية الكاملة الولاء، والجماعات الخاضعة والمرتهنة وفق أهداف سعت لتحقيقها الصهيونية العالمية؛ فما تعمله المملكة بالمسلمين جميعًا يعد ضمن بنك أهداف متفق عليها مع الصهاينة، فالسعوديّة ونظامها لا وجود له إلا بتنفيذ أجندة خَاصَّة تقدم لهم وبنظر الأمريكان وهي ممتدة منذ نشأة المملكة واحتلال الصهاينة لفلسطين، فامتلاك الأموال والثراء الكبير التي تنعم به بعض الدول العربية تم تسخيره من قبل القادة لمصالح الصهاينة، فالمال السعوديّ الكبير وضخ هذه الأموال هو ضمن خارطة إسرائيلية تم إعدادها لأجل بث النزاعات والحروب وإدخَال الانقسامات والاختلافات بين أقطار الوطن العربي والإسلامي كلها والتي كان لها دورها المؤثر والفعال في عالمنا العربي والإسلامي في إشعال مختلف الصراعات والتي ما زالت لها تبعاتها الكبيرة.
ممارسات الصهاينة وأفعالهم الحقيرة في منع الفلسطينيين من دخول المسجد الأقصى هو نفسه ما قامت به مملكة بني سعود بمنعها للحجاج من الدخول لأراضيها قبل أعوام ومنعها للحج بدعاوى واهية وأعذار فيروس كورونا وغيرها، فالمقدسات الإسلامية تحت الاحتلال السعوديّ الإسرائيلي، وعقدهم للاتّفاقات بشنهم للعديد من الحروب على عديد الدول العربية كما حدث عن طريق الدعم للجماعات المسلحة في سوريا والعراق وليبيا وغيرها، ومنها ما هو اعتداء مباشر وتدخل سافر بشن عدوان على اليمن ولعشرة أعوام وما زالت في غيها وتآمراتها على اليمن باستمرار وذلك بشرائها للقرارات وبأكثر من 600 مليار دولار قدمها النظام السعوديّ كصفقة لإدراج جماعة “الحوثيين” اليمنية من قبل الرئيس الأمريكي الجديد القديم ضمن قائمة الإرهاب لديهم، والذي يعتبر بحد ذاته اعترافاً منهم للفشل الصهيوني الأمريكي في عدم تحقيقهم لردع اليمن عن مساندة غزة عسكريَّا، وإضافة كاملة واضحة لتيهان وشرود متوال وتخبطات سياسية أمريكية لورقة قديمة فاشلة تم تجربتها سابقًا لكيفية تعاملهم مع اليمن وشعبها وهي ما ستفشل مجدّدًا.
آهات وحسرات كاملة للشعوب الإسلامية وهم يشاهدون مواقف الأنظمة العربية المتخاذلة والصامتة لما يحدث في غزة ولأكثر من 471 يومًا لم يستطيعوا إدخَال جالون ماء واحد، وعندما يتباهى الجميع بالموقف اليمني المساند للشعب الفلسطيني والذي أدخل الفرحة إلى قلوب المسلمين لجأت السعوديّة إلى اتِّخاذ مواقفها المخزية الافتعال وبالمئات من المليارات الدولارات لدفعها للأمريكان لتصنيف اليمن ضمن المنظمات الإرهابية، ليكتمل دورها الواضح والثابت والمكشوف بأن المال السعوديّ والكيان الإسرائيلي وجهان لعملة واحدة ولترتيبات خبيثة قادمة تحاك ضد اليمنيين للإضرار بهم نتيجة موقفهم الداعم لفلسطين وانتصارهم على الصهاينة والأمريكيين، وهم على جهوزية واستعداد لصد كُـلّ عدوان.