رئيس الهيئة العامة لأبحاث علوم البحار والأحياء المائية ماهر السيد في حوار لصحيفة “المسيرة”: قانون الاستثمار الجديد.. خطوةٌ هامة نحو تحقيق النهضة الاقتصادية

قال رئيس الهيئة العامة لأبحاث علوم البحار والأحياء المائية، ماهر السيد: إن “الجمهورية اليمنية تشهَدُ تحولًا كَبيرًا يتسمُ بالتغيير والإصرار على التقدم نحو المستقبلِ الأفضلِ، متجاوزة كُـلّ التحديات والصعاب”، مُشيرًا إلى مساعي حكومة التغيير والبناء للوصول إلى تحقيق استراتيجية واضحة لتطوير وتنمية قطاع الثروة السمكية بطريقة مستدامة.

وأوضح السيد خلال حوار لـ “المسيرة” أن قانونَ الاستثمار الجديد الذي أصدرته الحكومة يمثل نقلة نوعية لليمن في جانب الاستثمار ودعم الاقتصاد الوطني لا سِـيَّـما للقطاع السمكي، معتبرًا أن القطاع يحتل المرتبة الثالثة من حَيثُ الأهميّة الاقتصادية وهو يقدم وعودًا وآمالًا كبيرة لتحقيق التنمية الاقتصادية في البلاد.

ولفت إلى بعض المصاعب التي تواجه هذا القطاع الواعد، مستعرضًا بعض الحلول العاجلة التي يمكن بها تجاوُزُ المصاعب الراهنة في ظل استمرار حالة العدوان والحصار الأمريكي البريطاني السعوديّ الإماراتي.

وتطرق السيد إلى جُملة من الجوانب ذات الصلة، تستعرضها صحيفةُ “المسيرة” في نص الحوار تالياً:

المسيرة: حاوره أيمن قائد

 

– بداية هلَّا حدثتنا عن الأهميّة البالغة للقطاع السمكي ودوره في دعم الاقتصاد الوطني؟

يحتل القطاع السمكي المرتبة الثالثة من حَيثُ الأهميّة الاقتصادية ويساهم بمعدل 1.7 % من إجمالي الناتج المحلي للبلاد ويعتمد أكثر من مليون شخص بشكل مباشر على الصيد كمصدر رئيسي للدخل “يعولون 3 ملايين شخص”؛ ولذا فَــإنَّ هذا القطاع يقدم وعودًا وآمالًا كبيرة لتحقيق التنمية الاقتصادية في البلاد، ومن المتوقع أن يلعب دورًا حيويًّا في توفير الأمن الغذائي للمواطن اليمني أينما وُجِد ودعم الاقتصاد اليمني لصالح الفقراء من خلال خلق فرص عمل وتنويع مصادر الدخل والإسهام في تحقيق أهداف التنمية الاقتصادية بصورة عامة مع حلول عام 2025م.

وتتميز اليمن بشريط ساحلي يصل طوله إلى أكثر من 2500 كم الذي يتمتع بموائل ساحلية متنوعة و185 جزيرة بحرية وغابات المانجروف والشُّعَب المرجانية ومياه مثمرة عالية الإنتاجية في البحر الأحمر والبحر العربي وخليج عدن؛ ولذلك تسعى حكومة البناء والتغيير في إطار برنامجها العام إلى الوصول لتحقيق استراتيجية واضحة لتطوير وتنمية قطاع الثروة السمكية بطريقة مستدامة وإيجاد إدارة متكاملة انطلاقا من حقوق واحتياجات الأجيال الحالية والقادمة؛ وباعتبارها أحد القطاعات الرئيسية التي تعول عليها الحكومة كَثيرًا للمساهمة الفاعلة في التنمية الاقتصادية.

 

– وماذا عن الموقع الجغرافي لليمن؟ وكيف يمكن استغلال هذا الموقع في تعزيز الاستثمار السمكي؟

نظرًا لما لقطاع الثروة السمكية من أهميّة بالغة في الاقتصاد الوطني ومساهمته الفاعلة في الناتج المحلي الإجمالي وتوفير فرص عمل لآلاف الأشخاص وفي الأمن الغذائي وتلبية احتياجات السوق المحلية من المنتجات السمكية المتنوعة وزيادة في حجم الصادرات اليمنية وتحقيق عائدات مالية كبيرة في حجم الإيرادات؛ فقد كان لموقع اليمن الجغرافي على مفترق الطرق البحرية بين آسيا وإفريقيا وأُورُوبا والسيطرة على مضيق باب المندب، الذي يربط البحر الأحمر بالخليج العربي، أهميّة بارزة في تعدد وتنوع الثروة السمكية والصيد البحري الذي يعد أحد أهم العناصر الاقتصادية والجوهرية في الجمهورية اليمنية والتي تعتمد على إنتاجية البيئة البحرية في المجال البحري اليمني، والذي تشكل الخصائص الطبيعية البحرية والبشرية الفريدة عن غيرها من دول المنطقة.

والموقع الاستراتيجي البحري اليمني في البحر الأحمر وخليج عدن والبحر العربي وأرخبيل سقطرى هو هبة الله العزيز القدير كونه يقع في مناطق جُرف قارِّيٍ وأعماق متوسطة وقليلة وعميقة على طول الساحل اليمني الغربي والجنوبي والشرقي، إضافة إلى امتلاك اليمن العديدَ من الجزر اليمنية في البحر الأحمر والألسنة والخلجان الصغيرة؛ الأمر الذي أكسب اليمنَ ثروةً سمكية متنوعة ومواسم متواصلة طوال العام، ففي الوقت الذي يغلق فيه موسم معين في البحر الأحمر يفتح في البحر العربي وهكذا، وهو الأمر كذلك الذي يجعل التحضيرَ والتصنيع السمكي والتصدير، ومعظم المجالات الاستثمارية تتميز بنشاط اقتصادي متواصلٍ طوال السنة.

 

– ما هي أكثرُ المنتجات السمكية طلبًا في الأسواق المحلية والدولية؟

يعتبر الأمن الغذائي وتخفيفُ فاتورة الاستيراد أهم محور أَو هدف من أهداف حكومة التغيير والبناء ووفقًا للرؤية الاستراتيجية لقطاع الثروة السمكية 2012م – 2025م تحقيق الاستخدام الأمثل للثروة السمكية، من خلال زيادة الإنتاج دون التأثير على المخزون السمكي، نجد أن الإحصائيات الحالية تشير إلى وجود انخفاض في إنزال الأسماك خلال السنوات العشر الماضية، ولعل هذا الانخفاض يرجع بشكل أَسَاسي إلى العدوان الظالم والحصار الجائر التي تمر بها البلاد والأضرار الكبيرة التي لحقت بقطاع الثروة السمكية، وكذلك لعدم توثيق إحصائيات الأسماك في بعض المحافظات الساحلية في “عدن – حضرموت – شبوة – أبين – لحج – حجّـة – تعز – سقطرى”.

وتعتبر أكثر المنتجات السمكية التي تطلبها الأسواق المحلية اليمنية هي: (ثمد، زينوب، شروه، ديرك، سخلة، هامور، لخم، جحش، بياض، باغة، عيد، ريش اللخم، قُــد، ناقم). وغيرها من الأنواع المنتشرة في المياه اليمنية.

أما ما يطلبه السوق المحلي من القشريات: (شروخ، جمبري، أبو مقص)، ومن الرخويات (الحبار).

 

– بخصوص قانون الاستثمار الجديد الذي تم إصداره مؤخّرًا من قبل حكومة البناء والتغيير، ما هي الحوافز التي يوفّرها هذا القانون للمستثمرين في القطاع السمكي؟

تشهد الجمهورية اليمنية تحولًا كَبيرًا يتسم بالتغيير والإصرار على التقدم نحو المستقبل الأفضل؛ إدراكًا منها بما تواجه من تحديات اقتصادية وتنموية داخلية وما تواجه من تحولات اقتصادية في مختلف القطاعات، ومن أجل مواجهة هذه التحديات الكبيرة داخلية أَو خارجية، فقد بدأت الجمهورية اليمنية بخطوات عملية في استقطاب الاستثمارات الوطنية والأجنبية المختلفة؛ ومن أهم هذه الخطوات هي الحوافز الاستثمارية العامة، تمثلت في إعفاءات (جمركية وضريبية) وحوافز خَاصَّة تمثلت في أراضٍ أَو مواقع إنشاء المشاريع، سواءٌ أكانت في المناطق الصناعية والزراعية والسمكية والتنموية والتخصصية والاقتصادية والمجمعات الإنتاجية أَو خارجها.

بينما تمثلت الحوافز الإضافية في حوافز زيادة في سنوات الإعفاء من الرسوم الجمركية وضريبة الأرباح؛ فقد منح قانون الاستثمار رقم (3) لسنة 1446هـ في الفصل الثاني المادة 16، 17، وَ18، 19، 20، 21، 23 حوافز ومزايا للمشاريع الاستثمارية سواءٌ أكانت صناعية أَو زراعية أَو سمكية أَو ثروة حيوانية، والتي من أهمها إعفاءاتٌ جمركية وضريبية للموجودات الثابتة بنسبة 100 % للمشاريع السمكية التي تقل أَو تساوي (مِئة ألف دولار إلى 100 مليون دولار)، والإعفاءُ من كافة أنواع ضرائب الدخل طوال عمر المشروع يبدأ من تاريخ بدء الإنتاج /النشاط، وإعفاءات من الرسوم الحكومية على التراخيص والموافقات والتصاريح عند تأسيس المشروع وطول عمرة، والانتفاع المجاني بالأرض طوال عمر المشروع، وإعفاءات لمدخلات الإنتاج طول عمر المشروع بنسبة 75 %، وتمليك الأرض بأقساط إيجابية سنوية موزعة على (خمسَ عشرَةَ سنة) تبدأ من تاريخ بدء الإنتاج / النشاط للمشاريع الإنتاجية بمنشآت ثابتة، وإعفاءات جمركية، وضريبية الأرباح للمشاريع التي تقوم بإنتاج الخامات الصناعية والسلع الغذائية الأَسَاسية وصناعة الأدوية والمستلزمات الطبية وصناعة النسيج والملبوسات وصناعة مستلزمات الإنتاج الزراعي والحيواني تتراوح من (25 % إلى 100 %) ولمدة خمس سنوات.

 

– من الملفت ضمن مزايا قانون الاستثمار وجود نافذة واحدة في تسهيل إجراءات الاستثمار السمكي، هل بالإمْكَان التوضيح أكثر بهذا الشأن؟

إن تسهيل إجراءات منح الموافقات والتراخيص الاستثمارية لا شك أنه سيسهم في تسهيل إجراءات الاستثمار من خلال “النافذة الواحدة” التي تعني توفيرَ نقطةٍ واحدة للتعامل مع جميع الإجراءات والتراخيص اللازمة للاستثمار وتشمل عدة فوائدَ رئيسية مثل تقليل التعقيدات والبيروقراطية الإدارية، وتوفير الوقت لإكمال الإجراءات؛ مما يسمح للمستثمرين بالبدء في أنشطتهم بسرعة، وتحسين الشفافية بتوفير معلومات واضحة ومحدّدة حول الإجراءات والمتطلبات، وتقليل التكاليف المرتبطة بالإدارة والتراخيص، وتعزيز الكفاءة والخبرة لدى المعنيين بالاستثمارـ والتقليل من الحاجة إلى زيارات متعددة للمؤسّسات الحكومية.

كما تتميز النافذة الواحدة بعدد من الفوائد الاقتصادية والتقنية التي من أهمِّها جذبُ الاستثمارات، وتطويرُ الاقتصاد بما يسهمُ في نموِّه من خلال زيادة الاستثمارات، وتوفير فرص العمل في مختلف القطاعات، وتوسيعِ المنافسة.

وأيضا هناك مزايا إلكترونية تتيح إمْكَانية تقديم الطلبات والوثائق إلكترونيًّا، وَالتحقّق التلقائي من البيانات والوثائق، والاستجابة السريعة لطلبات المستثمرين، والتحديث والتبسيط في الإجراءات.

 

– ما هي أبرز التحديات التي تواجه الاستثمار في القطاع السمكي؟

يواجه القطاع الخاص عددًا من الصعوبات والتحديات وما يزال تعترض مزاولته لنشاطه؛ فهناك معوقات تتعلق ببيئة الأعمال مثل استمرار العدوان الأمريكي السعوديّ الإماراتي على بلادنا، وغلق منافذ التصدير البرية والجوية والبحرية، وإطالة فترة الحصول على الموافقات والرخص، وتأخير خروج ودخول السفن من والى ميناء الحديدة والذي أَدَّى إلى تحميل المصدِّرين أعباء مالية ثقيلة مقابل رسوم الميناء، وَتأخير استلام الحوالات البنكية؛ بسَببِ غياب البنك الوسيط بين اليمن والدول المستوردة، وَارتفاع تكاليف النقل البحري؛ بسَببِ زيادة رسوم التأمين، وارتفاع تكلفة النقل البري وزيادة فترة الوصل لمنفذ الوديعة.

وهناك معوقات تتعلق بالتمويل والبنوك والمصارف؛ ما يصعِّبُ الحصولَ على السيولة النقدية والتسهيلات الائتمانية، بالإضافة إلى معوقات أُخرى تتعلق بالتسويق الداخلي والخارجي مع ارتفاع أجور النقل الدولية والتأمين في زمن العدوان، وارتفاع أسعار المشتقات النفطية والغاز والكهرباء، مع صعوبة مرور البضائع عبر المنافذ البرية (الوديعة).

 

– ختامًا.. ما هي الجهود المبذولة لتحسين البنية التحتية للموانئ والمرافق السمكية؟

لقد عانى قطاع الثروة السمكية من عدة مشاكلَ وتحدياتٍ في بنيته التحتية “موانئ الصيد ومراكز الإنزال السمكي” وتكبد مبالغ باهظة؛ نتيجة الاختيار الخاطئ وَغير العلمي عند تحديد مواقع إنشاء موانئ الصيد ومراكز الإنزال السمكي، فَـموانئ الصيد ومراكز الإنزال السمكي من أهم البنية التحتية التي توفر المكان الأمن والمهيأ لرسو قوارب وسفن الصيد التي تحميها من العواملِ البحرية والجوية، معززًا بكواسر خرسانية ضد عوامل التقلبات المناخية، وتساهم في تشجيع الصيادين على تكوير سفنهم وقواربهم، وبالتالي يكون التأثير إيجابيًا على مردودية صناعة الصيد، وتوفير البيئة المناسبة لقيام نشاط سمكي لإنزال المنتجات السمكية وتسويقها وتصنيعها وحفظها، وتقديم خدمات متكاملة للصيادين وتجهيز المراكب بالوقود والمياه العذبة والمؤن، وأدوات الصيد.

لذا فقد حرصت وزارة الزراعة والثروة السمكية والموارد المائية مؤخّرًا من خلال مشروع دراسة ميناء الصيد الجديد والمواقع المستقبلية الاستثمارية والتنموية عند إنشاء موانئ الاصطياد أَو مراكز الإنزال السمكي التركيز والاعتماد بشكل أَسَاسي عند اختيار مواقع البنية التحتية على عدد من المعايير الإقليمية والدولية خَاصَّة وأن اختيار المواقع عملية صعبة ودقيقة للغاية، حَيثُ تترتب عليها نتائجُ مستقبليةٌ كبيرة؛ لذا تم إعداد دليل المعايير بدقة لتسهيل عمل فريق المسوحات الميداني لتصميم خرائط المعايير والتحقّق الميداني من بيانات الأقمار الاصطناعية وقياس العوامل التي تؤثر إيجابًا أم سلبًا على نجاح المشروع وجمع بيانات العوامل والمخاطر البيئية للمواقع وتحليلها لمعرفة مدى ملائمة المواقع للمشاريع السمكية المستقبلية.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com