قادتُنا شُهداء على طريق القدس

 

خلود همدان

بعد حياة حافلة بالتضحية والجهاد في سبيل الله سبحانه وتعالى، تنعى المقاومة الإسلامية حماس ثلة من خيرة قادتها ورجالها، الذين بذلوا دماءهم وأرواحهم في سبيل الدفاع عن أقدس قضية وفي أعظم معركة عرفها الشعب الفلسطيني معركة “طوفان الأقصى” المقدسة، التي ارتقى فيها شهداء من أبرز النخب والوجوه السياسية والقادات العسكرية الفذة التي واجهت المشروع الصهيوني بكل تفانٍ وثبات، حاملين راية الجهاد، متسلحين بثقافة الاستشهاد والذود عن الأرض والعرض والقدس.

وفي هذا الفاصل الزمني الذي يحمل في طياته الكثير من الأحداث والمؤشرات التي تنبى باقتراب الوعد الإلهي المحتوم تحَرّك هؤلاء المجاهدين العظماء بكل إرادَة وعزيمة وفجروها ثورة كبرى وأعلنوّها حربًا ضروساً في وجه المحتلّ والغاصب ومضوا ليقطعوا جذر تلك النبتة الخبيثة والغدة السرطانية التي تنمو في جسد الأُمَّــة وتنخر في عظم الدين والمقدسات.

بذلوا دماءهم بكل قناعة واطمئنان فداء للأقصى ودفاعًا عنه ومسحوا غبار الظلم وغسلوا عار الصمت والخنوع، وتحرّروا من أغلال التبعية وسلاسل الوصاية وسجون الهزيمة، عازمين على إخراج هذا الكيان المؤقت اللقيط من كُـلّ شبرٍ في الأراضي الفلسطينية.

ومن غرف العمليات أَو ساحات المنازلة والاشتباكات صعدت أرواحهم الزكية نحو الحياة والخلود الأبدي بعد أن أبلوا بلاءً حسنًا في كُـلّ ميادين الصراع مع هذا العدوّ المجرم، فلم تكن دماء القادة وأرواحهم أغلى من دماء المستضعفين من الأطفال والنساء الذين جرعهم العدوّ الصهيوني مرارة العيش وشرد بهم وقتل كُـلّ معالم الحياة لديهم.

إن استشهاد القادة كان بمثابة التكريم الإلهي لهم بعد ما أثخنوا بالعدوّ الصهيوني الأرعن ونكلوا به أيما تنكيل وكان يوم السابع من أُكتوبر هو بداية لنهاية الكيان ونهاية للزمن المظلم تحت سقف العمالة والانبطاح، وبداية لثورة النور في وجه الضيم، وتحقيقاً وتصديقاً للوعد الإلهي المحتوم، فلم تنته هذه الثورة ولا هذه المعركة بسقوط قادتها في ميدان المواجهة، بل تتزود من دمائهم إقدام وصلابة على مواصلة المسير بكل شجاعة واستبسال.

فلن يستطيع العدوّ فت عضد هذه الأُمَّــة باغتيال قادتها ولا كسر إرادتها ولا إرباكها وإزاحتها من مسرح الصراع؛ لأَنَّ هذه المسيرة والثورة لا ترتبط بأشخاص ولا بقائد ولا بساسة أَو خبراء أَو عسكريين بل كُـلّ واحد منها ارتبط بالحبل الوثيق والحصن المنيع بالله العزيز الحكيم.

فتحَرّكوا مُقبلين غير مُدبرين وكان استشهادهم نصرًا بذاته وارتقائهم يرفع من مستوى الصبر والثبات والإصرار على مواصلة طريق المقاومة، والتطلع إلى تحرير القدس والأقصى، وإقامة الدولة الفلسطينية الحرة المستقلة، ومحاسبة كُـلّ من عاثوا الفساد بالحق الفلسطيني وانتقامًا للثكالى والأيتام الذين فتك بهم هذا المحتلّ المجرم.

شهداؤنا القادة ألهموا أمتهم قوة وعزة وتركوا لهم الراية لمن بعدهم وخلفوا من بعدهم إرث عظيم ترتشف منه الأجيال قوة الصبر والبذل في سبيل الله سبحانه وتعالى، وخلدوا سيرتهم في موسوعات الأبطال الذين لم يرضخوا للطغيان ووقعوا بدمائهم الزكية الطاهرة وثيقة الثبات على المبدأ وعدم التخلي عن الهوية والقضية وأعادوها إلى الصدارة بعد إن كانت على حافة الانهيار.

فطوبى لكم أيها الصادقون في منزل صدق عند مليك مقتدر، وإنّا لله وإنّا إليه لراجعون، وللقدس إنّا لقادمون.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com