الرئيس الصماد قائدٌ ورجل دين لا يموت
فاطمة السراجي
في خضم الصراعات العميقة والتحديات التي مر ويمر بها اليمن، يبرز اسم الشهيد الرئيس صالح علي الصماد كرمزٍ خالد للثبات والمقاومة، كقائدٍ جمع بين السياسة والإيمان وجعل من عقيدته الدينية بوصلة له في كُـلّ خطوة يخطوها. لم يكن مُجَـرّد رئيس في مواجهة العدوان، بل كان قائدًا مُلهمًا ورجل دين ضحَّى بحياته ليظل اليمن في قلب معركة الحق. رحيله لم يكن نهاية القصة، بل بداية لفصلٍ جديد في جهاد الشعب اليمني، ليظل اسمُه محفورًا في ذاكرة المجد كأحد أعظم القادة في التاريخ.
الصماد لم يكن رئيسًا تقليديًّا، بل تجسيدٌ حيٌّ للرجل الذي لا يفصل بين الدنيا والآخرة، بين السياسة والدين. كانت مواقفه تُظهر أن القيادة ليست مُجَـرّد إدارة لشؤون دولة، بل هي مسؤولية أخلاقية ودينية تحتم عليه الوقوف في الصفوف الأمامية دفاعًا عن وطنه، بل وعن المبادئ التي آمن بها. لقد جمعت رؤيته بين فكر القائد الصارم وحكمة رجل الدين الذي يسعى لإرضاء الله ويُسير شعبه وفقًا لتعاليم دينه.
في وجه العدوان، لم يقتصر الصماد على كونه قائدًا في المعركة، بل كان مرشدًا روحيًّا لأبناء شعبه، مشعلًا يضيء لهم الطريق في أحلك الأوقات. كان يراهن على إرادَة الشعب، ويثق أن النصر لا يأتي إلا بالصبر والجهاد في سبيل الله. كانت كلماته تشحذ الهمم وتعيد الأمل في نفوس الشعب الذي كان بحاجة إلى قائدٍ يربط بين السماء والأرض، وبين الجهاد في سبيل الله وحب الوطن.
وعلى الرغم من فداحة الفقد، فــإنَّ دماء الصماد الطاهرة لم تذهب سدى. بل أصبحت شعلة تضيء درب اليمنيين نحو النصر. استشهاده لم يكن نهاية، بل كان بداية لمرحلة جديدة من النضال والصمود. فقد خلّف وراءه إرثًا عظيمًا في قلب كُـلّ يمني، وترك بصمته على طريق الحرية التي اختارها شعبه.
لقد كان الصماد رمزًا لقيادة غير تقليدية، قيادة لا تعتمد على القوالب الجاهزة، بل على الرؤية العميقة والواضحة للمستقبل. في كُـلّ خطوة كانت تؤخذ، كانت تزداد عزيمته وصلابته، ويثبت للعالم أن اليمن لا يمكن أن يُقهر. كان دائمًا على يقين بأن النصر هو حليف الحق، وأن الشعب الذي يملك إرادته لا يمكن للعدوان أن يهزمه.
مع استشهاده، ظن البعض أن طريق المقاومة قد يضيق، لكن الحقيقة أن دماءه الزكية التي روت الأرض جعلت من اليمن أكثر إصرارا على المضي في طريق الحق.
كانت شهادته بداية لمرحلة جديدة من النضال، حَيثُ لا يمكن للظلم أن ينال من عزيمة شعبه الذي ما زال يحمل رسالته في كُـلّ لحظة. رحيله لم يكن نهاية، بل كان إيقاظًا لروح الجماهير التي أصرّت على استكمال المسير.
عندما نتحدث عن الشهيد الصماد، فــإنَّنا لا نتحدث عن مُجَـرّد شخص، بل عن مشروع كامل من الوطنية والمقاومة. كانت رؤيته تمثل الشعب كله، ورسالته ألهمت أجيالا لتفهم أن الحق لا يموت، وأن النصر لا يتحقّق إلا بالصبر والتضحيات. في كُـلّ خطوة كان يسيرها، كان يزرع الأمل ويؤكّـد أن اليمن سيظل صامدًا مهما كانت التحديات.
اليوم، ووسط كُـلّ التحديات التي يواجهها اليمن، يظل صالح علي الصماد في الذاكرة الحية للشعب.
لم يكن فقط قائدًا سياسيًّا، بل كان رجل دين جمع بين العلم والحكمة، بين الروحانية والقيادة.
إرثه لا يزال ينبض في كُـلّ زاوية من زوايا هذا الوطن، فدماؤه التي سُفكت في سبيل الله وفي سبيل حرية الشعب اليمني، تظل نبراسًا للأجيال القادمة.
سيظل الشهيد صالح علي الصماد أُسطورة حية في تاريخ اليمن، قائدًا ورجل دين لا يموت، ورؤيته وتضحياته تظل تسري في شرايين اليمنيين.