الصمَّاد.. الرئيسُ الإنسان

لينا حمزة

الرئيس الشهيد كان نموذجًا رائعًا للرئيس المجاهد الذي لا يرى نفسه إلا خادمًا لشعبه ووطنه، حَيثُ استطاع أن يقنع الآخرين بأُسلُـوبه الراقي وحُجته الواضحة البليغة، فكانت تحَرّكاته وخطاباته مؤثرة في كُـلّ فئات الشعب، وحساسة في مرحلة حساسة بالتأكيد، فكان لها أبلغ الأثر.

أول رئيس في تاريخ اليمن الحديث والمعاصر يعتلي المنبر خاطبًا بكل طلاقة وثبات.

فكان الصماد بروحه المجاهدة الوثابة مثالًا للرجل الصادق مع الله ومع نفسه ومع شعبه، حَيثُ انعكس ذلك على كُـلّ طوائف الشعب لما حظي به من الانفتاح والعلم وسعة الاطلاع.

ومن خطاباته: ”مهما كانت التحديات ومهما بلغت قساوة العدوان والحصار فــإنَّ أمام شعبنا فرصةً تاريخية لاستعادة دوره الريادي في المنطقة فشعب واجه العالم بكل عزة وإباء يمتلك من العزيمة والإرادَة الصُّلبة ما تذوب له الجلامد وهذه الأحداث والتآمر والعدوان ستمنح شعبنا مناعة ضد أية تحديات مستقبلية؛ فمخزون الإرادَة والصمود الذي امتلكه أبناء اليمن رجالا ونساء في كُـلّ الميادين رافد لا ينضب وسيأتي اليوم الذي ينحني العالم إجلالًا وإعظامًا لهذا الشعب العظيم“.

بمثل هذه الكلمات كان الشهيد الرئيس يذكي روحَ الصمود في قلوب أبناء الشعب يرفع معنوياتهم ويعزز روح العزة والثبات، وبهذه الروح مضى الصماد في جهاده ثابتا صالحًا صامدًا شامخًا بكل صدق واقتدار، ثباتٌ يستمد القوةَ من الحق ومن الثقة بالله، ومن مظلومية شعبنا وحقه في الدفاع عن قضيته العادلة. وهَـا هي ذكرى استشهاد الشهيد الرئيس صالح الصماد تحل علينا وقد حلت روحه في قلب كُـلّ يمني غيور محب لدينه وشعبه ووطنه، مجدّدًا فينا روحه الطاهرة الوثابة بكل معاني العزة والتحَرّك في ذات النهج الذي خطته يد الشهيد عملًا وعطاء صورة حية متجسدة في مشروعه العملي تحت شعار (يد تبني ويد تحمي).

ونحن اليوم نستذكره ونحيي مواقفه العظيمة ونستلهم منها دروس العزة، ونعرج على خطاباته فهي بوصلة تحدّد مسارنا نحو النصر، فقد برز الرئيسُ الشهيد صالح الصماد واخترَقَ قلوبَ اليمنيين بشخصيته وأخلاقه وتواضعه ورؤيته العميقة في تحقيق السيادة والحياة الرغيدة لشعبه، منطلقًا من إيمانه والتزامه الديني، وذلك في مرحلة خطيرة وحساسة من تارِيخ اليمن، وهو يعلم بأن الأعداء مترصدون لروحه الطاهرة، ولكنه فتح فصلا من فصول المواجهة الدائرة في اليمن ضد العدوان المُستمرّ على هذا البلد، وضع شرف الشهادة نصب عينيه، فكان دومًا متواجدًا بين شعبه وبين جيشه وفي جبهات الدفاع، كان اليد التي تدافع وتحمي في معركة اليمن ضد قوى العدوان، وفي الدولة قائدًا لمعركة البناء والصمود مدشّـنًا مشاريع بناء الدولة، وتحَرّكا وتحديا وجهادا في وجه العدوّ الغازي.

– ثم هو في كُـلّ خطابات ولقاءاته لا ينسى من لهم الفضل في تصدر قائمة الصمود والمواجهة من رجال الله العظماء من أبناء الجيش واللجان الذين كان يرفع لهم التحية والإجلال فهم رجال الرجال المرابطين في جبهات القتال والذين ما زالوا يسطرون ملاحم الصمود والتضحية في كُـلّ شبر من أرض اليمن الطاهرة، وهو يشد على أيديهم بمواصلة مشوار التحدي حتى تحقيق النصر المؤزر مؤكّـدًا أن القيادة والشعب يدًا بيد جنبًا إلى جانب المجاهدين المرابطين حتى يكتب الله لشعبنا النصر والعزة والسؤدد.

أما خيار السلام؛ فهو الخيار الوحيد لشعبنا، وهذه رسالة الصماد وتوجّـهه الذي كان لا يألوَ جهدًا في تكراره في كُـلّ لقاء ومناسبة، فقد كان رجل سلام من الطراز الأول باعتداله ودعوته المُستمرّة لكل القوى في الداخل والخارج، فما زال “يطالب بالتئام فرقاء العملِ السياسي والحزبي على طاولة الحوار للخروج بحلول شاملة ومنصفة لكل الأطراف واستنادًا إلى قاعدة لا غالب ولا مغلوب فالمنتصر الوحيد هو وطننا جميعًا”، وكان دائمًا يبدي استعداده وترحيبه بكل المبادرات والتحَرّكات في سبيل إحلال السلام.

الشهيد الصماد ومن موقعه في الرئاسة هو القائد الرئيس والمجاهد العامل المنطلق بالقرآن في كلماته المواجه المقارع لقوى الشر والطغيان في تحَرّكه، فهذا المجاهد الذي لم يتوقف يومًا منذ توليه رئاسة المجلس السياسي الأعلى حمل على عاتقه هم وطن في ظروف صعبة آملا أن يخرجه من عنق الزجاجة سالما، وجدناه يزور المجاهدين في مختلف الجبهات متحديا العدوّ في عمق أراضيه شامخا بكل شجاعة واستبسال، متواضعا مع المجاهدين حَــدّ أن يعلن أمامهم وأمام العالم مقولته الخالدة: ” إن مسح الغبار عن نعال المجاهدين أشرف من كُـلّ مناصب الدنيا، وأن دماء الرئيس والمسؤول ليست أغلى من دمائهم الشريفة الطاهرة “.

مثّل الشهيد الرئيس حالة ومرحلة فريدة قد لا تتكرّر، ولكنها ستبقى خالدة حية في قلب كُـلّ إنسان حر.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com