ترمب ومحاولة تهجير سكان غزة

 

د. فؤاد عبد الوهَّـاب الشامي

استغل العدوُّ الصهيوني ما حدث في 7 أُكتوبر 2023م وشن على غزة عدواناً غاشماً، ووضع من أهم أهدافه تهجير سكان قطاع غزة من مدنهم ومخيماتهم إلى خارج القطاع، وكان العدوّ يعتبر التهجير حلماً يراوده منذ زمن طويل، وغالبًا ما كان قادة الكيان الصهيوني يردّدون أن الأردن هو الوطن البديل للفلسطينيين الساكنين في القطاع أَو في الضفة الغربية، وخلال معركة طوفان الأقصى ارتكب العدوّ الصهيوني كُـلّ الجرائم التي يمكن أن ترعب الفلسطيني وتدفعه إلى ترك قطاع غزة باحثًا عن مكان آمن، ولكن لم يتمكّن العدوّ من تحقيق أهدافه برغم تهديم ما يقارب من 90 % من مباني القطاع واستشهاد وجرح أكثر من مِئة ألف إنسان، إضافة إلى آلاف المفقودين، وهذا يعتبر عددًا مهولًا في حروب القرن الواحد والعشرين، وخلال العدوان لم يتردّد العدوّ في قتل الأطفال والنساء وكبار السن والأطباء وعمال الإنقاذ وموظفي المنظمات الإنسانية وغيرهم، ولكن كُـلّ ذلك لم يؤثر على تمسك سكان غزة بأرضهم ووطنهم.

وبمجيء ترمب رئيسًا لأمريكا أعاد طرحَ موضوع تهجير سكان غزة من أرضهم عندما طلب من الأردن ومصر استقبالهم وتهيئة الظروف لاستقرارهم في تلك البلدان، وبرغم إعلان البلدان رفضهما القاطع لتهجير الفلسطينيين من أراضيهم إلَّا أن ترمب ما زال مصراً على رأيه، ويعلم الجميع في العالم العربي أن الأردن ومصر لن تستطيعا الصمود أمام ضغط ترمب، لكن الرهان في إفشال مشروع الرئيس الأمريكي هو على الفلسطينيين سكان غزة والضفة الغربية المتمسكين بأرضهم ووطنهم ولن يتركوا ذلك مهما كانت المغريات؛ لأَنَّهم عرفوا ماذا يعني ترك الوطن وعرفوا المعاناة التي يعيشها اللاجئ خارج وطنه بعد أن مروا بتجربة مريرة عام 1948م عندما تركوا مدنهم وقراهم في أراضي 48 ونزحوا إلى مخيمات في غزة والضفة الغربية والدول المجاورة على أمل أن يعودوا بعد انتهاء الحرب، ولكن الزمن طال ولم يتمكّنوا من العودة إلى مدنهم وقراهم التي تركوها خلفهم.

ونتيجةً لوعي الفلسطينيين فسوف يفشل ترمب في مساعيه لإخراجهم من أراضيهم؛ ليسَ بسَببِ رفض الدول المعنية، ولكن؛ بسَببِ صمود الشعب الفلسطيني وتمسكه بأرضه برغم الظلم والاضطهاد الذي تعرض له خلال أكثر من سبعين عامًا على أيدي العصابات الصهيونية المدعومة من أمريكا وحلفائها.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com