العدوانُ الامبريالي لتطويقِ الثورة الشعبية
أنس القاضي
يستشعرُ بنو سعود ورطتَهم في تَزَعُّـــمِ العُدْوانِ على اليمن، لكن صُنَّاعَ الحرب العُدْوَانية لا يريدون وقفها! فالإمبرياليةُ العالميةُ لمصالحها الاستعمارية لا تقاتل نُصرةً لحليفٍ ووفقاً لما يقرّره واقعُ حليفها إن كان يجب أن تستمر الحرب أم تتوقف، فحروب الامبريالية إضافة لكونها نصرةً لحُلفائها وركائزها الاستعمارية، فهي بالدرجة الأول فرضٌ وتكريسٌ لنمط هيمنة استعماري ودفاعٌ عنه؛ فما يبدوْ ظاهراً عُدْوَاناً على اليمن كبلد، هوَ أكبر من ذلك فهو بالأساس محاولة للقوى الاستعمارية لضرب تجربة ثورة شعبية تحررية وطنية -لا انقلاب رجعي على السُلطة في هذا البلد-، إذ أنها ثورة واضحةٌ في نهجها السياسي التقدمي من حيث كونها معاديةً للاستعمار بشكلَيه القديم والجديد ومعاديةً للصهيونية وبآفاقٍ قومية وأممية، فلذا توحّد الإمبرياليون والدكتاتوريون في المنطقة والعالم ضدها، وحدَهم خطرها ويتجنبون تأثيراتها على الحركات الثورية والشعوب المضطهدة، ويتخوفون أن تكون بداية مد ثوري في المنطقة في العصر الراهن تستثير حمية الشعوب المضطهدة ونزعتها للحياة وتستثير وحسها القومي، وخاصةً أن الظروف الاجتماعية للشعوب مهيأة لانتفاضات وثورات شعبية، فالحكام الدكتاتوريون في أعتى استبدادهم، والتدخلات الأمريكية والغربية في أوضح وأوقح صورها.
وتدرك الامبرياليةُ بالتجربة التأريخية أن حصارَ كوبا لما يزيد عن نصف قرن لم يَحُدْ من تأثيرها الثوري، وجعلها ملهمةً تحررت معها غالبية دول أمريكا اللاتينية، فلذا تحاول الإمبريالية الأمريكية والأطلسية بما أمكن أن تقضي على الثورة اليمنية وأن تساوم معها ومعها طليعتها الكفاحية وتحرفها عن نهجها ومبادئها، وأن تركع النظام الوطني المقاوم في سوريا بعد العجز عن تغيره، وأن تصفّي القضية الفلسطينية، فصمود الثورة اليمنية والمقاومة العربية، يُلهم ملايين الناس كُلّ يوم.
يقولُ زعيمُ الثورة البلشفية الروسية فلادمير لينين الذي واجهت ثورته عُدْوَاناً إمبريالياً بعد فترة وجيزة من نجاحها، وكانت العُدْوَان عليها للحد من تأثيرها على حركات التحرر الوطنية في العالم وعلى الحركات العمالية، باعتبارها أول ثورة أنجزت حلم العمال والكادحين وأثبتت أن استيلاءَهم على السُلطة وبنائهم دولة للمستضعفين أمرٌ ممكن، كما هي ثورتنا اليوم تُبت أن التمكين للمستضعفين ولجماهير الكادحين أمرٌ واقعي التحقيق وليس مجرد وعد غيبي يعتد به المؤمنون. يقول لينين: “إن الثورة لا تصبح ذات معنى إلا عندما تعرف كيف تحمي نفسها سَياسياً وَاقتصادياً وأيديولوجياً، وتحمي نفسها باستخدام القوة المسلحة، تحمي نفسها من الثورة المضادة بالداخل ومن الامبريالية العالمية، فبدون مساندة الامبريالية العالمية فإن الثورة المضادة في الداخل لا تستطيع الاستمرار بأي حال من الأحوال”.
وثورتُنا الشعبية اليَمنية، عرفت كيف تحمي نفسها، وكيف تحمي أجهزة الدولة المتهالكة، وتحمي النسيج الاجتماعي لشعب الثورة وما هذا العُدْوَان الامبريالي للقوى الاستعمارية والرجعية في العالم إلا دليلٌ على نجاحها، ولم يكن حملُ السلاح لهفةً وراء الموت، وشَغَفاً بالحرب، بل ضرورة وحتمية، ومهمة قامت بها الجماهير اليمنية، في مواجهة العُدْوَان الخارجي، وفي مواجهة الثورة المضادة الداخلية للمنافقين المُرتزقة ركائز الاستعمار، والذين لن يستمروا بدون دعم المُعتدين فلا يُقاتلون أصالة عن أنفسهم بل تبعية للمعتدين، وسيسقطون معه، لا ريب.