من موقع مسؤوليتنا.. على العهد يا صمّاد

 

بشرى خالد الصارم

من بني معاذ إلى الأقصى ظهر رجل المسؤولية وقضت مسيرته الجهادية إباءً وجهادًا، عطاءٌ قابله الله بعطاء، وتضحية أثمرت عزًّا وانتصارًا وثبات، رجل كان جل اهتماماته القضية الفلسطينية والقدس، وقضايا الأُمَّــة الإسلامية بجانب قضيته الوطنية،

في الذكرى السابعة من استشهاد الرئيس الشهيد صالح الصماد سلام الله عليه، نستذكر تفانيَ وعطاء هذا الرجل العظيم الذي قدم حياته قربانًا لهذا الوطن، في ظل امتداد العدوان إلى هذه الفترة، وفي ظل الحروب الست كذلك، فقد قدم نموذجًا رائعًا عن التضحية والجهاد في سبيل الدفاع عن الوطن، وعن مشروع المسيرة القرآنية وكذلك عن أهداف ثورة الـ21 من سبتمبر المجيدة.

تبوأ ووصل الشهيد الرئيس إلى هذه المكانة السياسية لرئيس مجلس السياسي الأعلى ونال ثقة القيادة، فيما كان يمتاز به من كفاءة وقدرة وخبرات وَأَيْـضًا أخلاق وقيم، ومن تمسكه بمرجعية القرآن الكريم والأحاديث الذي كان يجسدها واقعيًّا بأعمال منهجية صحيحة واثقة مستمدة من منهجية المسيرة القرآنية الذي تربى وترعرع على يد الشهيد القائد السيد حسين البدر رضوان الله عليه، فقد كان شغوفًا في حب الوطن والتضحية في سبيل الدفاع ومواجهة أعداء الله ورسوله المتربصين بهذا الوطن الذين سعوا في الأرض الفساد، والتصدي لكل تلك المؤامرات والدسائس التي كان يحيكها التحالف، وكنا نشاهده سلام الله عليه يصول ويجول كُـلّ المناطق والجبهات العسكرية برًا وبحرًا، ويلتمس هموم ومشاكل المواطنين في آن واحد، فقد كان قريبًا من كُـلّ أبناء الشعب اليمني بكل فئاته وشرائحه، حَيثُ كان يقوم بعمل دؤوب في النزول الميداني لمؤسّسات الدولة وقطاعاتها ومتابعة خطوط التنمية وعملية التصنيع والإنتاج الحربي والعسكري، والتحديث لقوات المسلحة اليمنية، الذي دشّـنها في العام 2016م-2017م من جانب القوة الصاروخية والطائرات المسيرة وُصُـولًا إلى التأهيل والتدريب، ثم إلى كُـلّ الجوانب الهامة التي تعيد للوطن قيمته وصدارته لأن يكون خير أُمَّـة أخرجت للناس كما قال الله عنها في كتابه.

كان لدية خبرة سياسية جاذبة فريدة من نوعها ميزته عن غيره من السياسيين التي جعلت جميعَ أبناء الشعب اليمني يلتفون حوله بمختلف أطيافه وأحزابه، خبرة مستوحاة من المنهج الرباني والرسالي الفريد، مما جعل حكام الرياض والدول الخليجية الأُخرى تسعى جاهدة إلى إيقاف هذا الرجل واستهدافه بأبشَع الطرق الغادرة والعدائية، فلم يكن استهداف الشهيد الصماد استهدافًا لشخصه، وإنما استهداف للمسيرة القرآنية التي كان يحملها في قلبه وتحَرّكه ومسؤوليته وتنقله، فهو كان الشخص السياسي المحنك، والثقافي الجدير، والخطيب الفذ، والمعلم القُدوة، والأب الحنون، والابن البار لوطنه ولشعبه، والرجل الغيور المجاهد على أرضه وعرضه ووطنه، قدَّم نموذجًا راقيًا لكل تلك الخصائص، وعاش عزيزًا شامخًا ومضى حاملًا روحَه على كفه، وكفنه على كتفه، لم يكن يأبه بملذات السلطة ومغرياتها، ولم يكن يغتر بموقعه ومكانته، فهذه الأمور كما قال عنها لا تساوي مسح التراب على نعال المجاهدين الثابتين في الخنادق والمتارس.

رسم طريقة منهجية كريمة حقة بمشروعه العظيم «يد تبني ويد تحمي» فلم تكن اليمن مزدهرة بالبناء والتصنيع والمشاريع الإنشائية كما كانت في فترة توليه زمام الحكومة والشعب، منهجية ما زالت يعتمدها الشعب اليمني وحكومته وجميع مؤسّساته في وضعٍ يُخلّد به مسيرته الجهادية المعطاءة، ومشروعه التنموي البنائي والتأهيلي وأصبحت منهجية أَسَاسية تقوم عليها الدولة بكل مؤسّساتها وقطاعاتها ودوائرها.

كانت نظرة جهاده تمتد إلى ما بعد الدفاع عن الوطن لتصل إلى الأقصى الشريف وللقدس وللأراضي الفلسطينية المحتلّة واسترجاع كُـلّ شبر فيها، لذلك حمل روحية الجهاد المقدس وبدأه من خلال اهتمامه بالتصنيع العسكري والحربي تطلعًا منه لنقلة عسكرية نوعية تشهدها القوات المسلحة اليمنية ويشهد لها كُـلّ دول العالم، لدكّ معاقر اليهود والمحتلّين الإسرائيليين، وما قد وصلنا له اليوم من انطلاقة طائرات صماد وصواريخ صماد1 و2 و3 إلا نتيجة جني ثمار بذوره التي غرسها واهتم بها ثم سقاها من دمائه الطاهرة والزكية لتثمر عزًّا ونصرًا مرتسمة بمساندة طوفان الأقصى في «معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس» في البر والبحر، وما قدمته القوات المسلحة نصرة وإسنادًا للشعب الفلسطيني إلا إكمال لمشروعه التعبوي والجهادي الذي بدأه.

ونحن اليوم وفاءً لدمائه الطاهرة الزكية ومن موقع مسؤوليتنا نحن على عهده صامدون، وعلى مشروعه ثابتون ومُستمرّون، فلنا أيدي تبني وتنمي وتنشئ وكذلك لنا أيدي تحمي وتعد وتدافع وتنصر فلك العهد منا يا أبا الفضل بأننا على دربك ثابتون، فلن تكون دماؤنا أغلى من دمائك، ولا أرواحنا أغلى من روحك الطاهرة.

فلله درك يا صماد عشت صامدًا شامخًا واستشهدت مقدامًا ثابتًا شامخًا، سلامٌ لك يا صماد يا خير من صمد.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com